محمد السادس يدقّ ناقوس الخطر

محمد السادس يدقّ ناقوس الخطر

محمد السادس يدقّ ناقوس الخطر

 صوت الإمارات -

محمد السادس يدقّ ناقوس الخطر

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

هناك خطاب استثنائي آخر للعاهل المغربي الملك محمّد السادس خصّصه لانتشار وباء كورونا كوفيد – 19. بأسلوب مباشر وصريح، تطرق الملك في خطابه بمناسبة ذكرى "ثورة الملك والشعب"، إلى الوضع الصحي السيئ في المغرب، في ظل استمرار انتشار وباء كوفيد – 19. وضع المواطنين المغاربة أمام مسؤولياتهم. مرّة أخرى، يؤكد محمّد السادس تلك العلاقة المباشرة بين العرش والمواطن المغربي. إنّها علاقة قائمة على الثقة التي تنبع من "ثورة الملك والشعب" قبل 67 عاما.

هناك ملك يقول الحقيقة لشعبه. يشرح واقع الأمر من دون زيادة أو نقصان، ويضع النقاط على الحروف، ويسمّي الأشياء بأسمائها.

تضمّن الخطاب مجموعة من الرسائل. تحمّل هذه الرسائل كل جهة مسؤوليتها في محاربة هذا الوباء، بدءا بالسلطات العمومية ووسائل الإعلام والعائلات والمواطنين، وأرباب العمل، وصولا إلى الفعاليات داخل المجتمع…

الجميع مسؤول في المغرب. المهمّ عدم الاستخفاف بكوفيد – 19. فبعد التذكير بالنتائج الإيجابية التي حققها المغرب في مواجهة هذا الوباء، خصوصا خلال المرحلة الأولى من الحجر الصحي، والتي مكنت من الحد من الانعكاسات الصحية لهذه الأزمة، ومن تخفيف تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، أكد الملك "أننا لم نكسب المعركة ضد هذا الفايروس، وأن هذه الفترة صعبة وغير مسبوقة بالنسبة إلى الجميع".

تميزت فترة المواجهة الأولى مع الوباء، بالتزام المواطنين التدابير الوقائية والاحترازية التي اتخذتها السلطات العمومية، وتقديم الدعم للأسر التي فقدت مصدر رزقها، وإطلاق خطة طموحة لإنعاش الاقتصاد، ومشروع كبير لتعميم التغطية الصحية لجميع المغاربة. هذا ما حصل فعلا.

أوضح محمّد السادس أنّه "على الرغم من النتائج المحققة والجهود المبذولة، فوجئ الجميع بارتفاع عدد المصابين بشكل غير منطقي وغير مقبول، بعد رفع الحجر الصحي. وهو ما يبعث على الأسف".

وهنا يطرح الملك بكل وضوح أسباب هذا الارتفاع، إذ أن هناك من يدعي أن الوباء غير موجود قطعا "وهؤلاء ربما لا يعيشون معنا على هذه الأرض"، وهناك من يعتقد أن رفع الحجر الصحي يعني انتهاء المرض "وهؤلاء مستهترون بصحتهم وسلامة عائلاتهم والمواطنين عموما". وهناك من يتعامل بنوع من التراخي والتهاون غير المقبول مع هذه الجائحة "وهؤلاء لا يحترمون التدابير الصحية المتخذة، ويساهمون بسلوكهم في نشر العدوى".

وفي هذا السياق، يستغرب محمّد السادس عدم حرص العديد من المواطنين على استعمال وسائل الوقاية والتعقيم، بخاصة أن الدولة قامت بجهود كبيرة لتوفير هذه المواد بجميع الأسواق، بكميات كافية وبأسعار جد معقولة، لتكون في متناول الجميع.

في ضوء خطورة هذه التصرفات والممارسات، كان الملك صريحا وحازما. تكلم عن "سلوك غير وطني ولا تضامني، لأن الوطنية تقتضي أولا الحرص على صحة الآخرين وسلامتهم، ولأن التضامن لا يعني الدعم المادي فقط، وإنما هو قبل كل شيء، التزام عدم نشر العدوى بين الناس".

يتعاطى العاهل المغربي مع أدّق التفاصيل ويدقّ ناقوس الخطر. لذلك يقول إنّه "أمام استمرار ارتفاع عدد المصابين والوفيات، فإن الوضع الصحي الذي وصلنا إليه اليوم مؤسف ولا يبعث على التفاؤل، ومن يقول غير هذه الحقيقة فهو كاذب". من الواضح أنّ محمّد السادس قلق جدا حيال تفاقم الوضع. لذلك ينبه إلى أن "المستشفيات ستصبح غير قادرة على تحمل هذا الوضع، مهما كانت جهود السلطات العمومية وقطاع الصحة. وهو ما قد يدفع باللجنة العلمية المختصة بوباء كوفيد – 19 إلى أن توصي بإعادة الحجر الصحي، بل زيادة تشديده، علما أن انعكاساته ستكون قاسية على حياة المواطنين، وعلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية".

تضمّن الخطاب أيضا "دعوة إلى كل القوى الحية للتعبئة واليقظة والانخراط في المجهود الوطني في مجال التوعية والتحسيس وتأطير المواطنين للتصدي لهذا الوباء". وتضمّن أيضا تأكيدا فحواه أنه "من دون الالتزام الصارم والمسؤول للتدابير الصحية، ومن دون سلوك وطني مثالي ومسؤول من طرف الجميع، لا يمكن الخروج من هذا الوضع، ولا رفع تحدي محاربة هذه الجائحة".

وعندما يتكلم الملك عن سلوك وطني مثالي ومسؤول، فهو يقصد كل مكونات الشعب المغربي: المواطنون مسؤولون عن حماية أنفسهم وأبنائهم وعائلاتهم، وأرباب العمل مسؤولون عن توفير الحماية لمستخدميهم، ووسائل الإعلام مسؤولة عن تنوير الرأي العام لجهة خطورة هذا الوباء، وجميع الفعاليات في المجتمع مطالبة بالمساهمة في المجهود الوطني للحد من انتشار هذا الفايروس.

أبى محمّد السادس إلا أن يختتم خطابه بنبرة عاطفية. أكد أنه "لا يقصد مؤاخذة أو عتاب المغاربة على تصرفات البعض منهم، وإنما هي طريقة صريحة ومباشرة للتعبير عن تخوفه من استمرار ارتفاع عدد الإصابات والوفيات، والرجوع لا قدر الله، للحجر الصحي الشامل، بآثاره النفسية والاجتماعية والاقتصادية".

أبدى ثقته بأن المغاربة يستطيعون رفع هذا التحدي، والسير على نهج أجدادهم في التحلي بروح الوطنية الحقة وبواجبات المواطنة الإيجابية، خصوصا في هذه الظروف الصعبة.

ما العبرة من الخطاب، وهو الثاني من نوعه الذي يكرّسه العاهل المغربي لانتشار كوفيد – 19 ومواجهته، وذلك بعد خطاب "عيد العرش" في آخر تموز – يوليو الماضي؟

العبرة الأولى أن محمّد السادس موجود في كلّ بيت مغربي وهو يعرف تماما ماذا يدور في كلّ حيّ وفي كلّ مدينة وقرية ويحسّ مع ما يحسّ به المواطن ويتجاوب مع همومه. لذلك يذهب إلى التحذير الصريح من التقاعس في تحمّل المسؤولية على الصعيد الوطني. بكلام أوضح، يرى العاهل المغربي أنّ من واجبه التنبيه والتوعية والذهاب إلى أبعد ما يمكن الذهاب إليه من أجل إفهام المواطن أنّ هناك خطرا كبيرا اسمه كوفيد – 19.

أمّا العبرة الثانية فهي مرتبطة بمناسبة الخطاب، أي بالذكرى الـ67 لـ"ثورة الملك والشعب". تحمل هذه المناسبة رمزية خاصة. تؤكد تلك اللحمة القائمة بين المغاربة الذين واجهوا في خمسينات القرن الماضي الاستعمار الفرنسي عندما تطاول على محمّد الخامس الذي نفي إلى مدغشقر. وقف الملك والشعب، وقتذاك، صفّا واحدا في مواجهة المستعمر الذي وجد نفسه مجبرا على الرضوخ لإرادة الشعب والملك والرحيل عن المغرب. من هذا المنطلق، تجمع الروح الوطنية بين جميع المغاربة، بما سيساعد في هزيمة كوفيد – 19.

القصة، قصة هذا التلاحم والتضامن بين الشعب والملك والروح الوطنية التي تجمع بينهما، تتكرّر سنويا، بل يوميا. التلاحم من أجل مواجهة كوفيد – 19 جزء من هذا التلاحم الداخلي الذي هو سرّ النجاح المغربي وتحول المملكة إلى واحة استقرار في منطقة تعيش كلّ نوع من أنواع المشاكل والأزمات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد السادس يدقّ ناقوس الخطر محمد السادس يدقّ ناقوس الخطر



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية

GMT 21:47 2020 الخميس ,13 شباط / فبراير

موديلات عباية مخصّرة تفضلها النجمات

GMT 08:04 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"نينتندو" تطلق لعبة "Mario Kart Tour" رسمياً لمنصتي "أندرويد" و"iOS"

GMT 02:24 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

9 أسباب تجعلك تشرب حليب القرفة كل ليلة قبل النوم

GMT 19:53 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في لبنان اليوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2019
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates