بقلم _ حمد الكعبي
مهما كان سقف التوقعات منخفضاً في الشارع العربي إزاء التئام القمم، إلا أن انعقادها على نحو عادي أو استثنائي، يظل مصلحة عربية، وإن حققت أدنى الطموحات في لقاء القادة، وإصدار بيان ختامي، يؤكد في النهاية أن ثمة منظومة مؤسسية للعمل العربي المشترك، وعلى من يريد أن يكون جزءاً منها أن يراجع مواقفه واصطفافاته في الإقليم، خصوصاً على وقع التصعيد العسكري، واستعراضات القوة والهيمنة في المنطقة.
قمتان طارئتان، عربية وخليجية، دعا خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، لانعقادهما في مكة المكرمة اليوم، وهما لا تنشدان المستحيل، حين تضعان الدول العربية أمام استحقاق مواجهة التهديدات والأطماع الإيرانية في محاولات الهيمنة على القرار والأرض والمياه في المنطقة، والانفراد بتقرير مصائر دول، تحتل مقاعد في الجامعة العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية.
إيران هي إيران، مرشدها الأعلى يتحدث عن لجان ثورية، تتابع قضايا المسلمين في العالم، بكل ما ينطوي عليه ذلك من استعلاء وأوهام، وهو يعني خريطة مذهبية، يحلم برسم حدودها وألوانها، فيما وزير خارجية طهران يجول في آسيا، محاولاً إقناع قادتها بأن الأزمة إيرانية-أميركية فقط، ولا تتعلق بالتهديد المباشر لدول عربية، والتدخل في شؤونها، ولا بإرسال الإرهابيين للاعتداء على السفن في المياه الإقليمية، ولا بتهريب الصواريخ إلى الحوثي، لاختبار مداها في السعودية، حيث أقدس بقاع الأرض، وحيث مكة المكرمة؛ المركز الروحي للمسلمين في العالم.
إيران تعبر بدقة عن كيانيتها كدولة مذهبية تدخلية، تعتاش على سردياتها التاريخية الخاصة، وهي بهذا المعنى لن تتوقف عن سياستها، ولا عن «لجانها الثورية»، ولا عن دعمها للإرهاب، وهي متمسكة بهذا الاتجاه، ويساعدها ضعف تماسك الموقف العربي وعجزه عن التصدي والحسم في كثير من الأحيان، كما تساعدها دول وأطراف عربية، بل إن بعضها يسرف في الخدمات المجانية، كما تفعل قطر.
القمتان في السعودية في مرحلة دقيقة، كثيفة الأجندات والترتيبات الدولية الخاصة بالمنطقة، سواء في ما يتعلق بالتنمر الإيراني، أو بالمقاربات السياسية للصراع العربي الإسرائيلي، من منظور اقتصادي، في إطار الملتقى الدولي الذي تستضيفه البحرين الشهر المقبل. ولا خيار إلا أن تتشكل جبهة عربية ضد الغطرسة الإيرانية أو أن يستعد العرب لموجات جديدة من التخريب والإرهاب، فطهران متمرسة جداً في هذا الصدد.