التراث حين يُستعاد قصصاً
آخر تحديث 00:00:48 بتوقيت أبوظبي
الثلاثاء 20 أيار ـ مايو 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

التراث حين يُستعاد قصصاً

التراث حين يُستعاد قصصاً

 صوت الإمارات -

التراث حين يُستعاد قصصاً

عمار علي حسن
بقلم: عمار علي حسن

حين يتحدث المختصون في دراسة التراث أو يكتبون، فإنهم يأتون بالماضي على أكف الحاضر في صيغة معارف ونظريات صارت مساقات موزعة على علوم حديثة، بعضها قابل للتداول والاستفادة منه مثل الفلسفة ونصوص الأدب والبلاغة وقبلهما بعض الآراء الدينية والتاريخ، وكثير منها لم يعد إلا جزء من تاريخ العلم غير قابل للتطبيق في واقعنا المعيش.
أما غير المختصين، وهم الأغلبية الكاسحة، فإنهم يستعيدون التراث قصصاً قصيرة، أو حكايات مختزلة، سواء كانت تنحدر من تفسير وتأويل القصص الديني المنصوص عليه في القرآن والحديث النبوي، أو تأتي من باب أولئك الذين يؤدون وظيفة في الوعظ والإرشاد والهداية من العاملين على الدعوة أو دراسة الأديان، أو كانت من الموروث الشعبي، الذي أنتجته القريحة الشعبية الكلية، والنازع في الغالب الأعم إلى الفن والتأريخ والأسطرة.
فالفرد العادي حين يتحدث عن شخصية تاريخية، سواء كانت لقائد عسكري أو فقيه ديني أو متصوف ورع أو سياسي ترك بصمة أو حتى بعض العلماء في مختلف ألوان العلم والمعرفة، فإنه لا يتناولها مثلما يفعل المحققون والمؤرخون ومن يكتبون تاريخ العلم أو يستعرضون الأدبيات وينقدونها في مستهل الدراسات والأبحاث والأطروحات الجامعية، إنما يسترجعونها حكايات شفاهية أو كتابية. وفي الأولى تختلط اللهجة العامية بما استقر في الذاكرة من بعض عبارات وردت على ألسنة أبطال الحكايات أو تعبيرات قيلت عنهم من المعاصرين لهم، واللاحقين عليهم. وفي الثانية نكون أمام كتابة تقوم بالأساس على النقول والتحقق.
وهذه القصص لا تُستعاد كما كتبت بالطبع، فضلا عن أن كتابتها لم تكن أبدا تصورها كما جرت في الواقع دون حذف أو إضافة. فالتاريخ اختيار، وما تم تدوينه منه هو مجرد جانب أو جزء أو مسار يعكس رغبة أو مصلحة أو فهم وإدراك وميل وانحياز من كتبه، فإن خرج من الصفحات إلى الشفاه، وساح في الأرض كلاما محكيا ولغة جسدية، انقطعت بعض صلته بما تم تدوينه وتسجيله في الحوليات والكتب، وقامت صلات جديدة هي بين أصل الوقائع ومقتضيات الحكي، وهي فنية بالدرجة الأساسية، أو خاضعة لشروط الفن، أدرك هذا من حكوها أو غاب عن أذهانهم.
بهذا ينساب التراث قصصاً قصيرة، ويتم تداوله على هذا النحو بين الناس، ليتحول عبر الحكي إلى شيء حي، لاسيما أن من يحكونه بأساليب وطرائق مختلفة، يطلقون في شرايينه الكثير مما تجود به مخيلاتهم وقرائحهم ليصبح قابلا للتداول والاستساغة في زماننا، أو في زمن يأتي.
إن الناس في بلادنا حين يريدون استعادة الماضي، فإنهم يفعلون هذا على طريقة «كان يا ما كان»، لكن ليس بوسعهم في مواقف كهذه، أن يصيغوا ما يودون قوله في سرد طويل أشبه بالرواية، إنما يأتي بالطبع على هيئة قصص قصيرة. وكذلك يفعل الدعاة المسلمون في قصهم على الأسماع حكايات الأنبياء والأولياء والصحابة والخلفاء والفقهاء وقادة الجند في زمن الفتوحات. وعلى المنوال ذاته يحكي الوعاظ الكنسيون قصص الحواريين والرسل والقديسين والرهبان والاستشهاديين. وتستعاد كذلك الحكايات غير الدينية من تراث العائلة والعشيرة والقبيلة، حيث يحرص من هم على قيد الحياة من الأجداد على أن يعرف الأبناء والأحفاد شيئاً عن أمجاد عليتهم وكبارهم. وتأخذ الحكايات ما هو أوسع من هذا حين تلتقط من سياق الحضارات القديمة التي لا ينشغل عموم الناس بعطاءاتها العلمية بقدر انشغالهم بما خلفته من حكايات عن البارزين فيها أو تلك التي تغلف الطقوس الموروثة في الأفراح والأتراح، والجد والهزل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التراث حين يُستعاد قصصاً التراث حين يُستعاد قصصاً



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ صوت الإمارات
اجتمعت عاشقات الموضة الشهيرات في الوطن العربي خلال الساعات والأيام الماضية على تفضيل اللون الأسود لتزيين أحدث ظهور لهن، حيث تكاثفت إطلالات النجمات المتألقات بالأزياء السوداء، وزينت مواقع التواصل الإجتماعي، وطغت على اختياراتهن الأناقة والتفاصيل المعاصرة، كما تنوعت تلك الأزياء بين ما يناسب النزهات الصباحية، وأخرى للسهرات، ولأنه اللون المفضل في كل المواسم دعينا نلقي نظرة على أحدث إطلالات النجمات، لعلها تلهمك لاختيار إطلالتك القادمة على طريقة واحدة منهن. إطلالة نانسي عجرم ملكة البوب العربي نانسي عجرم عادت لصيحتها المفضلة في أحدث ظهور لها، من خلال اختيار موضة الجمبسوت المرصع الذي تفضله كثيرا في حفلاتها، ولم تتخل الفنانة اللبنانية عن لونها المفضل الذي رافقتها مؤخرا بكثير وهو اللون الأسود، حيث اختارت جمبسوت مرصع كليا بالت...المزيد

GMT 21:26 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

غارات إسرائيلية على خان يونس وبيت لاهيا

GMT 21:27 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

غارات أميركية على الجوف ومأرب في اليمن

GMT 23:33 2019 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

ستيفاني صليبا تدعم العملة اللبنانية عن طريق الموضة

GMT 17:07 2019 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

"أمبريال إميرالد" عطر جديد مميز من "ذا ميرشنت أوف فينيس"

GMT 07:10 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ولي عهد رأس الخيمة يزيح الستار عن لوحة الخمس نجوم

GMT 04:53 2015 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

هاشتاغ "الإمارات ترحب بالسيسي" يتصدر "تويتر"

GMT 10:26 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"مشتل الورد البلدي" كتاب يضم ثلاث مسرحيات للأطفال

GMT 05:00 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

عمرو الليثي يُوضّح كواليس آخر حوار أجرته شادية

GMT 20:39 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

انخفاض مؤشر مبيعات التجزئة في اليابان خلال كانون الأول 2016

GMT 15:32 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يزور واحة الكرامة في أبوظبي

GMT 11:53 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

عبير الأنصاري توضح أن ياسمين صبري صاحبة الإطلالة الأجمل

GMT 00:13 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سكني يواصل تسليم فيلات بـ 25 مشروعاً.. تعرف عليها

GMT 14:53 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

طارق الشناوي يكشف سبب توقيف تصوير مسلسل عن "الشهيد المنسي"

GMT 22:20 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد السالم نجم مهرجان العيد الوطني في البحرين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates