لدى لبنان خيار آخر غير الموت

لدى لبنان خيار آخر غير الموت

لدى لبنان خيار آخر غير الموت

 صوت الإمارات -

لدى لبنان خيار آخر غير الموت

بقلم - خيرالله خيرالله

لدى لبنان خيار آخر غير الموت. إنّه خيار ترسيم الحدود البحريّة مع إسرائيل بدل البقاء في أسر «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران وما تريده. يفترض في لبنان ان يمارس خيار رفض البقاء في الأسر الإيراني قبل أسابيع قليلة تفصل عن بدء استخراج إسرائيل الغاز من حقل كاريش القريب من المياه الإقليميّة اللبنانيّة لنقله إلى أوروبا.

لكنّ السؤال الكبير هل لبنان قادر على ممارسة الخيار الآخر الذي يعني رفضه الانتحار؟ الجواب البسيط والمباشر: إنّه عاجز عن ذلك.

يبدو أنّ إسرائيل ستباشر قريباً استخراج الغاز من كاريش في ظلّ تفاهمات مع غير دولة من دول المنطقة، بينها مصر، وبوجود غطاء أوروبي وآخر أميركي يعبّران بوضوح، ليس بعده وضوح، عن التغييرات التي شهدها العالم في ضوء الغزو الروسي لبلد أوروبي اسمه أوكرانيا.

هناك سؤالان مطروحان قبل بدء إسرائيل تصدير الغاز من كاريش. الأوّل هل تتوصل إلى اتفاق في شأن ترسيم الحدود البحريّة مع لبنان والآخر هل استخراج الدولة العبريّة الغاز من دون ترسيم الحدود مع لبنان سيعني لجوء «حزب الله» إلى التصعيد مع ما يتضمنه ذلك من مخاطر؟ ليس سرّاً أن هذه المخاطر كبيرة ويمكن أن تسفر عن حرب في ضوء التهديدات الذي وجهها أخيراً مسؤولون إسرائيليون إلى لبنان.

تستخرج إسرائيل الغاز منذ فترة من حقول أخرى بعيدة عن المياه اللبنانيّة في ظلّ زيادة الحاجة العالميّة إلى الطاقة وإصرار أوروبي على التخلص تدريجاً من الاعتماد على الغاز الروسي. صار الغاز الإسرائيلي جزءاً من الأمن الأوروبي في وقت لم يعد في أوروبا من يريد السماع بروسيا وغازها ما دام على رأسها فلاديمير بوتين.

لم تعد من ثقة بالرئيس الروسي الغارق في الوحول الأوكرانيّة والذي لم يترك أمامه سوى باب التصعيد العسكري والسياسي.

ستصدّر إسرائيل مزيداً من الغاز إلى أوروبا بعد أن يصبح حقل كاريش جاهزاً في سبتمبر المقبل.

سيكون اشعال «حزب الله»، أي إيران، حرباً إقليميّة بمثابة مغامرة كبيرة غير محسوبة النتائج.

ستكون مثل هذه الحرب كارثة حقيقية على لبنان الذي تستطيع إسرائيل تدمير كل ما بقي من بنيته التحتيّة.

سيبقى لبنان، للأسف، يتفرّج على ما يدور في مكان قريب منه وفي المنطقة والعالم. سيلهي لبنان نفسه بالقشور والكلام عن العزّة والكرامة وأهمّية «المقاومة» ومسيّراتها في سياق عملية تهجير ممنهجة للمواطن اللبناني، خصوصاً للمسيحي.

مثل هذا الكلام قد لا يكون دقيقاً في حال قررت إيران دفع «حزب الله» الذي ليس سوى فصيل في «الحرس الثوري» إلى مغامرة عن طريق مسيرات أو صواريخ تطلق من لبنان في اتجاه كاريش. مثل هذا الاحتمال «جدّي» في تقدير مسؤولين إسرائيليين.

بدل الإقدام على خطوات تتسم بروح المسؤولية مع موضوع ترسيم الحدود، سيظلّ في لبنان من يردّد شعارات تغني عن مواجهة الواقع والحقيقة المؤلمة المتمثلة في انهيار بلد عن بكرة ابيه وإفقار شعبه في كلّ مجال من المجالات بدءاً بسرقة ودائع المواطنين في المصارف... وصولاً إلى البحث عن رغيف الخبز والكهرباء، مروراً بالقضاء على بيروت ودورها وتدمير النظام التعليمي والاستشفائي... وسلطة القضاء المستقلّ.

سيبقى حسن نصرالله الأمين العام لـ«حزب الله» يطلق التهديدات التي تشمل منع إسرائيل من استخراج الغاز الذي في حقولها. كلّ ما فعله، أو سيفعله، يتمثّل في تحقيق مزيد من الانتصارات على لبنان واللبنانيين.

سيبقى لبنان عاجزاً عن القيام بأيّ خطوة تستهدف الاستفادة من ثرواته في البحر.

في غياب القدرة على توقع ما الذي يمكن أن تقدم عليه «الجممهوريّة الإسلاميّة» في إيران، تزداد العزلة اللبنانية ويزداد انكفاء الدولة على ذاتها.

ليست لدى الثنائي الرئاسي المتمثل بميشال عون وجبران باسيل أي رغبة في تشكيل حكومة جديدة.

يريد الثنائي فرض شروطه على رئيس الوزراء المكلّف نجيب ميقاتي في وقت لدى ميقاتي حسابات أخرى تختلف كلّيا عن حسابات ميشال عون وجبران باسيل اللذين لا يستطيعان تصوّر أنّهما جزء من الماضي وأنّ عليهما مغادرة قصر بعبدا في غضون ثلاثة أشهر من الآن...

في وقت تبدو إسرائيل، مدعومة من المجتمع الدولي، مصرّة على استغلال الغاز في كاريش وغير كاريش، يبدو لبنان مصرّاً على الاستمرار في اتباع سياسة منطق اللامنطق التي تعني البقاء في الحضن الإيراني.

ليس من قوّة، أقلّه في المدى المنظور، تستطيع إخراجه من هذا الوضع الذي تعني إصراراً على الانتحار.

إلى متى يستطيع لبنان العيش في ظلّ الرغبات الإيرانيّة، بما في ذلك رغبة طهران في استخدامه ورقة في الضغط على أميركا؟

واضح أنّه ليس مطلوباً سوى تحقيق مزيد من الانتصارات الإيرانيّة على لبنان وإبقاء موضوع الترسيم معلّقاً.

ليس مطلوباً من لبنان أكثر من أن يكون متفرّجاً على استخراج الغاز من كاريش فيما هو غارق في أزمات لا تنتهي.

تجعل هذه الأزمات العبثية المتلاحقة أقصى طموح للمواطن اللبناني العيش في ما يشبه نظام «الإمارة الإسلاميّة» على طريقة «طالبان» الذي فرضته «حماس» في قطاع غزّة منذ منتصف العام 2007 أو دويلة الحوثيين في اليمن الشمالي التي عاصمتها مدينة عريقة مثل صنعاء منذ سبتمبر 2014... أو المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات «الحشد الشعبي» في العراق منذ ما يزيد على عشر سنوات.

يموت لبنان، علما أنّ لديه خياراً آخر غير الموت.

أخطر ما في الأمر أن البلد عاجز عن ممارسة هذا الخيار الآخر الذي يتمثّل في الدفاع عن مصالحه ومصالح شعبه وترسيم الحدود مع إسرائيل اليوم قبل غد استناداً إلى القانون الدولي.

يموت لبنان، في ظلّ خوف من حرب يمكن أن تفتعلها إيران، وهو شاهد على إسرائيل تستخرج غازها بينما محظور عليه اتخاذ أي مبادرة من أي نوع من أجل الاستفادة يوماً من ثرواته... اللهمّ إلّا إذا كان عليه خوض حرب خاسرة سلفاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لدى لبنان خيار آخر غير الموت لدى لبنان خيار آخر غير الموت



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates