مفكرة لشبونة «الحمة» أقدم أحياء العرب

مفكرة لشبونة: «الحمة» أقدم أحياء العرب

مفكرة لشبونة: «الحمة» أقدم أحياء العرب

 صوت الإمارات -

مفكرة لشبونة «الحمة» أقدم أحياء العرب

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

اليوم الرابع في جوار فرناندو بيساوا، في مقهى «برازيلييرا». مثل «الترام»، شيء يشبه ساحة البرج في بيروت القديمة. مقاهٍ ومخازن وأناس تذهب في اتجاهات مختلفة. وهندام البرتغاليين والبرتغاليات أنيق وبسيط. مظاهر يُسرٍ لا ثراء فيه. وأمس ذهبنا إلى منطقة «الفامة» أقدم الحارات هنا. «الفامة» مأخوذة من «الحمة» العربية، لأنها كانت في الماضي مصحاً من المياه الحارة. لكن العرب لم يبقوا هنا طويلاً، كما أسلفت. نحو قرنين من ثمانية قرون الأندلس. وتركوا البرتغال تغامر في البحار والمحيطات بحثاً عن الذهب والبهارات والعطور، من الهند إلى البرازيل. حتى عندما قامت ثورة 1974 ضد الديكتاتورية سُميت «ثورة القرنفل»، لأن الثوار وزّعوا القرنفل على الجيش. وبعدها أعلنوا أيضاً نهاية الوجود الاستعماري في أفريقيا، وعادت القوات البرتغالية إلى البلاد. عاشت لشبونة عقوداً طويلة في ظل الديكتاتورية، وكانت المعارضة غير دموية. وذات عام خطفت مجموعة من الضباط باخرة ركاب لكي تلفت النظر إلى قضيتها. لكنّ المسافرين عوملوا بأرقى ما يمكن. ونُقل ركاب الدرجة السياحية إلى الدرجة الأولى. وفي تلك المرحلة كان المخرج السوري مصطفى العقاد قد اشتهر في هوليوود. فقلت له إن قصة الباخرة تصلح لفيلم جميل.
وقال لي يومها إن أي فيلم ليس فيه عنصر أميركي، محكوم بالفشل في شباك التذاكر، ولذلك، عندما تم إنتاج فيلم «غاندي»، أُقحمت فيه حكاية مراسلة أميركية لا وجود لها في الحقيقة.
غاندي الذي قَدِم من جنوب أفريقيا ليصبح بطل الحرية في الهند. هل تعرف من عاد من جنوب أفريقيا إلى بلاده أيضاً؟ صاحب هذا التمثال البرونزي إلى جانبي، فرناندو بيساوا، الذي بعد وفاة والده وهو في الخامسة من العمر، تزوجت أمه من قنصل البرتغال في جنوب أفريقيا، حيث كان أهم ما حدث له دراسة الإنجليزية وإجادتها. إنها اللغة الأخرى التي سوف يكتب بها، وسوف تفيده في عمل الترجمة عندما يعود إلى حيث وُلد في لشبونة، ليصبح 136 كاتباً باسم مستعار، وأحد أبرز شعراء القرن العشرين في العالم.
في المقدمة التي وضعها بيساوا «لكتاب الاضطراب»، قال يصف نفسه: «لم يرغمه أحد على أن يفعل أي شيء. عاش طفولته وحيداً. لم ينتمِ مطلقاً إلى أي جماعة. لم يتبع أي دراسة منهجية. مثل كثيرين غيره كان يميل إلى العزلة».
لذلك، طالما تسكع وحيداً في شوارع لشبونة حيث تنقل في 15 غرفة مستأجرة في أحيائها. المكان الذي لم يغيّره هو كرسيه على رصيف «برازيلييرا». المقهى الذي كان يأتي إليه الشعراء والفنانون الآخرون. وإليه يأتي السياح من أنحاء العالم كل يوم. كل 5 دقائق يمر شخص ما ليلتقط صورة تذكارية إلى جانب بيساوا ويذهب. هناك شخص واحد يبقى واقفاً طول النهار كاشفاً عن ساقه المريضة. متسول من الذين طغوا على كل ما كُتب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة لشبونة «الحمة» أقدم أحياء العرب مفكرة لشبونة «الحمة» أقدم أحياء العرب



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates