بقلم - حمد الكعبي
الإمارات، الدولة العربية الأكثر أماناً للعيش، في ظل جائحة «كوفيد- 19»، تبعاً لتقرير نشرته مجلة «فوربس» الأميركية، واختبرت بموجبه مؤشرات عدة في مواجهة الفيروس، خلال الشهور الماضية في مئة بلد، وقد جاءت الإمارات في المرتبة الحادية عشرة عالمياً، متقدمة على معظم الدول الأوروبية، والولايات المتحدة.
المؤشرات تقصت معايير كثيرة، مثل «كفاءة الحجر الصحي والمراقبة والكشف والاستعداد الصحي والكفاءة الحكومية»، وهذه كلها تشكل العوامل الأكثر فاعلية في المواجهة والتكيف العام مع الجائحة، وتكشف مدى متانة قطاعات الدول الصحية والاقتصادية، وقدرتها على احتواء الصدمات الاجتماعية عند انتشار الأوبئة.
موقعنا في هذا التصنيف يمنحنا ثقة تتعدى مواصلة النجاح في التصدي للوباء، مع استمرار انتشاره صيفاً، ووسط توقعات علمية بموجة ثانية الشتاء المقبل، فنحن نتعامل محلياً مع أزمة عالمية، ترتفع أرقام ضحاياها في كل لحظة، وتعصف بأكبر الاقتصادات، وتضع أسساً جديدة للسياسة الدولية، وكل نجاح في هذا السياق ينطوي على اكتشاف لمكامن قوتنا في إدارة الأزمات الكبرى، سواء في ظل «كورونا» أو غيرها.
الإدارة والتخطيط والفاعلية في الاستجابة، ظهرت في الأيام الأولى لتسجيل إصابات في الإمارات، فكانت محط ثناء منظمة الصحة العالمية ودول أخرى في العالم، حينما سخّرت الدولة كل إمكانياتها الصحية والاقتصادية والاجتماعية، لمواجهة لم تختبرها سابقاً، وعلى قدر محاكاتنا لنماذج عالمية كانت لنا خصوصيتنا في سياسات وإجراءات، ساهمت في بقاء الوفيات عند حدود 1% من المصابين، وزادت في الوقت نفسه نسبة التعافي على 40%.
قبل «كورونا» لم نكن نعرف على وجه الدقة مرتكزات القوة العلمية والبشرية التي يستند إليها قطاعنا الصحي، ولا إمكانات إدارة أزمة وطوارئ من هذا النوع، ومهما ساعدتنا الدراسات على معرفة مدى التعاضد الاجتماعي، فلم يكن ممكناً أن ندرك أهمية هذا البعد في أوضاع غير طبيعية، يغلق العالم فيها حدوده، ويجلس الناس في منازلهم، ويكون التقارب بين البشر سبباً للموت.
إنه تحدٍ لا شبيه له في اكتشاف مناعة الدولة لامتصاص تداعيات الكوارث الإنسانية، واستثمار مرونة الاقتصاد وتنوعه في تخفيف حدة الانعكاسات المعيشية على المجتمع، وتخطى نجاحنا في ذلك البعد المباشر في إدارة الأزمة، نحو تأقلم سريع، أكسبنا خبرة لم نبخل بها أيضاً على دول شقيقة وصديقة، تشاركنا معها التجارب والمعلومات والمساعدات الطبية، ليقيننا أنها كارثة تهدد الإنسانية، ولن تكون هناك دولة بصحة جيدة ما دام العالم مريض