بقلم - منى بوسمرة
تقود الإمارات المنطقة إلى تحول نوعي مختلف كلياً، بما تحتضنه اليوم من شراكة صناعية تكاملية كبرى مع الأردن ومصر، فهذه الشراكة التي تؤسس لقلعة صناعية عملاقة في المنطقة، تنعكس بتأثيرات لا حدود لها على تنمية الدول الثلاث واقتصادها وأمنها الوطني بمفهومه الشامل، وقدرتها على تحصين شعوبها ومستقبلهم أمام الأزمات المتلاحقة.
الشراكة الاستراتيجية بالغة الأهمية، باتت تشكل ضرورة ملحة في هذا الوقت الذي تخرج فيه البشرية من أصعب ظرف مر في تاريخها، لتظهر التغيرات العالمية أن التحديات والأزمات السياسية والاقتصادية والصحية تشهد تزايداً مستمراً، وتتطلب تعاملاً سريعاً واستباقياً لمواجهتها، وهو ما تؤمن به الإمارات وقيادتها، التي تسعى بإدراك كبير وإرادة سياسية قوية إلى بناء شراكات فاعلة قادرة على التغلب على هذه التحديات.
إن هذه الرؤية المتقدمة التي تنطلق منها الإمارات في قيادتها لهذه الشراكة، تظهر بوضوح في تأكيد محمد بن زايد على أن التغيرات التي يشهدها العالم تستدعي تعميق الشراكات الاقتصادية بين دول المنطقة العربية وتعزيز تكاملها، بهدف تحقيق التنمية المستدامة وتقوية الاستجابة للتحديات المشتركة والأزمات العالمية، وتوسيع الاعتماد على الذات خاصة في القطاعات الحيوية ذات الصلة بالأمن الوطني.
لذلك فإن الشراكة الصناعية بين الدول الثلاث، تأتي لتحدث تحولاً جوهرياً في مفهوم وطبيعة العمل العربي المشترك، نوعاً وحجماً، كما أنها تمتاز بما يتوقع لها من آثار إيجابية شاملة، فالصناعة تُعد العمود الفقري للاقتصادات الكبرى، وهذه الشراكة من شأنها أن تشكل رافعة أساسية جديدة لاقتصادات الدول الثلاث بالاستفادة من المقومات والخبرات المذهلة لهذه الدول، ومن الصندوق الداعم لاستثمارات ومشاريع الشراكة والذي تديره «القابضة» بقيمة 10 مليارات دولار، وأيضاً فإن ذلك يفتح أبواباً واسعة لتدفق الاستثمارات بين الدول الثلاث، وتدفق الاستثمارات الأجنبية إليها لتصب في مشاريع حيوية.
الأمر بالغ الأهمية كذلك، القطاعات التي تضمها هذه الشراكة، فالأمن الغذائي والأمن الدوائي يتصدران أهدافها الرئيسة، ما يمثل تحركاً عاجلاً وجدياً في تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذه القطاعات الحيوية القادرة على تحصين الأمن القومي الشمولي في مواجهة ما يلوح في الأفق من مخاطر على العالم أجمع.
هذه البادرة العظيمة من الإمارات في قيادة الشراكة الثلاثية، هي نواة لتعاون أوسع وأشمل بين الإمارات ومصر والأردن، وهي دعوة مفتوحة للدول العربية على المسارعة إلى مثل هذه الشراكات التي تخدم الشعوب وازدهارها، كما أنها تشكل إلهاماً كبيراً لدول العالم أجمع للاستفادة من رؤية الإمارات ورسالتها التي تؤكد على أهمية التكاتف والتعاون في ظل هذه الظروف العالمية الصعبة لبناء واقع أفضل للإنسانية.