بقلم - صلاح منتصر
لو لم يزر الرئيس السيسى عزبة الهجانة لما لامه أحد، فالعزبة قائمة من عشرات السنين كطرح عشوائى لمدينة نصر، واسم الهجانة جاء من ماضى المنطقة عندما كانت ثكنات لإقامة سلاح مهم من أسلحة الجيش اسمه سلاح الهجانة، كان جنوده يتولون حماية حدود ودخول المناطق الوعرة على ظهور الجمال.
وهناك نحو مليون نسمة يسكنون اليوم مبانى الطوب الأحمر التى قامت دون تخطيط أو دراسة، فكل صاحب مبنى حرص على استغلال كل سنتيمتر من الأرض، وبالتالى اتجه الاهتمام إلى إقامة مئات المبانى المتلاصقة دون حساب الطرق التى كان يجب توفيرها، بينما توجه اهتمام كل ساكن إلى طبق القنوات التليفزيونية، وجهاز التكييف فى معظم الشقق!
هكذا فإن الرئيس السيسى بزيارته الهجانة مصحوبا برئيس مجلس الوزراء وعشرة من الوزراء اقتحم ملفا بالغ الصعوبة عندما وقف أمام هذه المبانى الحمراء وقال وكأنه يخاطب شعبه: «هيه الناس اللى عايشة هنا عايشه إزاى، وبتاكل إزاى وبتتعالج إزاى، والأطفال الصغيرين اللى هنا حيطلعوا إيه لما يكبروا؟؟»، أسئلة صعبة جدا لم يعد من الممكن تركها معلقة، فنصف مصر حاليا لاتختلف كثيرا عن عزبة الهجانة، وفى الوقت الذى جددت الدولة الحجر من طرق ومدن فقد أصبح حتما تطوير البشر!.
وعندما ظهرت فكرة إزالة العشوائيات المخالفة فقد تبين أن أكثر من نصف مبانى البلد مخالفة وبالتالى فرضت العشوائيات نفسها، وجاءت زيارة الهجانة لتبدأ صفحة جديدة بين الدولة والعشوائيات يتم فيها الاعتراف بما أقيم فى هذه المناطق، ولكن مع إعادة وضعها على طريق التخطيط اللائق، بحيث تكون لها طرق وخدمات مناسبة من ماء وكهرباء وصرف صحى وغاز ومدارس ووحدات صحية وكل الخدمات.
ولابد لتحقيق ذلك أن يتم على حساب عدد من المساكن التى تسبق إزالتها توفير الدولة مساكن مناسبة لشاغليها. مهمة بالغة الصعوبة تنضم إلى ملف أخطر اسمه تطوير القرى المصرية، ولكن هذا قدر الذين يريدون الإصلاح الحقيقى لا بيع الأوهام.