تركيا تنجح حيث فشلت إيران

تركيا تنجح حيث فشلت إيران؟

تركيا تنجح حيث فشلت إيران؟

 صوت الإمارات -

تركيا تنجح حيث فشلت إيران

بقلم : خير الله خير الله

استفادت تركيا إلى أبعد ما يمكن أن تستفيد، على الصعيد السوري، في ضوء تراجع المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة. جاء التراجع نتيجة الضربات التي تلقاها «حزب الله» في لبنان و«حماس» في غزّة. كان لـ«طوفان الأقصى»، وهو الهجوم الذي شنته «حماس» انطلاقاً من غزّة في السابع من أكتوبر 2023، نتائج عكسية على المشروع الإيراني. اعتقدت «الجمهوريّة الإسلاميّة» في البداية، عبر الحروب الموازية التي شنها بدءاً بفتح جبهة جنوب لبنان، أنّه ستلد من رحم «طوفان الأقصى أوراق ستستخدم في التوصل إلى صفقة إيرانيّة مع (الشيطان الأكبر الأميركي)».

لم تدرك إيران أنّ «طوفان الأقصى» غيّر المنطقة... يبدو أن تركيا، عبر الطريقة التي اعتمدتها من أجل الاستحواذ على الورقة السورية تسير حسب النهج الإيراني. هل تنجح حيث فشلت إيران؟

من دون تركيا ودعمها، لم يكن ممكناً لمجموعات المعارضة السوريّة، بمن في ذلك «هيئة تحريرالشام» («النصرة» سابقاً) تحقيق ما حققته، خصوصاً في حلب وحماة. سقطت حلب كلّها في يد المعارضة السورية وذلك للمرّة الأولى منذ اندلاع الثورة السوريّة في مارس من العام 2011. لكنّ السؤال الذي يظلّ مطروحاً ما الذي لدى«هيئة تحرير الشام» تقدّمه لحلب ولغير حلب، مهما استخدمت من أدوات تجميل وتغطت بتنظيمات أخرى بعيدة عن التطرّف الديني مثل«الجيش الوطني»؟

ستواجه تركيا صعوبات نظراً إلى أنّ المشروع الذي تطرحه لا يمتلك أسساً تأخذ في الاعتبار تركيبة المجتمع السوري. سيرفض هذا المجتمع في كلّ وقت أن يكون تحت حكم الإخوان المسلمين وتلك التنظيمات التي ولدت من رحمه، مثلما رفض الميليشيات التي جاءت بها إيران، في مقدّمها «حزب الله».

بات وارداً فتح جبهات أخرى في ضوء سقوط حماة. يأتي هذا التطور في وقت توجد اضطرابات في حمص ومحيطها وفي كلّ مناطق الجنوب السوري، أي في المناطق القريبة من الجولان وفي محافظتي درعا والسويداء. فقد النظام السيطرة على مدينة درعا.

في المقابل، تأخّرت تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان، في دعم الثورة الشعبيّة في سورية في بداياتها. كانت لديها فرصة حقيقيّة في 2011 لتحقيق حسم سريع قبل أن تبدأ «الجمهوريّة الإسلاميّة» في نشر ميليشياتها في مختلف الأراضي السوريّة. شمل ذلك ميليشيا «حزب الله» التي لعبت دوراً كبيراً في حماية دمشق وتغيير طبيعة التركيبة الديموغرافيّة في محيطها.

سيظلّ انتصار تركيا في سورية موضع تساؤل بسبب استخدامها التطرّف الإسلامي ممثلاً بفكر الإخوان المسلمين. ستواجه تركيا في سورية عقبات مثل تلك التي واجهت «الجمهوريّة الإسلاميّة» في مرحلة معيّنة، في حال لم تتنبه إلى الخصوصيّة السوريّة.

اضطرت إيران ابتداء من العام 2015 إلى الاستعانة بروسيا كي تمنع سقوط النظام السوري. دخلت موسكو طرفاً مباشراً في الحرب السوريّة منذ ذهب إليها قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري»، الذي اغتاله الأميركيون مطلع العام 2020، مستنجداً. لبت روسيا الطلب الإيراني وحالت، عبر القاذفات الروسية التي كانت تنطلق من قاعدة حميميم قرب اللاذقيّة، دون سقوط الساحل السوري والمناطق القريبة منه، معقل الوجود العلوي في سورية.

لا يمكن تجاهل أنّ لدى تركيا مصلحة في أن يكون الشمال السوري منطقة آمنة يستطيع السوريون الموجودون في أراضيها العودة إليها. عدد هؤلاء يتجاوز ثلاثة ملايين. بات وجودهم تهديداً للاستقرار الداخلي في تركيا. لكنّ ما لا يمكن تجاهله أيضاً أنّ سورية في حاجة إلى ما هو أهمّ بكثير من ذلك. أي أنّها في حاجة إلى مشروع خاص بها. الحاجة السوريّة إلى تسوية سياسية تأخذ في الاعتبار كلّ مكونات المجتمع السوري، بمن في ذلك الأكراد، وكلّ المناطق السورية.

يبدو طرح مشروع عربي خاص بسورية في غاية الأهمْية، خصوصاً أنّ تركيا غير قادرة، في المدى الطويل، على أن تكون عاملاً إيجابياً في المعادلة السورية، حتّى لو استولت ميليشيات تابعة لها على دمشق. قبل تركيا، اعتقدت إيران أنّ في استطاعتها تغيير الديموغرافيا السوريّة عبر حملات التهجير التي شنتها. لكنّ تركيا تستطيع الاستفادة من أنّ لا وقت لدى لروسيا للاهتمام بسورية في ضوء مأزقها الأوكراني واعداد نفسها، منذ الآن، للتعاطي مع إدارة أميركيّة جديدة برئاسة دونالد ترامب.

هل يمكن بلورة مشروع عربي متكامل، في أساسه القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن، يحول دون تفكّك سورية التي تحوّلت بسبب العلاقة العضوية التي أقامها النظام القائم مع «الجمهوريّة الإسلاميّة» خطراً على أمن الخليج وعلى الأردن؟ يعاني الخليج من تهريب المخدرات، خصوصاً الكبتاغون عبر الأردن انطلاقاً من الأراضي السورية. هناك أيضاً تهريب سلاح من سورية إلى الأردن بغية ضرب الاستقرار فيه. فوق ذلك كلّه، هناك وضع جديد في لبنان في ضوء هزيمة «حزب الله» في حربه على إسرائيل من جهة والإصرار الإسرائيلي على وقف تهريب السلاح الإيراني إلى لبنان عبر الأراضي السوريّة من جهة أخرى.

الأولوية في هذه المرحلة إنقاذ سورية، كل سورية، والحؤول دون تشظي البلد في وقت لم يعد وجود النظام فيه أكثر من وجود شكلي، وفي وقت لن يكون في استطاعة العراق لعب الدور المطلوب منه لسدّ الفراغ الناجم عن التراجع الإيراني.

حسّنت تركيا موقعها في سورية، لكنه يفترض بها إدراك أنّ ملء الفراغ الناجم عن التراجع والانكفاء الروسيين لا يكون عبر السير على خطى إيران... والاستعانة بإرهابيين لا فارق كبيراً بينهم وبين الميليشيات التي استعانت بها«الجمهوريّة الإسلاميّة» الإيرانيّة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا تنجح حيث فشلت إيران تركيا تنجح حيث فشلت إيران



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates