بقلم _ حمد الكعبي
الإدارة العامة أكثر الأنظمة الحكومية عرضة للانتقاد، وأحياناً السخط في العالم العربي، فالنتائج تشير غالباً إلى سطوة المركزية، وشيوع الممارسات القديمة في التعامل مع الموارد البشرية، وزيادة الترهل والبطالة المقنعة، والأسوأ يكمن في تجاوز القوانين، وانتشار الفساد الإداري.
ومع أن الثورة الصناعية الرابعة، فتحت آفاقاً كبيرة أمام تحديث إداري عام في الإدارة وفلسفتها ومناهجها، إلا أن مستوى الرضى الشعبي عن كفاءة الإدارة العامة عربياً، لم يتغير عن العقود الماضية، فليس المهم أن نستخدم الكمبيوتر والهاتف والتطبيقات الرقمية الجديدة في العمل الحكومي، إذا لم نكن قادرين على استيعاب التكنولوجيا، بوصفها أداة تطوير وحداثة.
لدينا في بعض الدول العربية أشكال وممارسات إدارية موروثة من عصور وجود العثمانيين والبريطانيين والفرنسيين في منطقتنا، وهي وإنْ أصبحت تاريخاً مستقراً في الأرشيف بالنسبة لهم، إلا أن بعضها لا يزال مطبقاً في أكثر من بلد عربي، ما يستدعي وضع تحديث النظام الإداري العربي في رأس أولويات العمل العربي المشترك، فإنْ لم ننجح سياسياً في بناء تكتل إقليمي عربي، تحت مظلة الجامعة العربية، فلا أقل من أن نصنع أكثر من فارق في بلورة أنظمة إدارية قادرة على التكيف مع القرن الحادي والعشرين.
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أطلق قبل أيام «جائزة التميز الحكومي العربية»، بالتعاون بين حكومة الإمارات والمنظمة العربية للتنمية الإدارية في جامعة الدول العربية، سعياً إلى أفضل النماذج المطبقة عالمياً في مجال تميز الأداء الحكومي، وتشجيع التجارب الإدارية الناجحة، لتأخذ حقها من النقاش والنقد، وتكون صالحة للتعميم والنمذجة عربياً.
أهم ما تطمح إليه الجائزة هو خلق فكر إداري جديد، وإرساء ثقافة الجودة والتميز لتكون أساساً للمنافسة التي تحقق دائماً نماذج أفضل، وهذا يتطلب مكاشفات ومقارنات، قبل أية جهود علمية أو مؤسسية، لمحاكاة النماذج المتطورة، وصناعة نموذج خاص، وهذا ما تطمح إليه الجائزة، فقد تأخرنا عربياً في الالتفات إلى أهمية كفاءة الإدارة في إحداث تنمية حقيقية، قادرة على مواجهة أسئلة الحداثة، وتلبية طموحات الإنسان العربي، وقد بات أكثر تعليماً ومهارات، وبات على كثير من الأنظمة الإدارية اللحاق به.
الجائزة ستكرم التميّز المؤسسي، بجوائز كثيرة، بينها أفضل وزير عربي، وأفضل وزارة، وأفضل محافظ مدير، في إطار «تجديد العمليات والنظم القائمة باستخدام التقنيات الذكية، لتنفيذ الرؤى والاستراتيجيات الحكومية المستقبلية»، وهي تعبر عن تجربة متفردة لحكومة الإمارات التي أطلقت قبل سنوات جائزة محمد بن راشد للتميز الحكومي، على المستوى المحلي، فضلاً عن الفكر الإداري لحكومات المستقبل الذي تتبناه المنصة السنوية لقمة الحكومات.
الأزمة في العالم العربي هي أزمة إدارة، كما يقول الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «والإداريون العرب الناجحون هم من سيخلقون قطاعات تعليمية واقتصادية وصحية واستثمارية متميزة».