آن الصافي
يا صاحبي الإِثْم
- يا صديقي ..كيف لي أن أنجو وحولي الدمار يأكل كل شيء.. في روحي وجسدي..
- هالني ما سمعت، كيف أنت الرجل المثالي في السجن، ما هي جريمتك؟
- إثمي...صحح تعبيرك.
احتسى من كوب الشاي وهو ينظر لظلال قضبان النافذة المقاطعة لأشعة الشمس وأكمل..
- عشيقتي تواصلت مع زوجتي برسالة عبر الهاتف..كيد النساء يا صديقي..
-...
- أعلمتها بأنها رأت صورها من هاتفي ونعتتها بأقذع الصفات...طالبة منها أن ترحل عن حياتي...
- وهل كنت تعلم بذلك؟
- زوجتي، الآن طليقتي..راقبتني ودرست تفاصيل كذبي وتمثيلي، لقد علمت بأمري من أول يوم خيانة وبدأت في جمع الأدلة ضدي.أسلوب حرب طويلة وصامتة، قرابة العام وهي تحتقرني ولا تظهر لي ذلك... بعد أشهر من احتفاظ زوجتي بالرسالة واجهتني.. كنت أظنني أذكى الرجال لأكتشف بأني تلميذ خائب في الحياة!
- يالها من صدمة!
- ما آلمني حكم المحكمة بقدرما آلمني ما شاهدت من قبحي وفضيحتي أمام كل من يعرفني..لقد فقدت مصداقيتي للأبد!
- قبحك؟
- نعم...فكيف لي كمعلم ومربي لأجيال أن أري صور زوجتي الخاصة لعشيقتي، بل لم سمحت لنفسي بهذه العلاقة والتي ما أضافت لي سوى الذل والهوان!
- إذن كيف أنت هنا؟
- زوجتي أخذت رسالة عشيقتي للشرطة وبعدها وجدتني ضالع في ثلاثة جرائم: الزنا، كشف صور خاصة جداً لزوجتي لشخص غريب، خيانة الأمانة كمربي ووالد لصغار.
- يا إله السماء! ما هي عقوبتك الآن؟
- عقوبة المحكمة من سجن وغرامات مالية لا تعد شيئاً أمام فقد أسرتي ووظيفتي... وسمعتي أمام كل من أعرف،لقد فقدت نفسي...للأبد.
-...أين عشيقتك الآن؟
- تباً لها! ادعت في المحكمة أني من حرضها على كتابة الرسالة! ستقضي مدة عقوبتها في السجن ثم تهاجر لتحيا بأموالي مع عشيق آخر.
صوت صادر من سماعات على سقف القاعة،
(انتهت الزيارة)
- متى ستعاود زياتي؟
- أخشى اللاّ أفعل، إني معلم مثلك وسيطولني ما طالك إن ترددت عليك...لا أملك سوى أن ...أتمناك بخير.
(إنتهى)
المثل والقيم والأخلاقيات الرصينة من المسلمات التي أتت بها الديانات والعرف. تحكم الفرد في المجتمع وعلاقاته مع الآخرين. أن يحيد الفرد عن نهجها عليه أن يستعد لمكابدة عواقب ذلك. سواء بالقانون أو بمواجهة ردود الفعل النافرة ممن حوله.
لم يكن عسيراً على الخالق أن يجعل جميع الكائنات ملائكة. أتى الإنسان ليكون بأعماله في ميزان الخير والشر. أيهما يغلب يشكل شخصيته ووجوده. إن لزم المذنب/المجرم التجبر والتكبر لن يزيد أمره إلا تعقيداً، وتعاليه الكاذب سيغرقه في دوامة شائكة مع ذاته والآخرين.
الشخصية السوية تعرف الندم. تحزن لتجنب الآخرين لها، لأنها تكره العزلة الإجبارية.
مع بساطة فكرة القصة في صدر هذا المقال، نجد أن تلخيص رواية من عشرات بل مئات الصفحات أتت في قرابة ثلاثمئة كلمة. مع ذلك إن قدمت في رواية لخدمت الفكرة كما خدمتها في هذا النص القصير.
عزيزي القارئ، تناول ذات الموضوع وأنثره بقلمك كيف تشاء. أدخل تفاصيل جديدة. حافظ على الفكرة دون تغيير قدر المستطاع. ما هي النتيجة؟
النص الإبداعي يخدم الفكرة بتماسكه وتكثيفه، بينما الإسهاب والتكرار غير المبرر حتماً لن يزيد من جمالياته. على الرغم من ذلك مهارة الكاتب قد تنقل فكرة بسيطة في رواية مطولة برشاقة يحمل في طيها الكثير من التشويق والمتعة والأهم اللا يشعر القارئ بالملل. حتماً يحسب للكاتب أن يجني القارئ المتعة والفائدة في آن.