ذكرى هادئة

ذكرى هادئة

ذكرى هادئة

 صوت الإمارات -

ذكرى هادئة

بقلم:عمرو الشوبكي

مرت ذكرى ثورة يناير بشكل هادئ على مواقع التواصل الاجتماعى، وكان احتفال المؤيدين ومن شاركوا فيها أو ساهموا فى صنعها خافتًا، وكان فى كثير من الأحيان أقرب لـ«حديث الذكريات» عن حدث تاريخى مهم فى تاريخ مصر المعاصرة.. أما الثورة فلم ينشغل كثير منهم بالهجوم عليها كما حدث فى فترات سابقة، وبدا أن صعوبات الوضع الاقتصادى وانشغال الناس بلقمة العيش جعلت الجميع ينسى الاستقطاب الحاد الذى جرى حول يناير فى السنوات العشر الماضية، وربما أيضا لأن الكثيرين وعوا أن الثورة ليست فى حد ذاتها هدفا كما تصور البعض، وإنما الهدف هو الإصلاح وتحقيق العدالة والتنمية والرخاء.

ورغم أن «يناير» ستبقى حدثا فريدا فى تاريخ مصر المعاصر، وستحتاج إلى تقييم علمى وسياسى جديد.. لكن السؤال المطروح: لماذا تعثرت؟.. بعيدا عن الإجابات التى اعتادت أن تدين الجميع دون أن تراجع أخطاءها أو تنظر للسياق الذى أدى إلى تعثر مسارها.

إن إحدى معضلات يناير تتعلق بعدم نجاح نظام مبارك فى تقديم بديل إصلاحى من داخله، وعجز الثورة عن تقديم بديل إصلاحى من خارجه، ورواج نظريات خاطئة مثل «أن أعظم شىء فى يناير أنها كانت بلا قيادة».. والحقيقة أن ذلك كان من أكبر عيوبها، فقد استمرت فى الاحتجاج والرفض دون أن تمتلك أى قدرة على بناء بديل سياسى، وجرّمت بعض تياراتها التفاوض مع النظام القديم، رغم أنه النهاية الطبيعية لحل أى صراع أو خلاف داخلى أو دولى يفترض أن تكون بالتفاوض.

سيبقى التحدى الحقيقى أمام أى تجربة تغيير فى العالم هو فى قدرتها على بناء مسار إصلاحى، كما جرى فى تجارب أمريكا الجنوبية وآسيا وإفريقيا وغيرها، والتى كانت الجمل المفتاح فيها هى: الضغوط الشعبية، والعدالة الانتقالية، والتفاوض، والحلول الوسط.. وليس المحاكم الثورية والشرعية الثورية.

إن الثورة حدث استثنائى كبير، تضطر إليه الشعوب حين تشعر بالقهر والظلم، وبعدها تصبح مهمتها هى بناء الديمقراطية ودولة القانون، وليس دولة الثورة والقوانين الاستثنائية وبداية الفيلم من أوله، حيث يلبس الثورة ثوبا دينيا مثلما عاشت أفغانستان والسودان تجارب فاشلة تحت غطاء الدين، أو البحث عن نظام ثورى يكرر تجارب فشل أخرى عرفها العالم وأسست لاستبداد تحت اسم «النظم الثورية»، ومعظمها اختفى ولم يستمر.

من المهم القول إن تجارب التغيير سواء جرت عبر ثورة أو انتفاضة أو إصلاحات من داخل النظام تكون فيها قوى التغيير مطالبة بأن تحكم وتدير بلدا، لا فقط أن تحتج أو تتظاهر فى الشوارع.. وتلك فى الحقيقة معضلة كثير من الثورات وتجارب التغيير من مصر إلى السودان، ومعهما تجارب الحراك الشعبى فى لبنان والعراق التى لم تنجح؛ لأنها أبدعت فى الرفض والاحتجاج ولم تجتهد من أجل البناء وتقديم البدائل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذكرى هادئة ذكرى هادئة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 06:02 2019 السبت ,16 شباط / فبراير

أميركية ينمو في رأسها قرن عاشت به لمدة عام

GMT 12:07 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

"Pixel 3" قفزة في تطوير صناعة الهواتف

GMT 08:39 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

كتاب جديد عن الرواية المصورة التي ظهرت في السبعينات

GMT 18:00 2013 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

توقيع رواية "باب الليل" للروائي وحيد الطويلة

GMT 18:30 2013 الأحد ,23 حزيران / يونيو

اصدار رواية"امرأة غير قابلة للكسر" لمحمد رفعت

GMT 21:39 2014 السبت ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إتهام جامعة هارفرد العريقة في التمييز العنصري بها

GMT 10:04 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

افتتاح معرض الصُّور النَّادرة "الأقصر في 100 عام"

GMT 17:56 2015 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة مروة جمال تطلق أغنيتها الجديدة "مفيش مستحيل"

GMT 07:53 2013 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

معرض للرسام الاميركي أندي وورهول في بلجيكا عن الموت والحياة

GMT 18:38 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

بلدية دبي تؤكد حرصها على دعم ذوي متلازمة داون

GMT 11:43 2013 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

جحيم السجون السورية في "عربة الذل"

GMT 13:22 2013 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تعلن تطهير الإنترنت من "الشائعات والعربدة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates