بقلم: سليمان جودة
خلط الأوراق بعضها ببعض فى المنطقة لا حدود له، وبالذات منذ أعلنت إسرائيل حربها الوحشية على قطاع غزة، وفى المقدمة من هذا الخلط ما تقوله إيران فى ملف هجمات الجماعة الحوثية على سفن الشحن العابرة فى البحر الأحمر.
تستطيع أن ترى ذلك فى حديث حسين أمير عبداللهيان، وزير الخارجية الإيرانى، عن الضربات التى قامت بها الولايات المتحدة وبريطانيا مع دول أخرى ضد الحوثيين فى اليمن، ردًا على هجماتهم التى ألحقت ضررًا كبيرًا بحركة الملاحة والتجارة فى البحر.
فالاستهداف الأمريكى البريطانى كان للحوثيين تحديدًا، وكانت الضربات موجهة إلى مواقع حوثية عسكرية على وجه التحديد، وكان الهدف منها وقف الاعتداء على السفن، لأن حركة التجارة العالمية تتضرر منه كل يوم.
لا علاقة إذن لليمن كدولة بالموضوع، والضربات الأمريكية البريطانية لم تكن على اليمن، ومع ذلك فالوزير الإيرانى يطلب وقف الاعتداء على اليمن!.. وهو طبعًا لا يعنيه اليمن، ولكنه يتخذه مجرد ستار، لأن ما يعنيه فى الأصل هو الحوثى الذى يتخذ اليمن منصة يقوم من فوقها بهجماته.. بل إن الحكومة اليمنية لم توافق على هجمات الحوثى منذ البداية، وأعلنت منذ اللحظة الأولى أنها ضدها، وأن ما يمارسه الحوثى لا يمثل اليمنيين.
وفى مرحلة ما قبل الهجمات الحوثية، كانت الحكومة الإيرانية لا تتحدث فيما يخص اليمن إلا عن الجماعة الحوثية، وكان كل دعمها موجهًا ولايزال إلى هذه الجماعة، وكانت الجماعة ولاتزال تتغول على اليمنيين وتمنع الحكومة من دخول العاصمة صنعاء.
والجماعة تصور هجماتها على أنها تضامن مع قطاع غزة، وتقول إن هدف الهجمات هو وقف الحرب على القطاع، وهذا غير صحيح فى حقيقته، لأن الهدف هو تحقيق مكاسب سياسية لإيران فى الإقليم، ولا هدف آخر بخلاف ذلك حتى ولو أقحموا غزة فى الموضوع.
وعندما يتحدث وزير الخارجية الإيرانى بهذه اللهجة فهو يخاطب الرأى العام العربى والإسلامى، ويصور بلاده أمام قطاعات الرأى العام على أنها تقف إلى جوار اليمن ضد الضربات الأمريكية، وتقف مع غزة ضد العدوان الإسرائيلى.
وهو بذلك يحاول ضرب عصفورين بحجر واحد.. ولا أظن أن هذا سينطلى على الناس فى المنطقة، لأنه لم يحدث من قبل أن جرى ضبط إيران متلبسة بالوقوف إلى جوار اليمن كبلد لكل أبنائه، لا للحوثيين وحدهم، ولا حدث أن جرى ضبطها متلبسة بتقديم شىء عملى للفلسطينيين فى عمومهم، سواء كانوا فى غزة أو فى الضفة.
إيران تتاجر سياسيًا بموقفها تجاه البلدين، وهذا ما يستطيع أن يراه كل متابع لو أنه دقق النظر فى مضمون الموقف الإيرانى وفى تفاصيله.