بقلم - صلاح منتصر
مارست التدخين فى سن صغيرة وأدمنت لفترة تدخين السيجار تشبها بأستاذى محمد حسنين هيكل، وزاد من هذا الإدمان سفرياتى إلى موسكو حيث كنا نستبدل الدولار بأكثر من خمسة أمثاله مما خفض سعر علب السيجار المستوردة من كوبا ولهذا فى جميع أسفارى لموسكو لم أشتر غير علب السيجار بينما كانت هناك أشياء أخرى بالغة الرخص إلا أننى كنت أعود من كل رحلة بعشرة صناديق سيجار على الأقل.
وفى عز شبابى وبعد أن كنت ألعب الاسكواش عدة ساعات بدأت تصاحبنى فى صدرى فرق موسيقية ومعها آلام فى الزور أبلغونى وقتها أننى قد أحتاج إلى تركيب حلق صناعى. وفى لحظة صارمة وتاريخية أيضا إذ كانت يوم زيارة الرئيس أنور السادات إلى القدس يوم 19 نوفمبر 77 من 44 سنة قررت التوقف عن التدخين ولم أدخن من يومها.
44 سنة عرفت فيها متعة الحياة دون تدخين وتمنيت لو جرب كل مدخن هذه المتعة التى عشتها وينقذ نفسه من خداع التدخين الذى يعيش فيه وسيدفع ثمنه غاليا إن لم يكن من عمره فمن العذاب الذى سيعيشه مع أطباء الصدر والقلب والضغط والسكر والسرطان!
كنت فى العام الماضى فى لندن لأسباب صحية وكان أول سؤال يوجه لى من كل طبيب: هل تدخن؟ وكنت أجيب متفاخرا أننى كنت مدخنا من سنة 77 وأنه فات على أكثر من 40 سنة يعنى تحررت تماما من التدخبن وآثاره لأفاجأ بالطبيب يكتب فى تقريره عبارة «مدخن سابق». أكثر من 40 سنة طلقت فيها التدخين ومع ذلك مازال الطب ينظر إلى كمدخن سابق!
الحمد لله شفيت من آثار التدخين لكن ظلت سنوات تدخينى صفة تلاحقنى وهو مالفت نظرى إلى شدة آثار التدخين للدرجة التى يعمل لها الأطباء ألف حساب وهو مايجعلنى أزداد تشبثا بدعوة المدخنين إلى التحررمن سجن التدخين وكما دخلوا هذا السجن بإرادتهم فى سهولة عليهم الخروج منه ولكن بصعوبة. صدقونى الحياة دون تدخين أجمل وتستحق.