مفكرة القرية كنّاس الطبيعة

مفكرة القرية: كنّاس الطبيعة

مفكرة القرية: كنّاس الطبيعة

 صوت الإمارات -

مفكرة القرية كنّاس الطبيعة

بقلم - سمير عطا الله

ها هو يطل. لا يخطئ في مواعيده. يكشف عن نفسه قليلاً قليلاً. تتساقط ورقة صفراء ذابلة، وتلحق بها أخرى. ثم تتعرى أشجار البلوط دفعة واحدة. وتهر أوراق العرائش فتحملها الريح، أو تدفعها دفعاً نحو جدران الجلول، حيث تتجمع كومات بائسة تخاف أن تنقلها الرياح إلى أمكنة بعيدة، «كنّاس الطبيعة». هكذا يسمي الفلاحون شهر أكتوبر (تشرين الأول). وبعد قليل، سوف تتحول الريح إلى عواصف، والعواصف إلى زوابع، وتتكاثر السحب الآتية من وراء الجبال، ويملأ الضباب البارد رثاث الأودية، ويبقى الصنوبر وحده شامخاً بخضرته يردد التعاويذ في صوت عالٍ، ومن دون توقف.

يكرر ذلك في هدير عميق كي لا يصيبه ما أصاب شجر الحور من شحوب ووهن. وما بين هدير الصنوبر وحفيف الحور، تختلط الأصوات الخائفة، وتُصاب البلابل بالجزع، وتستعد الطيور للسفر، مودَّعةً صيفها الجميل.
كان اللورد بايرون يسخر من قصائد وودثورنز في الطبيعة. لماذا؟ لأن بيرون الكبير شاعر الحواس والحسيات والمدن، ولا يعرف شيئاً عن جمالات الطبيعة. أحبّ المدن والبندقية. والقرى لا تحب الشعراء الكبار في أي حال. تفضّل عليهم شعراءها البسطاء وقوّالي الزجل. وتأخذ منهم الحِكَم والأمثال، تاركةً لأهل المدن فلسفات شكسبير وخيباته بالبشر، وحذره المرضي من ضعف النفس البشرية.
في قلب هذا المشهد؛ صنوبر صلب، وحور متساقط، وهمس الصمت، وعواء الريح، وذعر الطيور، وانكسار البلوط الحزين، يعلن تشرين حسم الفصول، كأنه ملاكم أسقط خصمه بضربة واحدة. ومع إعلانه الصريح، يبدأ البرد قليلاً، ونسمع صوت المطر يهطل على التلال، مؤذناً بهطوله القريب هنا، وتنشط النسوة في نقل الحبوب إلى الداخل، مؤونة الشتاء، حيث تأوي إلى الداخل كل أشياء الحياة.
وتوضب أمي، على ضوء القنديل، فوق الرفوف الصغيرة التي سوف تقرأ لنا منها هذا الشتاء، وصوتها جميل إذا حكت أو إذا غنّت. وأحياناً تبكي وهي تغني، فأسألها لماذا تبكي وهي تغني؟ فتغمرني، ونبكي معاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية كنّاس الطبيعة مفكرة القرية كنّاس الطبيعة



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:42 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013

GMT 07:41 2013 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

بدء المرحلة الثانية من مساكن "وادي كركر"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates