تذاكي «بيبي» وسذاجة الكونغرس

تذاكي «بيبي»... وسذاجة الكونغرس

تذاكي «بيبي»... وسذاجة الكونغرس

 صوت الإمارات -

تذاكي «بيبي» وسذاجة الكونغرس

بقلم: خير الله خير الله

 

يكشف الخطاب الذي ألقاه بنيامين نتنياهو في الكونغرس، بين ما يكشف، لعبة التذاكي التي يمارسها رئيس الحكومة الإسرائيلية في مواجهة سياسيين أميركيين سذّج على استعداد لتصديق كلّ ما يقوله.

لكن الخطاب يكشف، خصوصاً، لماذا ستستمرّ حرب غزّة ولماذا يوجد خطر كبير من حرب أخرى، تتخذ شكلاً أوسع من شكلها الحالي، انطلاقاً من جنوب لبنان.

لابدّ من ملاحظة تلك القدرة التي يمتلكها «بيبي» على التأثير في مجلسي الكونغرس، علماً أنّ عدداً لا بأس به من الأعضاء الديمقراطيين قاطعوا الخطاب وانتقدوه. بين هؤلاء نانسي بيلوسي الرئيسة السابقة لمجلس النواب التي لاتزال من أبرز قياديي الحزب الديمقراطي.

إلى ذلك، لا يمكن تجاهل تنظيم تظاهرات مؤيدة لـ«حماس» خارج مبنى الكابيتول رفعت فيها شعارات واطلقت هتافات تصب في خدمة اليمين الإسرائيلي الذي لا يؤمن سوى بمشروع سياسي واحد هو الاستيطان كوسيلة لوضع اليد نهائياً على القدس الشرقيّة والضفة الغربيّة المحتلة منذ 57 عاماً.

ذهب نتنياهو إلى الكونغرس في وقت تعاني منه الولايات المتحدة فراغاً سياسياً. هناك فراغ في البيت الأبيض وفراغ آخر في الكونغرس، في مجلسي الشيوخ والنواب، حيث وقف الأعضاء الحاضرون نحو خمسين مرّة للتصفيق لأكاذيب أطلقها رئيس الحكومة الإسرائيلية في دفاعه عن متابعة حربه على غزّة، متجاهلاً أنّه لعب ورقة «حماس» طوال سنوات من أجل تكريس الانقسام الفلسطيني من جهة والقضاء نهائياً على فكرة خيار الدولتين من جهة أخرى.

هذه فكرة رفضتها «حماس» في كلّ وقت... تذرع اليمين الإسرائيلي منذ عودة آرييل شارون إلى السلطة قبل 23 عاماً، بالقول إن «لا شريك فلسطينياً يمكن التفاوض معه». لذلك، لم تعد توجد عملية سلمية في المنطقة.


نجح «بيبي» في الكونغرس، خصوصاً أنّه لا يوجد بين النواب والشيوخ، سوى عدد قليل جداً من هؤلاء، يستطيع الردّ على الأكاذيب التي أوردها ودحضها بالوقائع والأرقام.

منذ الثامن من أكتوبر الماضي، أي في اليوم الذي تلا هجوم «طوفان الأقصى» الذي نفّذته «حماس»، شنت إسرائيل حرباً على غزّة وليس على «حماس».

أدت هذه الحرب إلى تشريد معظم سكان غزّة. أكثر من ذلك، لم يفرق الجيش الإسرائيلي، الذي ادعى «بيبي» أنّه يتبع قواعد أخلاقيّة صارمة، بين رجل وامرأة، بين مقاتل وغير مقاتل، بين عجوز وطفل رضيع. قضى على عائلات بكاملها. لولا الضغط الأميركي الذي حال دون تكرار المجازر المرتكبة في رفح، لكانت إسرائيل قتلت مزيداً من العائلات الفلسطينية التي عانت أصلاً من حكم «حماس» لغزّة.

حاول «بيبي» الربط بين أميركا وإسرائيل. استفاق فجأة على «المشروع الإيراني» وعلى العلاقة بين «حماس» و«الجمهوريّة الإسلاميّة» وهي علاقة عضوية وقديمة.

تجاهل أنّ العمليات الانتحاريّة التي شنتها «حماس»، كانت جزءاً من الحرب على اتفاق أوسلو والعملية السلمية التي تلت توقيع الاتفاق، قبل 31 عاماً. كانت تلك العمليات ثمرة الدعم الإيراني لـ«حماس».

لم يوجد في الكونغرس من يقول لرئيس الحكومة إنّ كلامه عن «القضاء على التطرف» مردود عليه شخصياً. لم يوجد من يقول له إنّ تحريضه على اسحق رابين، ساهم في قتل الأخير على يد متطرّف إسرائيلي اسمه ييغال عمير.

هذا القاتل يحكم إسرائيل إلى يومنا هذا من سجنه. إنّه نسخة مختلفة قليلاً فقط عن نتنياهو. الفارق بينهما أنّ «بيبي» يعرف كيف يخاطب الأميركيين وكيف يستفيد إلى أبعد حدود من غياب الدور القيادي للولايات المتحدة بعدما صار جو بايدن، بطة عرجاء لا أكثر.

ما لا يتجرّأ «بيبي» على قوله، أو على الأصحّ ما لا يتجرأ النواب والشيوخ الأميركيون على قوله، إن غياب المشروع السياسي الإسرائيلي القابل للحياة سيتسبب بخراب ليس بعده خراب للمنطقة.

لا يمكن بناء سياسة على الاستيطان وتكريس الاحتلال ولا علاقات طبيعية بين إسرائيل وجيرانها. فجأة تذكّر رئيس الحكومة، «اتفاقات إبراهام».

من عرقل التطبيع مع الدول العربيّة بكل الوسائل الممكنة غير نتنياهو الذي عمل كلّ شيء من أجل تحدي السلام... أي مشروع سلام؟ هل يمكن أن يكون من المعقول والمقبول هناك سلام في ظلّ الاحتلال؟

كلّ ما في الأمر أن لعبة التذاكي لا تنفع. يمكن للعبة التذاكي تمكين نتنياهو من البقاء في السلطة شهوراً أخرى، خصوصاً أن دونالد ترامب، عائد إلى البيت الأبيض. حتى لو انتصرت كامالا هاريس، سيبقى الفراغ مسيطراً في البيت الأبيض ما دامت الحلقة الأساسية التي اسمها الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة غائبة عن السياسة الأميركية وعن أصحاب القرار في واشنطن وفي الكونغرس تحديداً.

مخيف هذا الوضع في واشنطن حيث لا يوجد من يقول لرئيس الحكومة، إن، كفى تعني كفى.

أظهر «بيبي» قدراته في واشنطن وفي الكونغرس، ولكن ماذا بعد ذلك؟ مثله مثل «حماس»، لا يمتلك رئيس الحكومة أي مشروع سياسي. معنى ذلك، بكل بساطة، أنّ الحرب مستمرة في غياب رئيس أميركي يواجه إسرائيل بالحقيقة الوحيدة الثابتة: الحقيقة الثابتة هي الدولة الفلسطينية المستقلة التي لابدّ من قيامها في ظلّ ضمانات عربيّة ودوليّة تؤكد أنّها دولة مسالمة فعلاً... في حين يظلّ دور «حزب الله» وسيطرته على لبنان موضوعاً آخر منفصلاً عن حرب غزّة!

نقلا عن الراي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذاكي «بيبي» وسذاجة الكونغرس تذاكي «بيبي» وسذاجة الكونغرس



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates