الشرق الاوسط في انتظار العاصفة

الشرق الاوسط... في انتظار العاصفة

الشرق الاوسط... في انتظار العاصفة

 صوت الإمارات -

الشرق الاوسط في انتظار العاصفة

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله


تتغيّر الاوضاع في الشرق الاوسط بوتيرة لا سابق لها في ظل انشغال العالم بانتشار وباء كورونا... وفي ظلّ ما هو اسوأ من كورونا في المدى البعيد. ما هو أسوأ من كورونا، التي ستغيّر العلاقات الاجتماعية وعادات العمل، يتمثّل في هبوط سعر برميل النفط الذي سيترك آثارا في بلدان عدّة ان على صعيد نمو الاقتصاد او الاستعانة بالعمالة الاجنبية... او على الصعيد الرياضي وكرة القدم وفرقها العريقة في اوروبا.

لم يوقف الوباء الاستعدادات للعاصفة المرشّحة لان تهبّ في الأشهر القليلة المقبلة، او ربّما قبل ذلك على الشرق الاوسط، في ظلّ رفض النظام الايراني القبول بانّ ليس امامه سوى الاعتراف بهزيمة مشروعه التوسّعي والانكفاء في اتجاه الداخل. من المستبعد تراجع ايران التي لا تقبل الاقتناع بان ليس لديها ما تصدّره الى خارج حدودها غير النفط والسجّاد وما يعرف في منطقتنا بالفستق الحلبي!

الأكيد انّ هناك من يرفض رؤية التغييرات التي تحدث في المنطقة بدءا بالعراق وانتهاء بلبنان، مرورا بسوريا في طبيعة الحال. لا يزال هناك من يعتقد انّ في الإمكان انقاذ النظام السوري وانّ لهذا النظام مستقبلا ما، فيما تبدو روسيا نفسها عاجزة عن إيجاد استراتيجية لها في بلد أرسلت اليه قوات ومقاتلات وقاذفات واقامت فيه قاعدتين عسكريتي وربّما اكثر. تكتشف روسيا في السنة 2020 ان مشاكلها الداخلية، بما في ذلك الانتشار السريع لوباء كورونا، ستكون في المدى البعيد اهمّ بكثير من البقاء في سوريا.

لعلّ الأهم من ذلك كلّه انّها اكتشفت ان البضاعة السورية صارت كاسدة. لم تعد تجد من يشتريها، بما في ذلك من يشتري العائلة الحاكمة التي بدأت التجاذبات في داخلها تأخذ منحى جدّيا وخطيرا يعمل كبار العلويين على منع تفاقمه.

لا يقتصر التغيير على العلاقة بين النظام السوري من جهة وموسكو من جهة أخرى. هناك تغيير كبير يحصل في العراق. ستكون امام العراق أسابيع حاسمة في ضوء تشكيل مصطفى الكاظمي حكومته. سيتبيّن هل سيكون هناك امل في انقاذ ما يمكن إنقاذه في العراق وبناء نظام جديد قابل للحياة على انقاض النظام الذي قام بعد الاحتلال الاميركي في السنة 2003 والذي تبيّن انّه اقرب الى كارثة وطنية من ايّ شيء آخر.

لا شكّ في ان بارقة امل عادت تظهر في العراق الذي انطلقت منه الاندفاعة الثانية للمشروع التوسّعي الايراني بعدما سلّم الاميركيون البلد الى ايران محقّقين لـ"الجمهورية الإسلامية" ما يشبه الحلم. انّه حلم الانتقام من العراق الذي خاض حربا استمرت ثماني سنوات من اجل منع آية الله الخميني من تصدير ثروته الى الخارج في العام 1979. تكمن بارقة الامل العراقية في استعادة مؤسسات الدولة، خصوصا الجيش، في ظلّ التحديات ذات الطابع الاقتصادي اوّلا، وهي تحديات جاءت بعد تبديد كل هذه المليارات من الدولارات في السنوات القليلة الماضية.

سيكون السؤال المطروح عراقيا، بغض النظر عن التحديات الاقتصادية التي تواجه حكومة الكاظمي، هل سيتمكن العراق من استعادة مؤسساته الوطنية، في مقدّمها الجيش... ام يظل خاضعا لـ"الحشد الشعبي" الذي ليس في نهاية المطاف سوى تكتل لميليشيات مذهبية تابعة لاحزاب، تابعة بدورها لإيران!

لا مكان في العراق لـ"الحشد الشعبي" في حال كان مطلوبا القيام بانقلاب حقيقي لاثبات ان لا سلاح شرعيا غير سلاح الجيش العراقي وانّ المشروع الايراني في العراق، وهو مشروع قائم على تكرار تجربة "الحرس الثوري" في "الجمهورية الإسلامية" لا مكان له في هذا البلد.

اذا وضعنا جانبا المأزق الروسي في سوريا والتغيير الكبير الذي يمكن ان يشهده العراق، لا بد من التوقّف عند حدث كبير يفترض عدم مروره مرور الكرام. في أساس هذا الحدث تشكيل حكومة "طوارئ" في إسرائيل. لو لم يكن هناك انطباع بان المنطقة مقبلة على احداث كبيرة، لما تشكلت مثل هذه الحكومة مع ما يعنيه ذلك من إعادة اعتبار لبنيامين نتانياهو المتهّم رسميا بالفساد. هناك جنرالان مهمان في وزارتي الدفاع والخارجية من حزب ازرق وابيض الذي وافق على تعويم "بيبي" مجددا. الجنرالان هما بني غانتس وغابي اشكنازي. كان كلّ منهما رئيسا لاركان الجيش الإسرائيلي. الرجلان معروفان بشراستهما. هل سيشرفان على مشروع ضمّ جزء من الضفّة الغربية لإسرائيل، كما وعد "بيبي" ام يسعيان الى التهدئة حيال تنفيذ مشروع الضمّ؟

الأكيد ان الحكومة الإسرائيلية الجديدة لن تسعى الى ضمّ جزء من الضفّة الغربية فحسب، بل ستسعى أيضا الى ضم غور الأردن. ستعمل باختصار على خلق واقع جديد في المنطقة يشكّل احراجا شديدا للمملكة الأردنية الهاشمية وللملك عبدالله الثاني الذي لم يتردد في التحذير من عواقب مثل هذا التوجه الإسرائيلي وانعكاساته على مستقبل العلاقات الأردنية – الإسرائيلية. اكّد العاهل الأردني أخيرا انّ كل الخيارات ستكون مطروحة مع إسرائيل. لم يعد في إسرائيل من يريد ان يأخذ في الاعتبار دقّة الموقف الأردني، على الرغم من وجود معاهدة سلام بين البلدين وقعت في تشرين الاوّل – أكتوبر من العام 1994.

تحولت إسرائيل بسبب المشروع التوسّعي الايراني الذي يخيف العرب اكثر من ايّ شيء آخر، الى اتباع سياسة اقلّ ما يمكن ان توصف به انّها ذات طابع انتهازي. كرست احتلالها للجولان وتريد تكريس احتلالها لجزء من الضفّة الغربية وغور الأردن. يحدث ذلك في وقت ينهار فيه كلّ شيء في سوريا وفي لبنان حيث لا وجود لقيادة سياسية تفهم شيئا عمّا يدور في المنطقة والعالم وكيف تكون هناك سياسة اقتصادية ناجحة. في سوريا رئيس لنظام لا يستوعب معنى الاستعانة بايران وميليشياتها ولا يعي معنى ان تصبح تركيا امرا واقعا في الشمال السوري وان تصبح استعادة الجولان المحتل منذ العام 1967 ملفّا منسيا... وفي لبنان حكومة لا تستطيع فهم معنى انهيار النظام المصرفي اللبناني... وابعاد غياب الجواب المطمئن والواضح عن سؤال في غاية البساطة من نوع: اين راحت أموال اللبنانيين والعرب والأجانب التي اودعت في المصارف؟

لم يسبق للشرق الاوسط ان مرّ بمرحلة شبيهة بالتي يمرّ فيها هذه الايّام. تنذر كلّ المؤشرات بعاصفة عاتية، ربّما جاء مايك بومبيو وزير الخارجية الاميركي في زيارة خاطفة الى إسرائيل في هذا التوقيت بالذات لتأجيلها لا اكثر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الاوسط في انتظار العاصفة الشرق الاوسط في انتظار العاصفة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates