أبوظبي – صوت الإمارات
يُحيط كتاب "منذر كم نقش"، لمؤلفه د. أسعد عرابي، بالتجربة الفنيّة لهذا الفنان التشكيلي السوري (مواليد دمشق 1935)، والذي تخصص في فن النحت (درسه في دمشق وباريس وقام بتدريسه ردحًا من الزمن في محترفات كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق).
لكنه مارس إلى جانبه ولايزال، فن التصوير متعدد التقانات، لاسيّما الألوان الحواريّة "الباستيل" التي نجح في توظيفها لتحقيق لوحة مهمة، مصوغة بواقعيّة تعبيريّة مشوبة بروح السورياليّة، تقاطعت إلى حد بعيد مع صيغة منحوتته، وهو في الاثنتين يعالج موضوع المرأة، هذا الإنسان الذي يقدم لنا "بحسب كم نقش" نبض الحياة وتدفقها. لذلك فهو دائم الرجوع إلى الذات والبحث عن الأشياء المضيئة والنقيّة فيها.
تثيره دورة الحياة في الطبيعة: من برعم أو نبتة صغيرة، حتى شجرة كبيرة تلقي بآخر ورقة لها في فصل الخريف، أو طفل حديث الولادة، يحاول تلمس العالم للمرة الأولى، إلى شيخ مسن يمد يده بابتسامة حلوة، مؤكداً أن الفن كان قديماً حاجة روحيّة، توحي بها الآلهة وتدعمها السلطة. واستمر الفنانون إلى زمن غير بعيد، يستمدون أعمالهم ومواضيعهم من القيم الروحيّة والإنسانيّة التي باتت ضروريّة إلى حد كبير.
يرى الكتاب أن الكائنات المنحوتة للفنان منذر كم نقش، تحمل صفاته الشخصيّة في الابتسام والرضى والقناعة والسلام، والتوازن الداخلي والعزلة.
ولكنها تفصح (وهو الأهم) عن محنته الوجوديّة. فهي متواضعة الحجوم وكأنها صخرة طفوليّة تنتبذ زاوية قصيّة من الأرض، تلامسها مباشرة، من دون قاعدة، أو تشكّل مفردة في كوكبة من الشظايا النحتيّة. عند تأمل أشكاله على تواضع قياساتها، نكتشف قيمها (النصبيّة) التي تجعل من قياسها التخيلي أو الفرضي أضعافاً مضاعفة من قياسها الفيزيائي، وتبدو كأنها مجسم لعمل نحتي نصبي كبير.
أرسل تعليقك