سقوط لأميركا وليس لجو بايدن

سقوط لأميركا وليس لجو بايدن

سقوط لأميركا وليس لجو بايدن

 صوت الإمارات -

سقوط لأميركا وليس لجو بايدن

بقلم - خير الله خير الله

بعد المناظرة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترامب، دب الذعر في صفوف الديموقراطيين.

لم يكن ذلك الذعر، إذا أخذنا مضمون المناظرة وما قاله المشاركان فيها في الاعتبار، تعبيراً عن سقوط لجو بايدن فقط. كان السقوط سقوطاً أميركيّاً بامتياز.

لا ينقذ أميركا سوى إحلال شخصية ديموقراطيّة مختلفة مكان بايدن. مثل هذه الشخصية ستستطيع مواجهة ترامب ووضعه في مكانه الصحيح. هناك فرصة أمام الديموقراطيين الذين يعقدون مؤتمراً لحزبهم منتصف أغسطس المقبل.

هل ينجحون في ذلك على الرغم من أنّ بايدن يبدو مصرّاً على التمسك بكرسي الرئاسة مثله العديد من زعماء العالم الثالث؟

كان إداء بايدن في المناظرة كارثياً، خصوصاً بعد تلعثمه في مطلعها وانتقاله من موضوع إلى آخر بطريقة توحي بأن الرئيس الأميركي لا يمتلك القدرة الكاملة على التركيز.

في المقابل، كان ترامب كعادته شرساً ولم يفوت مناسبة لاستغلال أي هفوة يرتكبها بايدن. كان ترامب، الذي غاب العمق السياسي عن كلامه، حاضر الذهن وأثبت أنّه يتفوق على منافسه في هذا المجال على الرغم من أنّ فارق العمر بينهما ليس سوى ثلاث سنوات.

بايدن في الـ81 وترامب في الـ78.

من الواضح أنّ السنوات أثرت على الرئيس الأميركي وقدراته الذهنية فيما لم تؤثر على ترامب الذي يبدو مستعداً للعودة إلى البيت الأبيض من أجل تنفيذ سياسة يخشى أن تكون ذات عواقب وخيمة على الصعيد الدولي، خصوصاً في ما يخصّ العلاقات الأميركية - الأوروبية في ضوء الحرب التي يشنّها فلاديمير بوتين على أوكرانيا.

في غياب المضمون، انتصر ترامب على بايدن، أقلّه من ناحية الشكل. لم يحسن الرئيس الأميركي استغلال أي نقطة ضعف يعاني منها منافسه استغلالاً جيداً.

كان مثل هذا الاستغلال سيشير وجود إلى نوع من الحذاقة السياسية بات واضحاً أنّ بايدن لا يمتلكها.

على العكس من ذلك، اكتفى بالانتقادات ذات الطابع الشخصي بدل الذهاب بعيداً في فتح الملفات التي يمكن أن تسيء إلى ترامب بما في ذلك ملف الدعاوى التي رفعت عليه أمام القضاء والتي يمكن أن تودي به السجن.

بدا بايدن سياسياً تجاوزته الأحداث من جهة وضحية تقدّمه في السن من جهة أخرى.

مثله مثل زعماء كثيرين عرفهم العالم، خصوصاً العالم الثالث، لم يستوعب بايدن أنّ هناك وقتاً للانسحاب من السياسة بدل التحول إلى عبء على حزبه وعلى قسم كبير من الأميركيين يرفض عودة ترامب وسياساته العشوائية إلى البيت الأبيض.

الأكيد أن لدى ترامب حسنات كثيرة في مقدّمها سياساته الإيرانيّة، لكنّ لديه سيئات لا تحصى. بل أنّه يشكل خطراً على الديموقراطيّة في أميركا وخارجها.

ظهر ذلك بوضوح عندما حاول أنصاره اقتحام مبنى الكابيتول في واشنطن بعدما سقط في الانتخابات الرئاسية أمام بايدن.

كان يشجع عملية الاقتحام، وهي عملية كشفت أن قسماً لا بأس به من مؤيديه ينتمون إلى مجموعات غوغائية لا أكثر.

كيف يمكن لأي سياسي يمتلك عقلاً راجحاً قبول أن يكون مدعوماً من الغوغاء، بل أن يشجع هؤلاء على خرق القانون.

هل يمكن أن يكون ترامب مستقبل أميركا؟ هل مسموح بذلك في القرن الواحد والعشرين في ظلّ التحديات التي تواجه أميركا؟

الأسوأ من ذلك كلّه أن بايدن لم يحسن شرح خطورة السياسة التي يتبعها ترامب في تعاطيه مع فلاديمير بوتين الذي يعتقد أنّ في استطاعته، عبر غزوة أوكرانيا، استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي، وهي أمجاد لا وجود لها.

لم يذهب الرئيس الأميركي بعيداً في شرح الخطورة التي يشكلها ترامب على مستقبل العلاقات الأميركيّة - الأوروبيّة. كان يكفي التشديد على أن ما على المحك في أوكرانيا مستقبل أوروبا كلّها وليس مستقبل أوكرانيا التي يشكو ترامب من المساعدات الأميركية التي تتلقاها.

مخيف هذا الوضع الأميركي الذي باتت فيه الانتخابات الرئاسية منافسة بين عجوز مثل بايدن ومتهور مثل ترامب.

بدا ترامب متحمساً للحرب على «حماس» أكثر من بنيامين نتنياهو. كان المطلوب من أي رئيس أميركي يمتلك حداً أدنى من الإنسانيّة العمل قبل أي شيء وقف المأساة التي تعاني منها غزّة.

إنّها مأساة ناجمة عن المغامرة التي قامت بها «حماس» بشنّها «طوفان الأقصى» والتي أدت إلى ذلك الجنون الإسرائيلي الذي دمّر القطاع على رؤوس أهله.

وفّرت المناظرة فرصة كي يزايد ترامب على بايدن فلسطينياً. كانت مناسبة للتأكّد من غياب الدور القيادي الأميركيّ في هذا العالم.

يظلّ الدليل الأبرز على ذلك تجاهل بايدن للمشروع التوسعي الإيراني الذي يعاني منه الشرق الأوسط والخليج في الوقت ذاته ومعنى الحروب التي تشنها «الجمهوريّة الإسلاميّة» على هامش حرب غزّة.

في الوقت ذاته، لايزال ترامب يتصرّف من منطلق أن السنوات الأربع التي أمضاها في البيت الأبيض كانت سنوات مليئة بالنجاحات السياسيّة والاقتصادية.

لا يدرك ترامب أن العالم يتغيّر بسرعة وأنّه ليس في الإمكان الفصل بين علاقته ببوتين من جهة والعلاقة بين الرئيس الروسي وكلّ من الصين وإيران وكوريا الشمالية من جهة أخرى.

لايزال ترامب يعيش في عالم خاص به في حين لايزال بايدن في وضع لا يسمح له بمتابعة ما يدور في هذا العالم بدقة مع تركيز على التفاصيل الصغيرة.

كانت المناظرة بين بايدن وترامب سقوطاً للولايات المتحدة. لايزال هناك بعض الأمل في تفادي مثل هذا السقوط. يتمثل هذا الأمل في العثور على مرشح ديموقراطي شاب، نسبياً، يحل مكان بايدن، مرشّح يعرف العالم ويستجيب لما يريده الأميركيون، مرشح يحيي الأمل بعودة الدور القيادي الأميركي إلى هذا العالم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سقوط لأميركا وليس لجو بايدن سقوط لأميركا وليس لجو بايدن



GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

لحظة تأمل

GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

حرب الجنرال الغائب

GMT 04:30 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

كِتاب غزة

GMT 04:29 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

الحرب الثالثة ماذا بعدُ؟

GMT 04:29 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

«أوديب».. وقد غادر الطائرة

GMT 04:25 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

وزراء كانوا هنا

GMT 04:24 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

القرار الخاطئ

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates