الدولة قبل العِلم

الدولة قبل العِلم

الدولة قبل العِلم

 صوت الإمارات -

الدولة قبل العِلم

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

في الامتحانات الكونية الكبرى مثل هذه، الأهميّة الأولى ليست لرجل العِلم، بل لرجل الدولة. صحيح أن العلم سوف يعثر على العلاج، لكن رجل الدولة سوف يسرع إلى الوقاية والحماية ويتخذ القرار الشجاع، الذي يبدو للعامة خطأ وضعفاً.
قمة العشرين في الرياض هي قمة الحكمة والمسؤولية. ولو لم تتخذ المملكة تلك القرارات القصوى في الداخل أولاً، لما حق لها أن تستظل قمة أهم عشرين دولة في العالم للبحث في مواجهة هذه المحنة العالمية الكبرى. الحقيقة أنه فيما أهملت دول العلم، مثل أميركا وبريطانيا، المسارعة في قرار الاحتماء، تصرفت ثلاث دول عربية كأرقى ما تكون المسؤولية، وهي السعودية والأردن والكويت، حيث بدأت الإصابات الأولى. وأقدم عبد الله الثاني على إعلان الطوارئ الكاملة، ونزل إلى الشوارع بنفسه، للتأكد من أنه لا أحد يسلم نفسه إلى الوباء وبلده إلى المصيبة.
لن ينسى الأميركيون لدونالد ترمب أنه لم يدرك مبكراً مدى خطورة «الفيروس الصيني». ولن ينسى البريطانيون لرئيس حكومتهم أنه تبنى في البداية نظرية المواجهة، بترك الوباء يحدد نقاط الضعف المعرضة للإصابة. تصور أن تعرِّض أمَّة بكاملها للتجربة والاختبار. إن مسؤولية السياسي العظيم ليس أن يسترعي محبة الناس، بل أن يحيطهم بمحبته، وأن يكون أباً صارماً، لا ضعيفاً مسترضياً. فالاسترضاء في نفسه مرض هو أيضاً.
أكدت قيادة المسلمين للعالم أن العِلم ليس نقيضاً للإسلام. ومن مكّة والأزهر صدرت قرارات العزل ومنع التجوّل. وهكذا فعلت سائر الديانات والمعتقدات، خصوصاً الممثلة جميعاً في قمة العشرين. العلم في حاجة أولاً إلى خطوات مسؤولة ورجال مسؤولين. تبعات «كورونا» ليست صحية فقط. لن يبقى حقل من حقول الحياة خارج تداعياته. حتى صناعة المساحيق تضررت. حتى مدارس الأطفال. ما من حركة من حركات المجتمع الدولي إلا وشُلَّت جزئياً أو كلياً. وقد انكمشت مصاريف الناس لأن أحداً لا يدري على أي حالة اقتصادية نحن مقبلون. وإلى متى سوف يظل الأثر قائماً. وهذا كان الهدف الأول من قمة العشرين. أي مواجهة المضاعفات والآثار التي لا حدود لها. فكيف يخرج المجتمع الإيطالي، أو الإسباني من هذه المأساة اللجوجة التي تضربه بلا هوادة كل يوم؟ مع أي نوع من المشاعر سوف يحيا أولئك الذين قتل لهم «كورونا» أماً أو أباً، ومنعهم من حضور جنازته؟
إن المأساة كالجرح يظهر حجم ألمها عندما «تبرد». لقد ذكَّر «كورونا» البشرية بمدى عطبها. ولم يزرع فيها الموت والخوف فقط، بل هددها بالمجاعات. وفيما كان يُقال إنه عدو المتقدمين في السن، راح يحصد الأطفال والشبان. وبدل أن تقوم أزمة قمح وخبز، قامت أزمة أجهزة تنفس صناعية. قلب قواعد الصحة والمرض والغنى والفقر والضعف والقوة. ودفعت الثمن الأقسى الشعوب التي في ظل الأنظمة المكابرة.
كانت في رسالة مفتي لبنان الشيخ مصطفى دريان، في مناسبة الإسراء والمعراج، بلاغة وروحانية وصفاء عظيم. غير أن ركيزتها كانت «الدولة المعاصرة».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدولة قبل العِلم الدولة قبل العِلم



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates