في الانتخابات البلدية اللبنانية لبّ أزمة التعايش
آخر تحديث 20:30:32 بتوقيت أبوظبي
الأحد 4 أيار ـ مايو 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

في الانتخابات البلدية اللبنانية... لبّ أزمة التعايش

في الانتخابات البلدية اللبنانية... لبّ أزمة التعايش

 صوت الإمارات -

في الانتخابات البلدية اللبنانية لبّ أزمة التعايش

بقلم : إياد أبو شقرا

وسط انشغال العديد من اللبنانيين وأشقائهم وجيرانهم بالهموم الوطنية والإقليمية الكبرى، ينهمك قطاع لا بأس به من اللبنانيين، هذه الأيام، بحكاية جانبية... قد تبدو تافهة مقارنةً بالأخطار الوجودية التي تتهدّد شرق العالم العربي.

فخلال مايو (أيار) المقبل ستنظم في لبنان الانتخابات البلدية والاختيارية (أي انتخابات «المخاتير» أو «العُمُد» وفق المُسمى المصري). ومن العاصمة بيروت، إلى أصغر القرى والدساكر وأقصاها، ثمة حمى انتخابية تشكّل - محلياً، ومؤقتاً على الأقل - عامل إلهاء مؤقت عن الهموم المعيشية الضاغطة والأوضاع الأمنية المقلقة.

هنا تنزع العشائرية المتأصِلة في النفوس عن وجوه اللبنانيين واللبنانيات كل مساحيق النفاق «التعايشي». وتكشف أمامهم عن حقيقة قدرتهم - كغيرهم من أبناء وبنات بيئاتهم «المشرقية» - على تغطية انقساماتهم الدينية والمذهبية والعشائرية والعائلية... ثم «تغليفها» بأغلفة تدّعي الانفتاح والتسامح.

اللبنانيون وإخوتهم «المشارقة»، وبالأخص، الذين زايدوا وحاضروا لعقود عديدة بالتحرّر والتآخي والتقدمية، ربما كانوا في حينه مقتنعين بالشعارات التي رفعوها... وقتل بعضهم في سبيلها.

ربما، لكن الأحياء منهم يدركون اليوم أن «الطبع يغلب التطبّع»، وأن بداخل كل منهم هوية فئوية تظهر عند أول استفزاز، وتبرّر تخلّفها أمام كل نوبة خوف.

شعارات «ليبرالية» و«تقدمية» كثيرة تبنّتها الجماعات المُستنيرة في منطقتنا، منذ العقود الأخيرة من عهد الدولة العثمانية أيام «الحركة الدستورية» وجماعات الإصلاح الديني والاجتماعي، ومروراً بالنظامين العالميين اللذين أفرزتهما الحربان العالميتان الأولى والثانية ثم «الحرب الباردة».

إلا أننا مع عودة «الأحادية القطبية» عبر هيمنة واشنطن، وفشل تطبيق نماذج عدة من الحكم الاستقلالي، شهدنا تراجعاً في جاذبية «الليبرالية» وصدقية «التقدمية»، بدءاً من «العالم الثالث» الذي عانى من هيمنة الراديكاليات العسكرية والتوريثية... ووصولاً إلى صعود اليمين المتشدد - النقدي Monetarist Right أولاً... والعنصري لاحقاً - في أوروبا وأميركا.

الواقع أن آفة العصبية القبلية جزءٌ لا يتجزأ من تراثنا الاجتماعي والسياسي. ولقد تنبّه لها الإسلام باكراً، فنهى عنها. ومع هذا، أفلح أهل السياسة في الالتفاف على النهي الديني، فألبسوا عصبيّتهم القبلية أو العشائرية رداء الدين، فـ«مذهبوها» و«طأفنوها» إلى حدود الفتنة. وبينما تهبّ الآن على المنطقة العربية أعاصير السياسة من شتى الاتجاهات، تقف مجتمعاتنا عاجزة عن إيجاد الطريقة الأنجع للحد من الأضرار، ويدرك العقلاء منا أن التخلّص منها، بالمطلق، دونه عقبات كبرى.

في العالم العربي – ولا سيما، في بلاد الشام – بتنا عاجزين عن التصدّي للتصعيد الإسرائيلي، وما حقّقه حتى الساعة من اختراقات استراتيجية. والحقيقة المرة أننا كنا قد عجزنا في الماضي أيضاً... عندما كان مستوى «مناعتنا» الطبيعية أعلى مما هو عليه اليوم، وكان تعاطف العالم معنا أكبر، وتماهي اليمين الأميركي مع اليمين الإسرائيلي أقل صراحةً وتكاملاً وعمقاً.

ولسوء طالعنا أمامنا شبه إجماع عند جمهرة من المعلقين السياسيين العالميين على «عبثية» الرهان على «مجتمع دولي» يجوز أخذه بجدّية والاعتماد على ثقله الوازن. لقد سقط ذلك «المجتمع الدولي»، الذي كان ذات يوم لبعض الوقت، قادراً على تخفيف غلو هنا وفرض «حل وسط» هناك. وها هو في العديد من دوله النافذة نرى قوى عنصرية تجاهر بكل أشكال التحامل والكراهية والعنصرية والإقصاء.

عودةً إلى لبنان... وانتخاباته

خلال الأسابيع الفائتة تزايد الجدل حول انتخابات بيروت، عاصمة لبنان وكبرى مدنه بفارق كبير. أما السبب فخوف قسم كبير من الشارع المسيحي من طغيان الصوت المسلم السنّي (السنّة هم المكوّن الأكبر) وتقزيمه حجم التمثيل المسيحي.

للعلم، في الانتخابات البلدية والاختيارية لا حصص محددة للطوائف، بعكس الانتخابات البرلمانية. وهذا يندرج نزولاً من المدن الرئيسة حتى أصغر القرى حيث تبرز الحساسيات العائلية.

وما بدا واضحاً، أن ثمة تياراً في لبنان – استمرأ العيش مع نفاق «صيف وشتاء على سطح واحد» – يتكلم الآن صراحة عن تقسيم المجلس البلدي لبيروت إلى مجلسين أحدهما بغالبية مسلمة... والثاني بغالبية مسيحية.

في هذه الصيغة التقسيمية «استنهاض» للحالة الكابوسية التي عاشها البيروتيون واللبنانيون إبان سنوات الحرب اللبنانية بين 1975 و1990، وهروب متعمّد ومتكرّر من كل التسويات المُمكنة والمُنصفة لكل أشكال التمثيل السياسي في لبنان.

هذه المدرسة الموغلة في طائفيتها، التي قادتها مصالحها الكيدية العابرة عام 2006 إلى عقد صفقات جانبية تكتيكية قرابة عقدين من الزمن، عادت أخيراً إلى مزايداتها الطائفية التي ألفها اللبنانيون قبل «تفاهم مار مخايل»... المعقود ذلك العام بين «التيار العوني» و«حزب الله».

وانطلاقاً من ازدواجية المعايير ذاتها رفضت هذه «المدرسة» بعناد تطبيق نص «اتفاق الطائف» لجهة إنشاء مجلس للشيوخ يُنتخب أعضاؤه طائفياً، ومجلس نواب ينتخب نوابه خارج القيد الطائفي، مع اعتماد نظام «اللامركزية الموسّعة».

جديرٌ بالذكر، أنه لفترة غير قصيرة تبنّى «التيار العوني» «مشروع القانون الأرثوذكسي» القائل بأن تنتخب كل طائفة نوابها، في حين أيّد «الثنائي الشيعي» اعتماد لبنان «دائرةً انتخابيةً واحدة». غير أن أيّاً من الطرفين رفض دمج المشروعين، بحيث يطبّق «المشروع الأرثوذكسي» لانتخاب مجلس الشيوخ و«لبنان الدائرة الواحدة» لمجلس النواب!!

وبالتالي، التقت المصالح العابرة بين فريقين طائفيين حريصين على الانفراد بالهيمنة على طائفتيهما، على تغييب الحل الواقعي والعادل والدستوري الوحيد الذي يتيح التمثيل من دون الإلغاء، ورافضين لدعم مفهوم التعايش الحقيقي بعيداً عن الاستقواء بالخارج...

إن الانتخابات البلدية المقبلة صورة صغيرة... لكنها تعبّر عن الحقيقة الأكبر والأكثر إيلاماً...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الانتخابات البلدية اللبنانية لبّ أزمة التعايش في الانتخابات البلدية اللبنانية لبّ أزمة التعايش



GMT 01:06 2025 الأحد ,04 أيار / مايو

نهوض الدولة الوطنية والمستقبل

GMT 01:05 2025 الأحد ,04 أيار / مايو

ثقافة العنف بعد أحداث غزة

GMT 01:04 2025 الأحد ,04 أيار / مايو

ماذا يخيف وليد بك؟

GMT 01:03 2025 الأحد ,04 أيار / مايو

ناصر والقذافي وأحمد سعيد

GMT 01:02 2025 الأحد ,04 أيار / مايو

الوثائق... لا تُجامل أحداً

GMT 01:01 2025 الأحد ,04 أيار / مايو

مَن هم المؤثرون؟

GMT 01:00 2025 الأحد ,04 أيار / مايو

واشنطن ــ بكين... نهج كيسنجر المعكوس

GMT 01:00 2025 الأحد ,04 أيار / مايو

مؤلم فى عاصمتين

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ صوت الإمارات
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 15:28 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تتشابك المسؤوليات وتغيير مهم في مسيرتك المهنيّة

GMT 00:48 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تظهر بإطلالة زهرية اللون تضامنًا مع مرضى "سرطان الثدي"

GMT 10:32 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

معرض أبوظبي للكتاب يحتفي بنهج ورؤية زايد

GMT 23:40 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

سوق الهواتف الذكية الهندى الأسرع نموًا خلال 2018

GMT 19:14 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

تألّقي في الأزياء الأكثر عصرية خلال احتفالات عيد الميلاد

GMT 17:56 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نموذج يكشف سبب تميُّز البعض عقليًّا وجسديًّا عن غيرهم

GMT 04:12 2019 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

تشجيع جنوني لجماهير المنتخب الإماراتي أمام أستراليا

GMT 20:54 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

دينا مشرف تتأهل للجولة الثانية من بطولة المجر لتنس الطاولة

GMT 18:41 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

أكثر دعاء حرص الرسول على ترديده بشكل مستمر

GMT 13:29 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

بلديات الخرج تتأهب لاستقبال موسم الأمطار في السعودية

GMT 13:38 2013 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

قلة الحركة خطر على مهارات الأطفال

GMT 20:46 2015 الثلاثاء ,03 شباط / فبراير

كبار السن القطريين في زيارة لمعرض "مال لوّل"

GMT 10:38 2015 الإثنين ,26 كانون الثاني / يناير

صدور رواية "تغريبة بلا رغبة" لمجدي حليم

GMT 21:29 2018 الثلاثاء ,03 إبريل / نيسان

طرق حديثة لمزج الالوان والحصول على ديكور عصري

GMT 12:10 2015 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

التنورة الشامواه تتربّع على عرش الموضة

GMT 05:08 2015 الأحد ,19 إبريل / نيسان

تعاون سعودي مع كلية الطب في جامعة أوتاوا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates