استبشار ليبي ـ فلسطيني ولكن

استبشار ليبي ـ فلسطيني... ولكن!

استبشار ليبي ـ فلسطيني... ولكن!

 صوت الإمارات -

استبشار ليبي ـ فلسطيني ولكن

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

ها هي الذكرى العاشرة لنهار السابع عشر من فبراير (شباط) الليبي عام 2011 تطل اليوم تحمل معها قليلَ استبشار، أو كثيرَ تفاؤل، وربما لا شيء على الإطلاق. يتوقف أمر التقييم على أي خندق يتمترس بين جنبيه مَنْ يقيم. إنما، يحق لعموم ناس ليبيا، المكتوين أكثر من كل السياسيين، بنار انقسام توجهات الفِرق السياسية، وأعاصير توزع ولاءات من تولوا أمرهم منذ إطاحة حكم معمر القذافي، بين شرق وغرب وشمال وجنوب، أن يتفاءلوا ببعض الخير، بأمل أن يجدوه فعلاً، وليس قولاً فحسب. إذا أمكن ذلك، سوف يكون بوسع طائر الفينيق الليبي أن ينهض من ركام محارق العشرة أعوام الماضية، فيفرد الجناحين، ويبدأ التحليق في فضاءات مستقبل مستبشر بغد أفضل، وإذ ذاك يستطيع الليبيون، باحترام حضاري لتعدد رؤاهم الفكرية، واعتداد بتنوع منابتهم الكريمة المحتد، يتسامى عن أي تزمت قبلي، أن يطووا عذابات السنين العجاف التي عصف مُرها بهم خلال معظم سنين حكم القذافي، وكذلك آلام ما مضى مما مر بهم طوال أعوام فوضى ما بعد إطاحته.
أتى الاستبشار الليبي من جنيف بعدما لبى فرقاء الصراع في ليبيا دعوة الأمم المتحدة، إلى اجتماع على أرض الحياد السويسري، حيث جرى العرفُ، دولياً، أن تلتقي أطراف أزمات عالمية كبرى، بغرض إيجاد حلول لما استعصى عليها التوصل إليه في مواقع اشتعال تلك الأزمات. بعد صعوبات جمة، انتهى ذلك اللقاء، في خامس فبراير الحالي، إلى تشكيل مجلس رئاسي وحكومة انتقالية تتولى التحضير لإجراء انتخابات عامة نهاية هذا العام. إنجاز مهم، بالطبع، من شأنه أن يحفز كل ذي عزم أن يبذل الجهد المطلوب لإنجاح ما أمكن التفاهم عليه. بعيداً عن جنيف، ولكن غير بعيد من ليبيا، كان ثمة استبشار آخر، مهم جداً هو الآخر، يطل من القاهرة. أخيراً، تعلن قيادات حركة «فتح» وحركة «حماس»، نهار التاسع من فبراير ذاته، أنها توصلت إلى اتفاق على الالتزام بإجراء انتخابات المجلس التشريعي، وأيضاً الانتخابات الرئاسية وفق الجدول الزمني المقرر. حقاً، جائز لكل فلسطيني أن يستبشر فيفرح لهكذا إنجاز، إنْ هُو، وهي، معنيان فعلاً، بالصالح الفلسطيني.
إنما، كما حصل مراراً من قبل، ليس مستبعداً أن يصحو المستبشرون خيراً، سواء في الجانب الليبي، أو الفلسطيني، فإذا استبشارهم أصبح كالصريم، وقد حل بينهم، فيما هم نائمون في مخدع الأمل، حالك ظلام أطماع أصحاب المصالح في استمرار فرقة الليبيين، وانقسام الفلسطينيين، وإذ غدوا، أولئك وهؤلاء، إلى زرع آمالهم وجدوا أن ما منوا الأنفس به مِن حلو الأعناب، هو حصرم مر المذاق. لماذا؟ صاح كل مصدوم هز بنيان عقله وقْعُ ما لم يتوقع، فإذا الجواب صاعق مثل شهاب برق؛ لأنكم عن طمع الغير غافلون، ولأن انغماسكم في ألاعيب التلاوم، طوال أعوام الارتماء في أحضان مصالح غيركم، تجاوز كل حد معقول، فأنساكم، منذ سنين طالت، أين هو صحيح الطريق الموصل لصالح قومكم قبل منافع أولياء أموالكم.
أدرِك كَمْ تتناقض الفقرة التي سبقت، بما تحمل من إحساس الإحباط، وربما اليأس، تماماً، مع كل ما تقدم من تفاؤل. لكن كل هذا الكم من التشاؤم، والتشكك، مبرر، عندي كما عند كثيرين غيري. لقد قال كثيرون، من قبل، وما زالوا يقولون، وسوف يُقال دائماً، سواء في الشأن الفلسطيني، أو الليبي، أو اللبناني، أو العراقي، أو في شأن كل احتراق عربي، يتصارع على غنائمه «أخوة أعداء»، قبل حتى الحصول على الغنائم، إن التوصل إلى الحل أبسط من كل شروط التعقيد التي توضع، على طرق الحلول. يكفي أن يوقف كل مرتبط بطرف أجنبي اختراق ذلك الطرف لعمق الصالح الوطني، حتى تنفتح أبواب التصالح الحقيقي بأسرع مما يتخيل الجميع. نعم، سوف يقال إنني أبسط الأمر كثيراً. ليكن. أكثر من ذلك، أتمنى أن يخيب إحساس الإحباط عندي، فيُظهِر التزام كل أطراف الاستبشار الليبي، وأيضاً الفلسطيني، التفاؤلَ على التشاؤم من جانبي. يبقى القول إن أقداري شاءت لي أن أشهد مراحل مهمة في علاقة الشعبين الليبي والفلسطيني، قبل مجيء القذافي، وبعده، ثم إنني عايشتُ، في الحالتين، بعضاً مما جرى في ليبيا ذاتها من صراعات بين أطراف فلسطينية عدة، لست أدري، الآن، كيف أصفها. لكن تلك قصة لم يحن أوانُها، بعد.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استبشار ليبي ـ فلسطيني ولكن استبشار ليبي ـ فلسطيني ولكن



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates