يوم أسرى أرضهم

يوم أسرى أرضهم

يوم أسرى أرضهم

 صوت الإمارات -

يوم أسرى أرضهم

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

كما ختام كل مارس (آذار) طوال أعوام مضت، منذ 1976، أحيا الفلسطينيون أمس «يوم الأرض». في السابع عشر من أبريل (نيسان) المقبل يجري إحياء «يوم الأسير» الفلسطيني. هل أبتعد كثيراً عن الصواب، إذا قلت إن أحق الفلسطينيين بإحياء يوم تأكيد فلسطينية الأرض، هم الأسرى والأسيرات، الصامدون والمرابطات، في سجون الاحتلال الإسرائيلي؟ كلا، لستُ أظن ذلك. حقاً، كم هو مجافٍ للحق حين يُعطى هؤلاء وصف سجناء. ما كانوا كذلك، أبداً، ولن يكونوا. إنهم أسرى انتماء يربطهم بأرض أجداد أجدادهم. عشق لها يسكن قلوبهم فيحول بينهم وبين أي فِكاك منها. لقد أثبت الواقع، قروناً بعد قرون، كيف أن المحتل الإسرائيلي الظالم يخادع نفسه، قبل غيره، عندما يقنع غُرورَ الذات، أن أحرار الإرادة الذين يزنزنهم وراء القضبان، هم مجرد مساجين. كلا، الحق أنهم أسرى استعلاء ظلم الاحتلال وجبروته. إنهم فتية آمنوا أن للأقصى المُبارك حوله رباً يحميه، فقبضوا بقلوبهم على الجمر، وإذ سرى بينهم رباط العشق ذاك، راح يشد أرواحهم إلى بعضها بعضاً، فاتضح لهم الخيط الأبيض من الأسود، وفُتح لهم باب مجد الارتباط بأرض على أديمها وُلِدوا، وإلى ترابها سوف تعود، ذات يوم، أجسادهم.
بيد أن عَد أسرى وأسيرات فلسطين الأحق بإحياء يوم الأرض، يجب ألا يجب حق أهليهم وكل ذويهم في إعطاء هذا اليوم ما يستحق من التكريم. ضمن هذا السياق، ربما من الجائز، أو الضروري، طرح سؤال مهم: هل يبقى الاحتفاء الفلسطيني بيوم الأرض، هو في حد ذاته، أسير طقوس ليست تتجاوز الخطب الحماسية، والقصائد العصماء؟ وما دام أن حركة «فتح»، وحركة «حماس»، بلا تقليل من أهمية أدوار باقي التنظيمات، تشكلان، معاً، التنظيمين الأهم في ميدان العمل السياسي، فلعل الأجدر أن يبدأ طرح ذلك التساؤل من قِبل أعضاء قواعد الفصيلين - «Grass Roots» - فهؤلاء مطالبون، تاريخياً، بالارتقاء إلى مستوى المسؤولية ووضع قيادات التنظيمين أمام متطلبات وضع كل خلافاتهم الفصائلية جانباً، بغية الاتفاق على ما يدفع في اتجاه تحقيق أقصى درجات الانسجام، وصولاً إلى إنهاء فعلي لسنوات انقسام تقترب من إتمام عامها الرابع عشر.
من الضروري هنا توثيق حقيقة أن التوافق على المضي جدياً على طريق إتمام العملية الانتخابية، قد تم فعلاً بين قيادات الحركتين. صحيح أن الآمال التي انتعشت باحتمال مشاركة حركتي «حماس» و«فتح» بقائمة موحدة في الانتخابات لم يُكتب لها أن تصمد طويلاً، لكن هذا الإخفاق كان موضع ترحيب، في الوقت نفسه، من قبل كثيرين رأوا أن الوضع الصحي الأفضل، سياسياً، يوجب تنافس الحركتين في قائمتين تضم كل منهما مرشحين من مختلف الشرائح والاختصاصات. هذا ما حصل، وفق ما تردد خلال الأيام الماضية، إذ يُفترض أن يُغلق اليوم، الأربعاء، باب تقديم أي قوائم انتخابية. هل يكفي هكذا إنجاز، رغم أنه كثير الأهمية، للمضي أبعد في التفاؤل بشأن قرب إنهاء انفصال قطاع غزة عن رام الله، بكل تبعاته في مختلف المجالات؟
تتوقف الإجابة بالإيجاب أو السلب، على تصرفات ما بعد الانتخابات، ومواقف ممثلي الحركتين تحت سقف المجلس التشريعي الجديد. يرى متفائلون كثر أن وجود شخصيات مستقلة في قائمة حركة «فتح»، وأيضاً قائمة «حماس»، بالإضافة إلى تضمين مرشحي القائمتين أسماء مِهنيين ورجال أعمال ونساء، سوف يفعل الدور الاستقلالي للمجلس التشريعي الجديد. هذا، طبعاً، بافتراض نجاح أكبر عدد من أولئك المرشحين، وبالتالي، يأمل المتفائلون أن تمارس السلطة التشريعية الجديدة أقصى ما تستطيع من ضغوط على القيادات التنفيذية لكلتا الحركتين، فتفرض إنهاء الانقسام على الأرض، بلا سابق قيود أو شروط. كلام مُنعش بالفعل، بعدما كادت آمال الوئام تُزهق في غرف الإنعاش أكثر من مرة.
عام 1976، انطلق يوم الأرض الفلسطيني رداً على استمرار السلطات الإسرائيلية في مصادرة أراضي الفلسطينيين جوراً، وبلا أي مبرر. يومذاك، من الجليل شمالاً، إلى النقب جنوباً، واجهت دولة إسرائيل شعباً يقول إنه موجود، رغم قيامها على أنقاض الحقوق المغتصبة، وإنه باق على أرض أجداده، حتى تقوم القيامة. الآن، مطلوب أن تحرر قيادات النضال الفلسطيني إراداتها من كل ارتهان لغير الإرادة الفلسطينية. ذلك أقل ما يُفترض من وفاء لأرض فلسطين، اليوم وكل يوم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم أسرى أرضهم يوم أسرى أرضهم



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates