أمَا للشتات من نهاية

أمَا للشتات من نهاية؟

أمَا للشتات من نهاية؟

 صوت الإمارات -

أمَا للشتات من نهاية

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

نعم، أعني الشتات الفلسطيني، إنما ليس الذي يشير إلى مخيمات المنافي، بل تشتت أغلب القيادات الفلسطينية في ديار اغتراب اختاروها إما بقرار اتخذوه بأنفسهم، أو ربما فُرِضت عليهم قسراً. لفتني أول من أمس عنوان خبر على الصفحة الأولى من «الشرق الأوسط»، أفادني بأن قيادة حركة «حماس» مشتتة بين قطر وتركيا. فور مطالعة العنوان، وقبل الاطلاع على تفاصيل التقرير، وجدتني أتساءل: وماذا جرى لقطاع غزة، هل اختفى فتحقق التمني الخبيث للراحل إسحق رابين، عندما زعق علناً، خلال عنفوان انتفاضة حجر أطفال فلسطين الأولى، أنه يود تكسير أرجل وأيدي الأطفال، ثم إنه يتمنى لو أن البحر يبتلع غزة، بكل أهلها، لكن الجنرال رابين اغتيل بيد أحد متطرفي إسرائيل ذاتها، وأمّا مَن صمد مِن أطفال غزة، وكُتِب له ولها العمر، فقد صاروا شباناً ورأوا غزة تقاوم تسونامي الظلم الإسرائيلي، حرباً تلد التي تليها، ثم رأوها تعاني الأمرّين، حصاراً من البر ومن البحر، وانقساما بين قادة تنظيمات أمسوا إخوة، ثم أصبحوا أعداءً، وها هم يرون بعضهم مشتتين ما بين العواصم.
بدءاً، يجب التسليم بأن ليس من حق أحد أن يُحقق مع الناس لماذا قرروا أن يعيشوا حيث يقيمون، خصوصاً إذا كان مثير التساؤل هو ذاته يقيم بعيداً، في بلاد الاغتراب، كما حالي. بيد أن ما قد يوجد شيئاً من المنطق يبرر إثارة السؤال، كون الأشخاص المعنيين قادة يتحملون مسؤولية قضية شعب، كما حال قيادات حركة «حماس» الأفاضل، وغيرهم من قادة تنظيمات فلسطينية يفضّلون هم أيضاً الإقامة في عواصم بمناطق عدة من العالم. ضمن هذا السياق، آمل ألا يرى القادة الحمساويون، المُشار في الخبر إلى أنهم مشتتون ما بين قطر وتركيا، أي استفزاز في سؤالهم: لماذا مثل هذا الشتات في حين أرضكم موجودة، أليست هي الأحق بكم من غيرها؟ صحيح أن السلطات الإسرائيلية تمنع عدداً منكم من الرجوع إلى قطاع غزة تحديداً، لكن بعضاً منكم، وآخرين في تنظيمات غير حركتكم، إما أنه قرر فجأة السفر من غزة بنيّة عدم العودة إليها، أو أنه من الأساس يفضّل البقاء في عواصم الشتات. رغم محاولتي تجنّب ذكر أسماء، إلا أنني أجد من الصعب تجاهل الإشارة إلى مَثلٍ يمكن أن يُضرب بما حصل مع السيد خالد مشعل عندما عاد إلى غزة (2012) وشوهد من قِبل ملايين الناس، عبر الفضائيات، وهو يقبّل، ساجداً، ترابها، فلِماذا لم يبق فيها، ولو اضطر إلى ذلك مختبئاً، في حال طاردته إسرائيل، بزعم أنه من الضفة الغربية؟
أهو سؤال مشروع، أم أنه متجاوزٌ حتى أصول اللياقة؟ ثمة تنويه أجده ضرورياً هنا، خلاصته أن آخر ما يخطر بالبال هو التشكيك بإخلاص أي شخص لفلسطين، لمجرد أنه مقيم بعيداً عن أرضها. ليس هذا من حقي، ولا يجوز لأحد غيري، ذلك أنني أعتقد أن في علاقة كل شخص بوطنه، ما يشبه الصلة الروحانية، إنها أمر خاص. إذنْ، إذا وُضع التشكيك جانباً، يظل مشروعاً طرح السؤال على قادة حركة «حماس»، أليست بلدكم، وتحديداً قطاع غزة، أولى بكم من التشتت خارجها؟ ثم أليس الأوْلى هو الرجوع إلى غزة كي تواصلوا مهمة إنهاء شتات الانقسام المميت بينكم وبين قادة حركة «فتح» الأفاضل هم أيضاً؟
أسئلة تحتاج إلى إجابات، ليس لأنها تخص هذا الشخص أو ذاك، كل امرئ حر في اختيار أين يقيم، وإنما لمناقشة المنهج ذاته. يبقى أن حديث غزة فتح في الذاكرة ملف حدثٍ تاريخي عشته صبياً في العاشرة. وقع ذلك في مثل هذا اليوم قبل ثلاثة وستين عاماً، نهار الحادي عشر من مارس (آذار) 1957، عندما شهدت عيناي جنازة شاب شُيِّع بعدما تسلق، في اليوم السابق، سارية علم السراي الحكومية بمدينة غزة، كي ينزل علم قوات الطوارئ الدولية، ويرفع مكانه العلم الفلسطيني متعانقاً مع العلم المصري، رفضاً لمشروع تدويل القطاع، وإصراراً على عودة الإدارة المصرية، فقُتل برصاص جندي يتبع ذوي القبعات الزرق. منذ ذاك اليوم أُطلق على محمد علي المشرف اسم «شهيد العلم». اسم يليق به، مثلما أن قطاع غزة يليق بأن يعود إليه كل من استطاع إلى ذلك سبيلاً من قادة «حماس»، وغيرهم، بدل التشتت بين أي من بقاع العالم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمَا للشتات من نهاية أمَا للشتات من نهاية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates