بقلم : منى بوسمرة
نقلتنا تصريحات معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية بالأمس، إلى الإبحار في عمق سياسة الإمارات بما تمتلكه من سمات عالمية، ومكانة دولية لها موقعها في الصفوف الأولى بين الدول الحية دون انغلاق ولا انعزال، كما أنها أيضاً بلد عربي يراعي خصوصية وقضايا العرب وهمومهم وتطلعاتهم ولا ينفصل عنهم.
كان وسيبقى بلداً عربياً يمثل صوت العقل والاعتدال سياسياً، مثلما هو القدوة على كل المستويات، وهو قدوة بإقرار العرب وشهادتهم التي تأتي طوعاً وبكل حب ورضى، ودوماً نسعد بكل الانطباعات التي يقولها الرسميون العرب عن الإمارات، وهي انطباعات لا تقف عند حدود هؤلاء، بل تمتد إلى شعوبهم التي ترى في قيادتنا نموذجاً، وذلك لأن قيادتنا أسست وبنت دولة مميزة بكل المقاييس، ومن حق بقية العرب أن تكون دولهم كما يتمنون.
حين يتطلع العرب إلى الإمارات، يدركون أنها لم تضع وقتها في الصراعات السياسية، ولم تهدر مالها على الحروب وإشعال الفتن، وكان كل هم قيادتنا ينحصر بجعل دولتنا الأولى، بما ينعكس على حياة الإنسان.
مواقف الإمارات التاريخية إلى جانب العرب وقضاياهم واضحة ومشرفة، وهي مواقف لا ينكرها إلا الجاحدون، ونستوعب موقعنا بين العرب، ويكفينا شرفاً أننا لم نطعن عربياً في ظهره في يوم من الأيام، وكنا وسنبقى ندرك أهمية العمل العربي المشترك، فنحن جزء من العالم العربي، استقراره استقرارنا وازدهاره ازدهارنا.
لا ندعي أننا نعيش في عزلة وبعيداً عن العرب في فقاعة وهمية وفقاً لتعبير الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، الذي تناول في تغريداته الأخيرة علاقتنا بالعرب.
لقد كانت السياسة الإماراتية تجاه العرب محددة، وأهم هذه المحددات أننا نريد أن يبقى العالم العربي آمناً مستقراً، وأن يعيش الإنسان العربي كما يتوجب، بدلاً من تبديد عمر المنطقة في الصراعات والحروب، وتفشي الإرهاب ونشوء الجماعات الحزبية والسياسية والعسكرية التي تتسبب بانفجار المواجهات في أكثر من بلد، وكل ما تريده الإمارات من العرب وتتمناه لهم أيضاً أن يعيشوا بأمن واستقرار.
لا مشروع أنانياً للإمارات، وهذا التعبير الذي ورد في تغريدات الوزير قرقاش مهم جداً، لأننا نعرف أن قوتنا ليست معزولة عن قوة العرب، بل تتعاظم حين يكون العرب ضمن فريق واحد تقوده السعودية ومصر، وتكون فيه كل الدول المعتدلة والعاقلة التي تدرك أن المنطقة لم تعد تحتمل المزيد من التشظي وتبديد فرص المستقبل وهذا هو مشروعنا. مشروع قائم على الاعتدال والمنطق، جوهره أن سياسة الإمارات الظاهرة هي ذاتها التي نعبر عنها في مجالسنا الخاصة، وفي كل اللقاءات، فلا وجهين لسياسة الإمارات ولا ازدواجية أبداً.
كل تصريحات قيادتنا وكل سياساتنا تتطابق باتجاه فكرة محددة، لقد آن الأوان أن يتبنى العرب رؤية منطقية للحياة ولوجودهم في هذا العالم، إذ من حق الإنسان العربي أن يعيش آمناً وكريماً، كما أن الإمارات ترى في كل خطر أو صراع يطل في بلد عربي آخر تهديداً لمنظومة الأمن العربي، خصوصاً حين تحاول أطراف إقليمية العبث في هذه المنطقة، ونجد للأسف الشديد من يفتح البوابات لهذه الأطراف من أجل أن تتسلل كما اللصوص إلى منطقتنا، وهذا أمر لا يمكن السكوت عليه لأن العرب هوية واحدة، والمنطقة لها شخصيتها السياسية والاجتماعية التي لا يمكن أن يتم محوها، أو طمسها عبر التدخل الإقليمي.
من أجل كل هذا دعونا وندعو من أجل شراكة عربية عميقة، تنبذ كل من يحاول مسّ أمن المنطقة أو السطو عليها، وما كنا في الإمارات إلا راية عربية يعتد بها العرب ويفتخرون، وستبقى هذه الراية وسط هذه المنطقة دليلاً قوياً على أن سياسة الإمارات الأكثر عمقاً، بعد أن رأينا كيف تسبب الآخرون بجلب كل الوباءات الخطيرة إلى العالم العربي.