بايدن ومبادرة كلّ التناقضات

بايدن ومبادرة كلّ التناقضات

بايدن ومبادرة كلّ التناقضات

 صوت الإمارات -

بايدن ومبادرة كلّ التناقضات

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

طبيعيٌّ أن تنظر "حماس" بـ"إيجابيّة" إلى طرح الرئيس الأميركي جو بايدن في شأن التوصل إلى هدنة دائمة مع إسرائيل. تريد "حماس" العودة إلى حكم غزّة وكأنّ شيئاً لم يكن، وكأنّ "طوفان الأقصى" وما ترتّب عليه من نتائج كارثيّة على غزّة نفسها مجرد حادث سير بين سيارتين اقتصرت أضراره على الماديات. ترفض "حماس" أخذ العلم بزوال غزّة من الوجود، بعدما حولّها الوحش الإسرائيلي إلى دمار، وإلى أرض طاردة لأهلها.

طرح الرئيس الأميركي مبادرة متكاملة تُنفّذ على ثلاث مراحل للخروج بحلّ سياسي يُتوّج بإعادة بناء غزّة. طرح بالفعل الانسحاب الإسرائيلي، لكنه ربطه بتبادل الأسرى وبعدم عودة "حماس" إلى حكم غزّة. لكنه أشار في الوقت ذاته إلى مفاوضات بين إسرائيل و"حماس" في مرحلة معيّنة. يبدو خطاب بايدن أشبه بخطاب يحمل مبادرة فيها كلّ التناقضات، خصوصاً أن رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو سارع إلى الإعلان عن التمسّك بالقضاء على "حماس" قبل أي وقف للنار في غزّة. "بيبي" نفسه في موقف حرج، خصوصاً أنّه لا يستطيع رفض مبادرة تُعيد الإسرائيليين المحتجزين لدى "حماس". ما الذي سيفعله رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي يعتمد على وزراء من نوع إيتمار بن غفير وبتسئيل سموتريتش للمحافظة على حكومته؟

قال بايدن: "يتكوّن الاقتراح من ثلاث مراحل. تمتد الأولى ستة أسابيع، وتشمل وقفاً كاملاً لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالسكان في غزّة. خلال تلك الفترة، يتمّ إطلاق سراح الرهائن من النساء وكبار السن والجرحى، في مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين. وخلال الفترة نفسها، يُعاد الفلسطينيون إلى منازلهم في جميع مناطق غزّة، ويُصار إلى توصيل المساعدات الإنسانية وزيادتها إلى 600 شاحنة تحمل المساعدات إلى غزّة يومياً".

رأى أنّه بتنفيذ المرحلة الأولى والتزام نتائجها، يأتي التفاوض بين "حماس" وإسرائيل في شأن ترتيبات المرحلة الثانية، وهي المتعلقة بالوقف الدائم للأعمال العدائية. فقد لاحظ الرئيس الأميركي أنّ المفاوضات قد تستغرق أكثر من ستة أسابيع في مرحلتها الأولى، ووقف النار سيستمرّ ما دامت المفاوضات مستمرة. وكشف بايدن أنّ "المرحلة الثانية تتعلق بإطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء المتبقين، بمن فيهم الجنود الإسرائيليون من الرجال، وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزّة، ووقف الأعمال العدائية بشكل دائم، ثم المرحلة الثالثة المتعلقة بخطط إعادة إعمار غزّة".

شدّد بايدن على أنّ هذا هو الاقتراح المطروح على الطاولة، فإذا تمّ تنفيذه، لن تتمكن "حماس" من تكرار ما فعلته في 7 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023، محذّراً من ضياع هذه الفرصة لتحقيق السلام، وجعل إسرائيل أكثر أمناً وتهيئة الطرق لمستقبل أفضل للشعب الفلسطيني، وإقامة دولة تملك الحق في تقرير مصيرها والكرامة والأمن والحرّية. وقال في هذا الصدد: "هذا المسار متاح بمجرد إبرام الصفقة"، مشدّداً في الوقت نفسه على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في مواجهة أي تهديدات أمنية، وتقديم المسؤولين عن هجمات 7 تشرين الأوّل (أكتوبر) للعدالة. وتعهّد بأن تمدّ الولايات المتحدة إسرائيل دائماً بكل ما تحتاج إليه للدفاع عن نفسها، وبأن تساعد في ضمان وفاء إسرائيل بالتزاماتها. وقال: "سنؤدي دورنا، وأمامنا لحظة حاسمة وفرصة لوقف إطلاق النار وإثبات ما إذا كانت "حماس" ستقبل الصفقة بعدما دعا الناس في جميع أنحاء العالم إلى وقف إطلاق النار".

في الواقع، بدأ ظهور التناقضات في كلام بايدن عندما قدّم اقتراحه بصفته اقتراحاً إسرائيلياً، ثمّ دعا إسرائيل إلى قبوله. فكيف يمكن الطلب من إسرائيل قبول اقتراح هو في الأصل اقتراحها، على حدّ تعبير الرئيس الأميركي؟

يمكن تجاهل كلّ التناقضات في كلام بايدن لو كانت إدارته قادرة على حسم الأمور مع إسرائيل أوّلاً. فهل هناك موقف إسرائيلي واحد من المراحل الثلاث التي يتحدّث عنها الرئيس الأميركي؟ أم رهان نتنياهو تمرير الوقت في انتظار عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض نتيجة الانتخابات الرئاسيّة المقرّرة في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل؟

تعرف "حماس" ماذا تريد: البقاء في غزّة التي لم تعد موجودة. في المقابل، يسعى "بيبي" إلى إطالة الحرب، بحجة ضرورة القضاء على "حماس". أمّا بايدن، فيبقى ذلك الرئيس الحائر الذي ليس ما يشير إلى امتلاكه الوسائل التي تسمح له بتنفيذ طروحاته، بغض النظر عن صحتها أو خطئها. يحدث ذلك في منطقة تمتلك فيها إيران القدرة على توسيع حرب غزّة أو عدم توسيعها، انطلاقاً من جنوب لبنان أو اليمن!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بايدن ومبادرة كلّ التناقضات بايدن ومبادرة كلّ التناقضات



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates