اليوم الوطني ومؤتمر التسامح وسياساته

اليوم الوطني.. ومؤتمر التسامح وسياساته

اليوم الوطني.. ومؤتمر التسامح وسياساته

 صوت الإمارات -

اليوم الوطني ومؤتمر التسامح وسياساته

رضوان السيد
بقلم : رضوان السيد

في أعقاب اليوم الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقد كان العام عام التسامح في الدولة، يأتي المؤتمر السنوي لمنتدى تعزيز السلم وموضوعه هذا العام: «دور الأديان في تعزيز التسامح: من الإمكان إلى الإلزام»، كما تقيم جائزة الشيخ زايد للكتاب في العشرين من الشهر الجاري حلقةً دراسيةً عن التسامح في الفكر والفلسفة والتاريخ والحاضر.
    ماذا يعني هذا كله؟ هذا يعني أنّ التسامح بكل مندرجات المفهوم وتداعياته، صار سياساتٍ للدولة. وهي سياساتٌ اقتضت تغييراً وأولويات على المستويات كافة.
    فلدينا من جهةٍ أعمال المؤسسات الدينية والفكرية والثقافية والإعلامية، ولدينا من جهةٍ ثانيةٍ تصرفات الدولة في إداراتها الوطنية، وعلاقاتها بالعرب والمسلمين والعالم الأوسع.
    فإذا بدأنا بالجهات الدينية، نجد أنّ دولة الإمارات أطلقت أو دعمت في العقد الماضي عدة هيئاتٍ وجهاتٍ متخصصة معنية بتطوير عدة مبادراتٍ منها «منتدى تعزيز السلم»، و«مجلس الحكماء»، و«مجلس المجتمعات المسلمة»، وصواب، وهداية. وقد اتجه المنتدى برئاسة الشيخ عبد الله بن بيه مفتي الدولة، كما اتجه مجلس الحكماء برئاسة شيخ الأزهر إلى السير في أربعة مسارات: التجديد في فقه الدين على المستويين العقدي والفقهي – والتواصل مع الخارج الديني والفكري لشرح وجهات النظر الإسلامية الجديدة، وإيجاد تفاهمات وشراكات مع الجهات العالمية الدينية والفكرية والثقافية - وتكثيف المؤتمرات وورشات العمل بالداخلين العربي والإسلامي للتداول في المتغيرات والتفكير في كيفيات إحقاق الجديد سواء في الخطاب، أو في البرامج التربوية، أو توسيع الرؤى في الاعتراف بالاختلاف مع الفئات المتنوعة بالداخل- وأخيراً التعاون والتضامن من التلاقح الفكري بين المؤسسات من جهة، والتنسيق مع الدول الوطنية العربية والإسلامية، لكي تكون الخلاصات والاستنتاجات متقاربة، والوصول إلى الجديد عاماً وشاملاً.
في المجالات الثلاثة تحققَ تقدمٌ متوسط أو كبير. فقد حدث تغييرٌ بارزٌ في الخطاب الموجَّه إلى الناس والمتداول بين العلماء والمعنيين. كما أنّ التغيير باتجاه الانفتاح والتسامح بارز ومعتبر في البرامج التربوية والتآليف. وهو كبيرٌ في قضايا التواصل والشراكات والمثال الأبرز على ذلك «وثيقة الأخوة الإنسانية» الصادرة عن البابا وشيخ الأزهر بأبوظبي مطلع العام 2019، والوثائق والإعلانات والبيانات المشابهة مع الإنجليكان والجهات الإنجيلية بالولايات المتحدة من جانب منتدى تعزيز السلم. كما كانت هناك مواطن تلاقٍ وتواصل من جانب أهل رسالة عمّان، ومبادرة الملك عبد الله، ورابطة العالم الإسلامي. بيد أنّ التعاون والتشارك بين المؤسسات الإسلامية لا يزال يعاني من تواضعٍ وقصور لا بد من تداركه، لأن الأفكار واحدة، والمصالح واحدة.
على أنّ أكثر الجوانب حساسيةً وأهميةً في عمل المؤسسات الدينية هو السعي العميق والدقيق للتغيير في فقه الدين أو فلسفته ورؤية العالم. وفي هذا المجال اشتغلت المؤسسات أولاً على مكافحة التطرف والإرهاب، والمراجعة النقدية لتحريفات المفاهيم ومواجهة الصحويات و«الجهاديات» والإسلام السياسي، وذلك من طريق العودة إلى صحيح الدين. إنما في السنوات الأخيرة تضافرت المساعي باستخدام المساحة التأصيلية والتأويلية لغرس المفاهيم الجديدة باتجاه تغيير الرؤية نحوها مثل السلام والتسامح وإقرار التعارف والاختلاف والمواطنة وحقوق الإنسان والأخوة. وهو المجال الذي تحققت فيه نجاحاتٌ، أفادت من جهة في عرض الصفحة الجديدة على العالم وصوغ شراكاتٍ جديدة معه، كما أفادت من جهةٍ أُخرى في استعادة السكينة في الدين.
إنّ الإمارات العربية المتحدة، وهي تدعم أطروحات الفقه الجديد للدين، اتخذت من التسامح فلسفةً ومفاهيم وإجراءات سياساتٍ للدولة كانت لها مرتكزاتها وقواعدها في بنية الدولة منذ أيام المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. والواقع أنّ هذه السياسات تطلبت أربعة أمور: التنمية الإنسانية الشاملة- والثقة بين الدولة ومواطنيها، وهما عاملا المناعة الرئيسيان وعماد الاستقرار- والتضامن والتعاون والندية مع الجوار والعالم، - والإسهام مع القادرين والمبادرين من الجوار والمؤسسات الدولية والعالم في تلبية الاحتياجات الإنسانية وصنع الخير للبشرية.
    لقد كانت المناعة الناجمة عن التنمية والرؤى المستقبلية الرائدة، والناجمة عن التدامج والثقة بين الدولة ومواطنيها، هي التي مكّنت الدولة الاتحادية الإماراتية في تعزيز الاعتدال والتسامح والأخوّة بالداخل، لكي تصبح نهجاً شاملاً في السياسة الخارجية العربية والعالمية، وبمفرداتها في التضامن والشراكات والعلاقات الاستراتيجية، وصنع المعروف والخير العالمي. فالمناعة الباعثة على الثقة، تعني أيضاً الاقتدار على حماية النفس، والاستعصاء على الاستضعاف والابتزاز. ومن وراء ذلك أتت وتأتي الشراكات والعلاقات الاستراتيجية، واليد الممدودة قدرةً واقتداراً.
    بين اليوم الوطني في عام التسامح، ومبادرات التسامح ومؤتمراته وسياساته من جانب علماء المؤسسات الدينية، تتكون بنيةٌ لفلسفةٍ جديدةٍ في الدين وللدين، ونموذج جديد تقدمه الإمارات لكي يُحتذى في العلاقات العربية- العربية، والعربية- الدولية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليوم الوطني ومؤتمر التسامح وسياساته اليوم الوطني ومؤتمر التسامح وسياساته



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates