الاختلاف جبراً

الاختلاف.. جبراً

الاختلاف.. جبراً

 صوت الإمارات -

الاختلاف جبراً

السعد المنهالي
بقلم - السعد المنهالي

إننا نقبل الاختلاف، ونعتبره إضافة نوعية لنعيش حياة متنوعة فيها الكثير من الثراء والتجدد، حياة ممتلئة بكل الأضداد، لكن الحقيقة الفعلية أننا غير ذلك في المطلق، فأغلب مشاكلنا في الحياة نابعة من أن الأمور لا تسير على هوانا وكما نرغب بها. أعلم ذلك عن نفسي تماماً، وأدرك حقيقته في أي يوم أجد فيه الأمور تذهب إلى غير ما أرغب به مع أشخاص أتعامل معهم وأقدرهم جداً.

إن قبول الاختلاف له أشكال أبعد من قبول ذوق زميلي في العمل المتباين ناحية الألوان التي يجب أن نستخدمها في تصميم صفحة ما، وأشد تعقيداً من تفهمي الأخلاقي لتوجيهات أصدقائي الفكرية ناحية قضية رأي عام لا تتوافق مع توجهاتي. صحيح أن لقبولنا اختلاف الآخر شكلاً أخلاقياً علينا اتباعه إذا أردنا الوصول إلى أسمى درجات الرقي الإنساني، ولكن هل فكرنا يوماً أن وجودنا الإنساني نفسه قد يكون مهدداً في حالة قبولنا ذلك؟!

إن قبول اختلافاتنا مع الآخرين لا يعني أبداً أن نجبر أنفسنا بذلك المختلف، حتى لو أدى بنا ذلك إلى أوضاع لا نقبلها، وليس لا نفضلها فقط. والفرق بين الحالتين كبير. أن لا نفضل أمراً يعني أننا لا نضعه ضمن أولوياتنا، ولكننا قد نقبل به. أما أننا لا نقبله، فهذا يعني أنه من ضمن الأمور التي نعتقد أنها تهدد راحتنا وصحتنا العامة! وهذه حقيقة ثبتت بالبرهان العلمي. فما نفضله ونقبل عليه له علاقة عضوية بجيناتنا، كالأذواق في الطعام، والألوان في الأشياء، وحتى الروائح في كل ما هو حولنا، بل وحتى في نوعية ما نستسيغ سماعه من أصوات. إننا عندما نرفض أمراً أو على أقل تقدير لا
نستسيغه، فهذا يعني أن ذلك يعود إلى دفاعاتنا الطبيعية التي تعمل وقت وجود عوارض خارجية قد تهدد سلامتنا، وهذا ما يجعلنا لا نجد مبرراً لماذا نرفض ذلك الطعم أو هذا اللون أو تلك الرائحة، ونقبل على غيرها التي تجعلنا في توافق أكثر مع ذواتنا؟

لهذا الأمر علاقة وثيقة بقبول الاختلاف لدى الآخرين، فقراراتهم حول تفضيلاتهم وما يكرهون نابع من أسباب لا علاقة لهم بها، إنما خلقوا بها، ولم يدركوا هم ذلك كما لم ندركها نحن. وعليه يجب أن نقبل بحالهم كما هو-غير مضطرين مشاركتهم إياه- وأن نقلل من صدمتنا وخيبات أملنا معهم كونهم مختلفين، وهو الشيء ذاته الذي عليهم أيضاً العمل به.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاختلاف جبراً الاختلاف جبراً



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates