بقلم - منى بوسمرة
التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم اليوم، تفرض على الجميع، دولاً وحكومات ومجتمعات، رؤى وأدواراً مختلفة، في مقاربتها للمستقبل، وتعاملها مع تحدياته، وبرغم ما أحدثته جائحة «كورونا» من توجهات لدى دول عديدة نحو الاهتمام والانشغال بالشأن الداخلي، إلا أن الحكمة تتطلب عكس ذلك تماماً، فلن يستطيع أحد العبور الآمن إلى المستقبل دون توحد عالمي قوي.
ما أدركته الإمارات وقيادتها مبكراً، كان دافعاً وراء دعواتها الدولية المستمرة للتكاتف، وهو ما أكده محمد بن راشد منذ بداية الجائحة، وجدد التأكيد عليه أثناء مشاركته في قمة العشرين في السعودية، بتشديد سموه على أن «الحكمة تقول إن مصلحتنا جميعاً في التعاون.. وإن قوّتنا في التكاتف.. وإن مصيرنا جميعاً واحد».
هذه السياسات والدعوات تثابر الإمارات على ترسيخها بخطوات عملية، وجاءت أمس بصورة لافتة، من خلال مشاركتها الرفيعة بعدد من الوزراء، في أجندة المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» 2021، وتأكيدها أن حكومة الإمارات بقيادة محمد بن راشد، تركز على ترسيخ الشراكات العالمية ودعم الجهود الدولية لإيجاد حلول مبتكرة لمختلف التحديات التي تواجه مسيرة التنمية العالمية الشاملة، إضافة إلى ما تخدمه باستمرار من خلال شراكتها الفاعلة مع منتدى «دافوس»، للارتقاء بأدوار حكومات العالم وتوجهاتها المستقبلية.
في طرحها الشفاف، أمام قيادات حكومية من 70 دولة، شاركوا في فعاليات الأجندة، تحدث الإمارات فارقاً مؤثراً في الرؤى والأفكار والحلول، خصوصاً في دعوتها إلى ضرورة التعايش والتعامل الواعي مع بقاء فيروس «كورونا» معنا لعدة سنوات، بعد أن ظهر جلياً أن بوادر مرحلة ما بعد الجائحة لن تلوح في الأفق في وقت قريب، نتيجة الأمواج المتتالية التي تضرب العالم، وتسارع انتشار الفيروس، وهو تحدّ كبير يفرض حلولاً وفكراً مختلفاً، واستعداداً للتحولات القادمة على جميع المستويات الصحية والاقتصادية والاجتماعية.
البوصلة الصائبة التي قادت الإمارات في تعاملها مع الجائحة وتبعاتها منذ البداية، حققت سبقاً مشهوداً، في جميع هذه المستويات، نتيجة جاهزيتها المسبقة، واستثمارها المبكر في بنيتها التحتية القوية، إضافة إلى حكومتها المرنة والرشيقة، فجاءت نجاحاتها مبشرة، سواء في ضمان استمرارية الأعمال، وتحقيق التعافي الاقتصادي السريع، وتبني التكنولوجيا والحلول الرقمية في مختلف القطاعات، والشراكة القوية التي رسختها بين القطاعين الحكومي والخاص، كما كفلت السلامة في الصحة والعيش لجميع الفئات المجتمعية دون استثناء.
ما تطمح إليه الإمارات، من خلال نقل نموذجها الناجح، هو رؤية عالمية موحدة تتشارك الحلول تجاه توجهات المستقبل، للتأثير الدولي المتبادل، على الاقتصاد والتنمية والنمو عالمياً، وفاعلية العمل الجماعي في إيجاد الحلول والتغلب على التحديات، وخصوصاً الصحية والإنسانية التي تواجهها معظم المجتمعات في الوقت الراهن.