نحتاج على مايبدو قرونا أخرى كي نلحق بركب قوم سنوا لأنفسهم مبدءا يقوم على الفضيلة والأخلاق، وخاصة إقامة ميزان العدل.. والشعب الألماني لربما كان أكثر من يجسد هذه الخصال فوق هذه الأرض.
شعرة واحدة فقط تكفي لتقود لمقارنات بحجم الجبال، بين من يربط المسؤولية بالمحاسبة الحقيقية وبين من يترك حبل الفوضى والفتنة على الغارب ..ولعل ما قام به مسؤولو فريق شالك الألماني مع حمزة منديل هو درس مجاني لكنه بوقع كبير فيه من المرارة والشعور بوخز الضمير الشيء الكثير.
كارل هاينز هايدل المدير الرياضي لهذا الفريق الألماني، لم يترك فرصة لمنديل كي يرتاح وأخبره وهو يصل المطار عائدا من جزر القمر أنه سيكون في ضيافة لجنة تأديبية، ستسائله ليس على سلوك طائش أو سياقة متهورة أو عربذة بالشارع العام، وهي أمور تتكرر كل يوم هنا ولا أحد يحرك الساكن، بل قرر مساءلته على كلمة كتبها بالدارجة عبر صفحته على أنستغرام، والطامة الكبرى أن المقصود بها لم يكن مشجعا ألمانيا ولا مناصرا لشالك وإنما مشجع للفريق الوطني.
الألمان بجديتهم التي أكسبتهم تقدير العالم، لم يعيروا اهتماما لاعتذار منديل، لأنهم يدركون أن البصقة حين تخرج من الفم لا يمكن أن تعيدها إليه، لذلك قررت اللجنة الألمانية تأديب لاعب مغربي علي سبه مشجع مغربي.
الألمان أيضا حين يختارون لاعبا للتوقيع معه، فإنهم يراقبون حركاته وسكناته، وحتى نشاطه في عالمه الإفتراضي بل ويلزمونه بشروط اللباقة وعدم تجاوز الخطوط الأخلاقية المسموح بها مهما بلغت درجة الإستفزاز الممكن أن يتعرض لها، لأن المشجع عندهم دائما على حق كما هو حال الزبون.
المخزي في هذه الخطوة الألمانية أنها ليست درسا موجها لمنديل فحسب، بل درس للمسؤولين عن الكرة عندنا الذين لا يعيرون للمناصر إهتماما، كما لا يشكلون لجانا تتولى التهذيب والتأديب لمن يزيغ من اللاعبين عن الصف.
قبل منديل ساءل مسؤولو نفس الفريق اللاعب أمين حارث عن ظروف حادث السير الذي تورط فيه، وحقيقة ما راج بخصوص هذا الموضوع وخصوا اللاعب بمعالج نفساني ليتجاوز صدمة الحادث.
في حالة اللاعبين معا وخاصة منديل، كان الأجدر أن تتحرك الجامعة فور تدوين التغريدة المقززة لمعاقبته بل وحرمانه من اللعب في المباراة التالية، كما كان يجدر برونار الذي يسكن في أنستغرام أن يعلن نفسه مربيا ويعاقب لاعبه المدلل على إساءة لا تليق بقيمة القميص الذي يحمله.
الدرس الألماني يحيلنا لوقائع عاشها عدد من لاعبي المنتخب الوطني دون حراك أو تدخل، ولعلكم تذكرون شهادة. هيفتي الذي تحدث عن مراقبة لاعبي الفريق الوطني في أروق الفنادق واعترافه بتناولهم الشيشة في زمن ما.
تذكرون حادث حرق سجاد أحد الفنادق بماربيا في غرفة كان يتواجد فيها تاعرابت والشماخ بسبب جمر الشيشا ولاأحد تحرك.
تذكرون ظهور لاعبين يتعاطوا الشيشة في فندق بمراكش، فأدى العرابي وحده الفاتورة في وقت أفلت فيه بوطيب صاحب «السناب» ليدافع عنه العميد بعطية في حواره مع السيباوي عبر الجزيرة ويصف ما حدث بالحرية الشخصية.
تذكرون يوم نادى جمهور أكادير وهتف باسم زياش وكيف تلفظ اللاعبان درار وبلهندة بالسوء في حقهم ودافع عنهما رونار ولم يعرض أي منهما على لجنة تهذب الأخلاف وتؤدب اللاعبين.
فقط نذكر أن التحرك كان يوم تورط بعض لاعبي منتخب الشبان في مقطع مصور وهم يتناولون الشيشا فتم توقيفهم، لأن ميزان العدل فيه مكيال أعوج لا يحمل الصنع الألماني يستقوي فقط على الأشبال ويمنح الأسود حصانة الغابة...