لا للإجهاز على مكتسبات منخرطي الصندوق المغربي للتقاعد

لا للإجهاز على مكتسبات منخرطي الصندوق المغربي للتقاعد

لا للإجهاز على مكتسبات منخرطي الصندوق المغربي للتقاعد

 صوت الإمارات -

لا للإجهاز على مكتسبات منخرطي الصندوق المغربي للتقاعد

عبدالله علالي

تأتي تحركات الفاعلين النقابيين الرافضين للمشاريع التراجعية التي تجهز على مكتسبات من أجلها ضحى مناضلون شرفاء في زمن كان فيه النضال له طعم وقوة، وفي وقت كان المفصح  فيه عن امتطاء هذا الطريق يسجّل في خانة المغضوب عليهم، إنَّ ما نلمسه اليوم في ظلّ حكومة تريد حلّ مشاكلها على حساب الطبقة العاملة يؤكد بأنَّ السياسة المتبعة ليس فيها من الخلق والإبداع ما يذكر، اللهم التدبير الضيق المرتبط بالميزانية السنوية أو "تدبير الصندوق"  التي تسيرها  الحكومة بشكل تقشفي وغير اجتماعي، فالتفكير في إدخال تعديلات عبر مشروع قانون صندوق المغربي للتقاعد يؤكد قصور الحكومة في حلّ  الإكراهات والمشاكل، ومن تمّ كيف يمكن لها حلّ مشاكل شعب  بأكمله؟

وعندما ترسل المشروع إلى مجلس استشاري كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فإنها تؤكد للمركزيات النقابية "أنا لست بحاجة لفتح أي حوار في هذا الشأن" لأنها تعي مسبقًا على أنَّ إدخال تعديلات تراجعية في قانون الصندوق المغربي للتقاعد هو مشروع مرفوض.

ولقد بدأت بوادر الإحتجاجات تتناتر بدء بالإضراب الوطني ليوم 23 أيلول/ سبتمبر من السنة الجارية، التي دعت له ثلات مركزيات نقابية ومن بينهم المنظمة الديمقراطية للشغل، كما أنَّ توريط المجلس الاقتصادي في هذا الملف يوضح  التهرب من المسؤولية ورميها في مرمى هذا الأخير، رغم أنَّ "لي فراس الجمل فراس الجمالة" والضوء الأخضر، الذي تريده الحكومة لتمرير هذا المشروع الخطير مازال برتقاليًا وقد يطول توقيته وإنَّ لم نقل سيرجع أحمر إذا توحدت النقابات في نضالاتها بعيدًا عن الخلافات الشخصية والتنظيمية لأن المرحلة لا تتحمل المزيد من التفرقة بين صفوف المناضلين على أساس إحترام استقلالية قرارات كل نقابة دون التفكير في الإبتلاع،  فتوحيد النقابات الفعلية في التصدي لهذا الأمر الخطير سيكون سدًا منيعًا أمام التداعيات الخطيرة،  وما يمكن أنَّ يترتب عن المشروع  من ضرر لدى المنخرطين وذوي الحقوق.

وللأسف الشديد فهذه الحكومة ستكون أول حكومة من نوعها في تاريخ الحكومات التي تطبّق بالحرف توجيهات المؤسسات الدولية الراميّة إلى خصّخصة المرافق العمومية ووضع مخطّطات تخدم التوجهات الرأسمالية المتوحشة، فحتى مساهمات الموظفين في الصندوق المغربي للتقاعد تريد ابتلاعها، برفعها لسنّ التقاعد إلى 65 عامًا واحتساب 2 % للعام عوض 5.2 % و 8 سنوات كمعدل احتساب قيمة  التقاعد عضو أخر أجرة و ....

مّا يؤكد على أنها عازمة على تمرير مشروعها دون البحث الحقيقي عن الأسباب والمسببات والحلول حيث كان من المفروض إيجاد المفاتيح الناجعة والآنية لمعضلات الاختلالات في منظومة الأجور و المهن؛ فكتلة الأجور التي يُقال عنها أصبحت ترهق كاهل الدولة يجب أنَّ يتمّ تشريحها وتحليل مكوناتها ورصد الفوارق بين الأجور العليا والمتوسطة والصغرى، وتدارك هذه الإكراهات بسحب التعويضات الخيالية المؤثرة بشكل كبير على كتلة الأجور، أما الأغلبية الساحقة من الموظفين فيقتسمون أجور تسد فقط الرمق.

اليوم نحن أمام خيار مُجهز على المكتسبات والحقوق، فبأيّ حق للحكومة الحالية إصدار قوانين تراجعية؟

اليوم الكل مساءل أمام هذه المشاريع الخطيرة الكلُ مساءل من معارضة و يمين ونقابات وهيئات، وعلى هذا الوضع المرتبك الذي سيرجع لا محالة المغرب إلى الوراء مكرسًا سياسة أحادية الجانب فمجيء هذه الحكومة يؤكد على أنها أخطأت التاريخ حيث جاءت فقط لمعقابة المواطنين الذين وضعوا فيها الثقة، للأسف ما نشهده اليوم هو حكومة فاقدة للشعبية زادت في إثقال الشعب بالديون راهنة بدلك مستقبل الأجيال المُقبلة مغلقة الأبواب أمام التشيغل وعاجزة أمام توجه اجتماعي حقيقي يحفظ كرامة المواطنين.

لقد جاء تقرير المندوبية السامية للإحصاء مخيبًا للتوقعات حيث أنَّ مؤشرات البطالة تندر بخطر وشيك، خاصة فئة الشباب التي هي في حاجة ماسة إلى العمل، هذا هو الذي يجب أنَّ تنكب عليه الحكومة وليس توسيع الهوة بين الفئات وتفقير الطبقة المتوسطة المحركة للاقتصاد الوطني.

فتمرير المشروع التراجعي للتقاعد سيكون له ما بعده من تداعيات مُجحفة في حق الموظفين الذين أصبحوا في نظر الحكومة فئة غير مرغوب فيها فئة مستهلكة غير منتجة يجب أنَّ تطرق باب التجارة، لعل وعسى أنَّ تحصل على مدخول أفضل، فتصوير الوظيفة العمومية بهذه الفضاعة هو تكتيك معتمد لتمرير المشاريع التراجعية المملاة من الخارج.

وفي ظل من يريد تفكيك الحركة النقابية وجعلها مجرد أرقام وإدخالها في سلم اجتماعي يروم تدجينها وإضعاف مقاومتها ومناعتها المدافعة على الشغيلة، وفي ظلّ يسار يؤكد عنه البعض بأنه متهلهل غير قادر على إرغام الحكومة على التراجع عن القرارات اللاشعبية.

فعلاً اليوم نحن في حاجة إلى التشبت بقيم اليسار التي تبتعد عن التشتيت وعن التقسيم والانتقاد المجاني بين صفوفه، هذا اليسار محتاج اليوم إلى وقفة تأمل من اجل التصالح مع الذات، يسار قوي بمواقفه، رادع لكل ما من شأنه القفز عن المكتسبات وتبضيع الشغيلة والمجتمع وجعلهما في قلب الاستراتجية الليبرالية المتوحشة.

هذا اليسار الذي نحلم به يجب أنَّ يبتعد عن صراعات المواقع وعن الخلافات الجانبية وعن المتاهات السياسية؛ حيث يجب أنَّ يُجدّد في فكره وأنَّ يبتعد عن الأنانية والذاتية، لقد تأكد بالملموس أننا لم نلج بعد إلى جوهر دستور 2011 لم نجاوب بعد عن طموحات المطالب الاجتماعية؛ فهذا الدستور جاء نتيجة مخاض اجتماعي يعرفه الكل، لكن للأسف أجهض في ظلّ هذه الحكومة الفاقدة للبوصلة الاجتماعية حيث يكتوي المواطنون بالغلاء الفاحش و التردي في المعيش اليومي.

لقد تبث بأنَّ ليس هناك أيّة استراتجية اقتصادية واضحة قادرة على خلق الثروة والاستفادة من الرأسمال البشري الذي لا يقدر بثمن اللهم بعض الخرجات الحكومية المحتشمة التي تروم در الرماد في العيون، قد يقول البعض بأنَّ هناك أّزمة عالمية أثّرت في التوجه الاقتصادي وأدت إلى إغلاق المعامل لكن يتضح بأنَّ الفوارق الاجتماعية تزداد استفحالًا ليس جراء هذه الأزمة بلّ لغياب سياسة اجتماعية ديمقراطية قادرة فعلاً على بلورة توجّه حقيقي قادر على محاربة الفساد وإرجاع الثقة للمواطن وجعله موردًا للثروة.

الأزمة التي نعيشها هي أزمة تدبير وتخطيط وأزمة إبداع كذلك فالأمم التي لا تبتكر فإنها تتراجع إلى الوراء، كما أنَّ فضاء الابتكار هو مسؤولية من يدبّر الشأن العام ومن يُخرج القوانين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا للإجهاز على مكتسبات منخرطي الصندوق المغربي للتقاعد لا للإجهاز على مكتسبات منخرطي الصندوق المغربي للتقاعد



GMT 07:21 2024 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

الإصلاح الاقتصادي ..والطبقة المتوسطة

GMT 07:16 2024 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

التضخم …آفة مهلكة

GMT 07:10 2024 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

أزمة الطاقة وسيناريوهات المستقبل

GMT 07:08 2024 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

الدولار إلى أين في سباقه مع الجنيه المصري؟

GMT 07:05 2024 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

دور الاستثمار العقاري الخارجي في التنمية الاقتصادية

GMT 15:02 2019 الأربعاء ,08 أيار / مايو

التقشّف ضرورة وليس خياراً يبحث عن شعبية

GMT 23:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

خطة الحكومة في هيكلة قطاع الأعمال العام

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates