الجبهة السابعة أهم

الجبهة السابعة أهم

الجبهة السابعة أهم

 صوت الإمارات -

الجبهة السابعة أهم

بقلم: سليمان جودة

المشهد أمامنا حافل بالتفاصيل في الملعب السوري، وما يتجلى فيه أمام العيون ليس هو كل المشهد، ففي الخلفية امتدادات لا بد أن نستحضرها ونحن نحاول أن نفهم.

من بين هذه الامتدادات خطاب كان بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة التطرف في تل أبيب، قد ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أثناء اجتماعاتها السنوية هذه السنة. كان الخطاب يوم 27 سبتمبر (أيلول) الماضي، وفيه كان نتنياهو قد أمسك بخريطة في يده، ثم راح يمرر أصابعه فوقها وهو يشير للحاضرين إلى مواقع يخوض بلده معارك فيها.

كانت حرب الإبادة التي تقودها حكومته على الفلسطينيين في قطاع غزة في ذروتها، وكان هو قد وقف يقول إن الحرب ليست في القطاع وحده، كما قد يبدو الأمر للوهلة الأولى، وإنما هي على خمس جبهات أخرى بخلاف جبهة غزة. كانت الجبهات الخمس كالتالي كما ذكرها: جبهة أولى مع الحوثيين في اليمن، وجبهة ثانية مع الفلسطينيين في الضفة الغربية، وجبهة ثالثة مع «حزب الله» في جنوب لبنان، وجبهة رابعة مع جماعات موالية لإيران في سوريا، ثم جبهة خامسة وأخيرة في بلاد الرافدين مع جماعات موالية لإيران أيضاً.

ومن الواضح أنه خاض من بعدها ويخوض حرباً مباشرة على جبهات غزة، والضفة، وجنوب لبنان. أما على جبهتي سوريا والعراق، فالحرب عليهما حرب غير مباشرة أو شبه مباشرة. هذا ما نجده إذا استرجعنا تصريحاً له قبل سقوط نظام حكم بشار الأسد بأيام، أو تابعنا زيارته مع وزير دفاعه يسرائيل كاتس، إلى هضبة الجولان المحتلة في اليوم نفسه الذي سقط فيه الأسد.

أما لماذا هي حرب مباشرة أو شبه مباشرة؟ فلأن حربه على هذه الجبهة ليست مع سوريا نفسها، ولكنها مع الوجود الإيراني فيها أو هكذا تظهر. ولا ينفصل عن هذا المعنى ما كان هو قد قاله في تصريحه قبل سقوط الأسد عندما حذر الحكومة في دمشق من اللعب بالنار، وعندما قال صراحةً إن بشار سوف يدفع ثمن هذا اللعب بالنار.

ولم يكن المتابعون في حاجة إلى بذل جهد كبير ليتبينوا ما يقصده، وقد كان القصد أن سوريا يجب ألا تكون أرضاً لخطوط إمداد إيرانية إلى «حزب الله» في الجنوب اللبناني.

كانت الدولة العبرية تعمل على أساس إبعاد النفوذ الإيراني في المنطقة عن حدودها الشمالية مع الدولة السورية، وكان من الواضح أن هذا لن يتم في وجود حكومة الأسد في دمشق، لأن ارتباطاته بالحكومة الإيرانية قديمة ومتأصلة، حتى ولو كان قد بدا مؤخراً أنه يحاول التخلص من السطوة الإيرانية عليه أو التخفف منها على الأقل.

فالارتباطات متأصلة وممتدة من أيام الأسد الأب، وليس من السهل قطع الطريق عليها في يوم وليلة، ولا بد أن إسقاط حكومة الأسد الابن بهذه الطريقة التي لم تستغرق أي وقت، كان وراءه عمل كبير جرى خلف الأستار والأبواب. فليس من الطبيعي أن يتوالى سقوط المُدن السورية في أيدي «هيئة تحرير الشام» بهذه السرعة، ولا من الطبيعي أن يبادر الجيش السوري إلى تسليم كل مدينة تدخلها قوات الهيئة.

وعندما ذهب أبو محمد الجولاني، رئيس «هيئة تحرير الشام»، إلى الجامع الأموي يوم سقوط حكومة الأسد، فإنه قال كلاماً كثيراً، ولكنَّ جملةً واحدة فيه كانت هي التي تخص تل أبيب. أما الجملة فهي أن من بين خطايا حكم الأسد أنه ترك سوريا نهباً للأطماع الإيرانية.

هذا معناه أنه لن يكرر هذا الأمر، ومعناه أن الزمن الذي كانت فيه الأراضي السورية مزرعة للأطماع الإيرانية -على حد تعبيره- قد ولّى، وأن سوريا اليوم ليست سوريا التي تسمح بوجود إيراني زائد على أرضها. وهذا بالطبع مما يريح حكومة نتنياهو جداً، وهذا كذلك ما يقول لنا إن الحرب التي قصدها رئيس الحكومة الإسرائيلية وهو يتحدث عنها على الجبهة السورية، ليست من الضروري أن تكون حرباً بالمعنى التقليدي للحرب.

يكفي أن تكون حرب إجلاء للوجود الإيراني في سوريا، ويكفي أن تكون الحكومة الجديدة في دمشق ذات توجه مختلف في هذا الموضوع.

الحروب الست التي تكلم عنها أمام الجمعية العامة حروب جبهات متفرقة ومتنوعة، وإذا كان هذا التغير الدرامي على الجبهة السورية واحداً منها، فالمعنى أنها حروب ممتدة عبر الزمان والمكان معاً، وإذا كان التغير الذي طرأ على الجبهة السورية قد لاحت بوادره بعد الهدنة في جنوب لبنان بيومين اثنين، فليس من الواضح أي جبهة سوف تنفتح عليها الحرب بعد الجبهة السورية، ولكن الأوضح أن نتنياهو يتحرك على الجبهات الست بنشوة عجيبة تُنسيه أن للشعوب في المنطقة رأياً آخر، وهو ليس بالضرورة رأي الحكومات التي تقيم علاقات معه، وربما تكون هذه هي الجبهة السابعة الأهم، التي يغفل عنها رئيس حكومة التطرف وهو يُعدِّد جبهاته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجبهة السابعة أهم الجبهة السابعة أهم



GMT 06:29 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

عند الصباح: «حَيدروش»

GMT 06:28 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

عند الصباح: «حَيدروش»

GMT 06:27 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ساركوزي في قفص القذافي

GMT 06:26 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

نعم يا سِتّ فاهمة... الله للجميع

GMT 06:25 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

المجتمعات المعنفة!

GMT 06:24 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ثورة الاتصالات والضحايا السعداء

GMT 06:24 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماسك... رئيس الظل أم الرئيس المشارك؟

GMT 06:23 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

لبنان يستسلم لاختيار عون!

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates