المدرسة وترسيخ ثقافة المسؤولية في المجتمع

المدرسة وترسيخ ثقافة المسؤولية في المجتمع

المدرسة وترسيخ ثقافة المسؤولية في المجتمع

 صوت الإمارات -

المدرسة وترسيخ ثقافة المسؤولية في المجتمع

بقلم عماد بنحيون

ما دام العلم هو التجسيد الأكمل للعقل في محاولة فهم الإنسان للعالم، فقد حافظ العقل على ثقة الإنسان فيه مشرعا يمنح صاحبه الوسائل والآليات لسن قوانين الحياة وتنظيم المجتمعات، حتى أصبح كل ما يرتبط من نواميس وقوانين وعادات وتقاليد في هذا العالم من صنعه سواء كان توليدا أو استنباطا أو استدلالا وفق قواعد المنطق الموضوعة من طرفه أو تحكيما عن طريق الاستشهاد بتجارب أو بواسطة افتراضات أساسية يسلم بها ويستند إليها ليدرك طبيعة العالم المحيط به، أو مسلمات من الكتب السماوية عن طريق تأليف نسق الفكر أو المعتقدات أو الرموز، مستعملا حواسه للتفاعل مع العالم المحيط به ومتجاوبا بواسطة عقله مع واقعه الموضوعي ومحيطه الطبيعي والاجتماعي وثقافته التي تزوده برؤية محددة لهذا العالم.

 المدرسة إذن، الفضاء الأمثل الذي يصور نموذجا لحياة اجتماعية كما يطلبها العقل، وكما يخطط لها، فهي التي يتشكل ضمنها مجموع الأنشطة المعرفية والقيمية والمهارية، تشاركية كانت أم فردية، التي تستهدف تكوين شخصية التلميذ وتطعيم ثقافته وتنمية رصيده المعرفي والثقافي، بهدف تعزيز إيمانه بإمكاناته الذاتية واستقلاليته، وتدعيم مبدأ احترام الآخر، وترسيخ ثقافة المسؤولية في المجتمع وتطوير معناها الاجتماعي، ووضعها في سياق التعاون والتكافل والتآزر والتضامن والتكامل.

والحرص على التقاء أهدافها وتقاربها مع أهداف المدرسة وخلق التوازن المنشود مابين متطلباتها ومتطلبات المجتمع الإنساني، وإنتاج وتوفير ما يشبع الحاجات الأساسية لأفراده الذين تتشكل ذات العنصر الواحد منهم وهويته من خلال اجتماعه بالآخرين وتفاعله معهم، مع الحفاظ على الممارسات الثقافية والاجتماعية الأصلية وتطويرها بشكل يتلاءم مع النموذج المجتمعي الذي يطمح العقل إلى تكوينه وتطويره.

وبما أنه لا يختلف اثنان أن المدرسة أينما كانت تحتاج إلى دعم ومساندة دائمة من محيطها المجتمعي، سواء كان من طرف الآباء أو أولياء الأمور بصفة خاصة، باعتبار الأسرة مدرسة أولى ترافق الإنسان منذ ولادته إلى وفاته أو من طرف مختل البنيات المكونة له بصفة عامة، لتحسين جودة التعليم بالمؤسسة المخول لها من طرف المجتمع تربية الفرد وترسيخ ثقافة المسؤولية لدى أبنائه، وجعلهم نموذجا لهم في تحمل المسؤولية التي يجب أن تكون شعارا وواقعا في نفس الآن، تنعكس عليهم بواسطة مشاركتهم الدائمة ورغبتهم في المشاركة الفعالة في جهود تحسين التعليم، وزيادة فاعلية المدرسة في تحقيق وظيفتها التربوية، وترسيخ ثقافة المسؤولية لدى جميع أفراد المجتمع الذي لا يمكن أن يؤدي وظائفه الأساسية إلا من خلال تماسك بنياته الأساسية، لأن المدرسة الجيدة هي تلك التي تمكن من بناء علاقة جيدة ما بين أفراد محيطها المجتمعي وهي التي تستطيع أيضا زرع العادات الإيجابية وترسيخ ثقافة الحق والواجب، والإحساس بالمسؤولية، عن طريق زرعها في أفراده الصغار باعتبارها ثاني آلية للتنشئة الاجتماعية داخل المجتمع بعد الأسرة.

دعم المجتمع للمدرسة إذن لا يمكن أن يصل إلى الشكل المطلوب الذي يمكنها من تحقيق أهدافها، إلا إذا كان دعما نابعا من إحساس بنياته الأساسية المكونة من أفراده، بمسؤوليتهم تجاهها وتجاه عناصره. فالفرد المكون له يجب عليه أن يشمر عن سواعده وأن يتحمل المسؤولية ويرسخ لها في محيطه للتغلب على الثقافات المتعددة التي سادت و انتشرت لدى الصغير قبل الكبير، فتبنت ثقافة التبرير والنقد السلبي الذي ينبني على المؤامرة وتصفية الحسابات، التي تساهم في مزيد من التمزق الاجتماعي وخلق العداوات والتملص من المسؤولية وتحميل مسؤولية الاخفاقات للآخر بدلا من الاعتراف بمنجزاته لكي يتحمل هو الآخر مسؤوليته عند الخطأ قبل الصواب.

  فترسيخ ثقافة المسؤولية وتحقيق التماسك الاجتماعي يفرض ضرورة تعايش وتفاعل أفراده مع بعضهم البعض للوصول بها إلى التكامل و الاقتناع بترابط مصالح أعضائه بمصالح الآخرين، ذلك لأن استقراره وتماسك أي مجتمع رهين بقدرته على استيعاب التغيرات التدريجية وقابليته للتحول والتجديد وفق مقاربة يتحمل جميع عناصره مسؤوليتهم كاملة فيها بإقرار الحق والاعتراف بالواجب وبواسطة أداة من صنعه ووضعه تدعى المدرسة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدرسة وترسيخ ثقافة المسؤولية في المجتمع المدرسة وترسيخ ثقافة المسؤولية في المجتمع



GMT 02:32 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم عن بُعد

GMT 23:41 2018 السبت ,03 آذار/ مارس

أبي حقًا

GMT 15:19 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقييــم رؤســاء الجامعــات؟!

GMT 13:52 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

التلميذ.. ونجاح الأستاذ

GMT 16:14 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حكايات من المخيم " مخيم عقبة جبر"

GMT 15:42 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الإرشاد النفسي والتربوي

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 02:59 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة
 صوت الإمارات - بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 21:09 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

"داميان هيندز" يطالب بتعليم الأطفال المهارات الرقمية

GMT 11:11 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حسن يوسف سعيد بالاشتراك في مسلسل "بالحب هنعدي"

GMT 03:01 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

حسين فهمي ووفاء عامر يستكملان "السر" لمدة أسبوع

GMT 16:07 2013 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم النينجا المكان الوحيد الذي تخدمك فيه النينجا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates