بقلم : منى بوسمرة
في القراءة الأولى لموازنة دبي التاريخية للعام 2020 وحتى العام 2022 بإنفاق يتجاوز 66 مليار درهم العام المقبل ويقترب من 200 مليار درهم في ثلاث سنوات، يتأكد أمر جوهري وهو أن اقتصاد دبي يقف على أرضية صلبة تمكنه من التوسع في الإنفاق وتحقيق نمو قوي، وأن الحكومة تلبي تطلعات المستقبل، وأن خططها ماضية إلى أهدافها بلا توقف أو تأجيل.
اللافت في الموازنة التي اعتمدها محمد بن راشد مدى الترحيب الشديد الذي لقيته من مجتمع الأعمال، الذي اعتبر أرقامها أكبر وأهم محفز للأعمال في السنوات الأخيرة، وأن الحكومة في عام إكسبو وما بعده مقبلة على إنفاق كبير استمراراً لنهجها في تعزيز الاقتصاد الكلي وإسعاد المجتمع وتحفيز ريادة الأعمال، وأن تأثير تلك الموازنة سيظهر سريعاً مع بداية العام الجديد.
من اللافت أيضاً أن الموازنة جاءت لثلاث سنوات، في رسالة ثقة وطمأنة لمجتمع الأعمال، فهي خطوة تحمل في مضامينها أن الخارطة المالية للسنوات المقبلة مستقرة واضحة المعالم بالنفقات والإيرادات والمشروعات، وأن الأهداف محددة والخطط الموضوعة واجبة التنفيذ، وهو أمر يدفع القطاع الخاص ومجتمع الأعمال للاستعداد لمرحلة نمو جديدة تفوق التوقعات، وبالتالي ضخ المزيد من الاستثمارات في شرايين الاقتصاد، سواء الاستثمارات المحلية أو الأجنبية الوافدة التي تجذبها مشاريع دبي وطموحاتها، وفق خطط معلنة وواضحة.
قد يرى البعض أن العجز الظاهر في أرقام موازنة 2020 علامة سلبية، لكنه في الواقع مؤشر إيجابي، لعدم تجاوزه المعايير العالمية فهو لا يتعدى 3%، والأهم أنه يؤكد عزم الحكومة على الإنفاق وتغطية العجز بالأدوات التي تمتلكها، مقابل تنشيط الاقتصاد، وتحقيق عوائد متوسطة وبعيدة المدى تكرّس تنافسية دبي وجاذبية بيئتها الاستثمارية.
أي أن التخطيط المالي للسنوات القادمة يمنح قطاع الأعمال فرصة واسعة للتخطيط والمباشرة بمشاريع تنعكس إيجاباً في تعزيز الانتعاش الاقتصادي بشكل نوعي وخلق المزيد من الفرص الوظيفية التي يتعطش إليها القطاع الخاص، مع الإعلان عن تخصيص 46% أقل من نصف الموازنة بقليل من الإنفاق الإجمالي على البنى التحتية والمشاريع الإنشائية.
هذا الانضباط المالي بموازنة لثلاث سنوات يعني في جوهره استدامة مالية تتمتع بها دبي، لذلك تحرص وهي مقبلة على «إكسبو 2020» على أن تجعله متفرداً بين دورات الحدث العالمي، عبر إتاحة النفقات الإنشائية المطلوبة لمشاريع البنية التحتية الهائلة المتعلقة بالحدث.
كما يعكس هذا الاتزان المالي القدرة على الوفاء بكل الالتزامات المالية من دون المسّ بأي من مستوى القطاعات بل يضمن تطويرها ورقيها وتميزها، عبر تخصيص نحو 30% لقطاعات الخدمات الاجتماعية، فمثلما هي موازنة لإنعاش الاقتصاد، فهي أيضاً موازنة الاهتمام بالإنسان وإسعاد المواطنين وكل المقيمين على أرض دبي أو زوارها، عبر ترقيات إضافية لمستويات الخدمات الصحية والتعليمية والإسكان وغيرها من الخدمات.
ولعل من أجمل بنود الموازنة التي تزفّ بشائر سعادة إضافية بند الرواتب والأجور الذي يشكل نحو 30% من الموازنة ليواكب قانون الموارد البشرية الجديد. كما شكّلت نفقات المِنَح والدعم 24%، استيفاءً لمتطلبات التنمية البشرية وتقديم الدعم الكافي للمواطنين والجهات الحكومية التي تقدم خدمات عامة للسكان.
في النهاية، لنتذكر أن وضع الخطط المُحكمة وإعلان خطة مالية هي الأولى في تاريخ دبي كان من أبرز وصايا وتوجيهات محمد بن راشد، فجاءت الموازنة من روح رؤيته لضمان تحفيز ريادة الأعمال وتحقيق سعادة البلاد والعباد.