دمشق - سانا
يرى الباحث الدكتور عيسى الشماس في كتابه "الثقافة والتربية في مواجهة العولمة" أن مصطلح العولمة حديث بمدلولاته وأبعاده حيث أصبح له حيزا واسعا في الخطاب العالمي السياسي والثقافي والاقتصادي منذ سنوات بعيدة لاسيما بعد الحرب الباردة وظهور ما يسمى بالقطب الواحد أو النظام العالمي الجديد الذي تحاول الولايات المتحدة الأميركية أن تتزعمه.
ويوضح الشماس أن العولمة بدأت مع توسع الرأسمالية الأوروبية وتنامت منذ انطلاقها خارج حدودها الوطنية وصولا إلى المستعمرات ودول العالم الثالث بعد الحصول على استقلالها الذاتي عن طريق الاتفاقيات المختلفة ولاسيما الاتفاقيات الاقتصادية والثقافية والتربوية كاشفا ان بعض الباحثين ذهبوا إلى أبعد من ذلك في أعماق التاريخ حيث يرى بعضهم أن العولمة ليست جديدة كما يعتقد لأنها بدأت في العصور الوسطى مع اكتشاف أمريكا وعصر التنوير في أوروبا وسقوط غرناطة.
وفي الكتاب تمكنت العولمة أن تزداد وضوحا مع اتساع نفوذ الشركات العالمية وتطور أساليبها الفنية والتقنية التي مكنتها من عبور الحواجز القومية والسيطرة على الأسواق العالمية ولاسيما في التجارة والإعلام والثقافة والبنى التربوية.
ويرى كثير من الباحثين أن النتيجة النهائية لسيادة العولمة هي استباحة عوالم الأفراد ولاسيما الأطفال والشباب من أجل غزوهم ثقافيا وتربويا وتشكيل عواطفهم الإنسانية واتجاهاتهم نحو الذات والكون والمستقبل والعالم وفق ما يروج له نظام العولمة.
ويتضمن الكتاب ستة فصول الأول بعنوان "العولمة وأبعادها" ويتحدث عن العولمة من حيث مفهومها وطبيعتها ونشأتها ومظاهرها "الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية اما الفصل الثاني فيتناول مفهوم الثقافة وطبيعتها وخصائصها وعن الهوية الثقافية والتكييف الثقافي ومستوياته والغزو الثقافي وتأثيره على الهوية الثقافية وكيفية مواجهته".
ويتطرق الفصل الثالث إلى علاقة الثقافة بالتربية من خلال التربية الاجتماعية ووظائفها ومضموناتها الثقافية ودور الثقافة في تشكيل السلوك الإنساني والعلاقة بين التغيير التربوي والتغير الثقافي بينما يتحدث الفصل الرابع عن علاقة العولمة بالثقافة فيبين مفهوم العولمة الثقافية ووسائلها ومن ثم قيادة العولمة الثقافية وأدواتها المتمثلة في المعلومات والإعلام والانترنت.
ويتحدث الشماس في الفصل الخامس عن العولمة الثقافية والهوية الثقافية والثقافة العالمية والثقافة المعولمة والثقافة بين الهوية والعولمة كما يستعرض التأثيرات السلبية والإيجابية للعولمة الثقافية وكيفية مواجهتها والتعامل معها في حين يركز في الفصل السادس على المؤسسات التربوية وتاثير العولمة عليها من حيث طبيعة التربية المعاصرة والتحديات العولمية التي تواجهها ودور المؤسسات التربوية في مواجهتها ابتداء من الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام.
وفي الفصل السابع والأخير الذي حمل عنوان في رحاب العولمة يستعرض الباحث نتائج عامة للعولمة ومنها صراع العولمات والثائرون ضد العولمة إلى جانب حقوق الإنسان في ظل العولمة والإجابة عن التساؤل الناجم عن معطيات العولمة بأبعادها المختلفة وهو هل نحن حقا نعيش في عالم جديد.
يذكر أن الكتاب 214 صفحة من القطع الكبير من إصدار اتحاد الكتاب العرب سلسلة الدراسات وتم فيه وضع مراجع كل فصل تسهيلا للرجوع اليها كما ذيل البحث بقائمة للمصطلحات العلمية الواردة في مباحث الكتاب باللغتين العربية والإنكليزية.
أرسل تعليقك