بقلم : منى بوسمرة
يجمع العرب على أن الراحل الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس دولة الإمارات وبانيها، كان أباً للعرب، زعيماً فريداً من نوعه، بمواقفه التي بقيت حاضرة حتى يومنا هذا.
الشيخ زايد، رحمه الله، حاضر في وجدان العرب، فهو الرمز الأكثر اقتراباً من تطلعاتهم بالوحدة، وليس أدل على ذلك، من صياغة نموذج وحدة دولة الإمارات العربية المتحدة، بهذه البصيرة السياسية، التي جعلته مع الآباء المؤسسين في الإمارات، يقيمون أقوى وأهم نموذج وحدة عربية، ولتصبح اليوم من أبرز دول العالم، على صعيد برامجها وتطلعاتها وإنجازاتها.
هو الزعيم الذي استبق هذا العصر، بما نراه من دولة ذات سمات عالمية، وبقلب إماراتي عربي، ووجدان يحترم الموروث، وما يمثله الإسلام من روح.
كل من عرف الشيخ زايد من الزعماء لمس فيه عروبته، وحكمته التي كانت سبباً في نجاة المنطقة من ويلات كثيرة، وقد أثبتت الأيام أن مبادئ الشيخ زايد، هي طوق النجاة لهذه الأمة، ولا يزال كثيرون يستذكرون مواقفه، التي تأسست على مبادئ محددة، يمكن الإشارة إليها.
كانت مبادئ الشيخ زايد تؤكد أولاً أهمية العرب ومساندتهم لبعضهم البعض، وضرورة حل الخلافات بالطرق السلمية، ثم أهمية أن تبقى الدول العربية الكبيرة، في مداراتها المؤثرة، وليس أدل على ذلك من مواقفه تجاه مصر والمملكة العربية السعودية والعراق وسوريا، إضافة إلى ثالث هذه المبادئ أي اعتباره القضية الفلسطينية، القضية الأهم، ودعمه للشعب الفلسطيني وقيادته ومؤسساته، ورابعاً تركيزه على أهمية دعم العرب ودولهم تنموياً وإغاثياً، من أجل أن تكون النهضة في كل الدول العربية، فيما يأتي المبدأ الخامس إيمانه بضرورة انفتاح العرب على العالم، وسادساً التجسير بين العرب والأمم الأخرى، وسابعاً عقيدته الدينية المعتدلة السمحة، التي تقدم الأمة بأبهى صورة، وتجعلهم حقاً أمة سلام وخير للبشرية جمعاء.
سبعة مبادئ أساسية، كانت تشكل معاً أهم سمات شخصية الشيخ زايد عربياً، وإذا عدنا إلى العقود الماضية، لوجدناه، رحمه الله، أسس مدرسة دبلوماسية عز نظيرها، فقد كان من العرب ولأجلهم، ومواقفه في كل الأزمات، تثبت أنه كان الصوت المعتدل والمنطقي، وليس أدل على ذلك من مواقفه في القمم العربية، وحرب الخليج واجتياح الكويت، وما يرتبط بما واجهه الفلسطينيون، في كل التواقيت المتعلقة بقضيتهم وقضيتنا الأولى.
لقد بقيت مقولة الشيخ زايد، رحمه الله، «إن البترول العربي ليس بأغلى من الدم العربي» أهم مقولة قيلت عن العرب في هذا العصر، مقولة تركت أثرها العميق فينا جميعاً، فهي قد قالت بشكل واضح إن الإنسان العربي، فوق كل اعتبار، وإن كل شيء، وكل الموارد والثروات مسخرة لأجله فقط، وإن هذا الإنسان يستحق حياة أفضل.
لا يمكن هنا إلا أن نشير إلى أن الراحل الكبير، بكل مواقفه، كان منحازاً إلى العرب، ولعل العودة إلى سجلات المعلومات حول ما قدمته دولة الإمارات للعرب، دولاً وحكومات وشعوباً، منذ تأسيس الدولة، واستمرار هذا النهج إلى يومنا هذا، يثبت أن الشيخ زايد بيده البيضاء وقلبه، كان يؤمن بأن الإنسان العربي أغلى من المال، وأن هذه الأمة الواحدة يجب أن تنهض، من أجل مستقبلها الذي تستحقه.
في هذا الزمن الصعب يفتقد العرب الشيخ زايد بن سلطان، بكل ما يعنيه من حكمة ومكانة جنبتهم الكثير من الويلات، فهو الزعيم الأكثر حكمة، ولعل ما نراه في قيادتنا اليوم، الامتداد لهذا النهج، أي نهج الحكمة والوسطية والاعتدال، والانحياز إلى العرب وقضاياهم، استناداً إلى مبادئ القائد المؤسس ومنطقه الحكيم، الذي لا يزال حاضراً في الذاكرة حتى يومنا هذا.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان