إسماعيل غزالي وبستان الغزال المرقط
آخر تحديث 23:55:41 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

إسماعيل غزالي و"بستان الغزال المرقط"

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - إسماعيل غزالي و"بستان الغزال المرقط"

بيروت ـ وكالات

في مجموعته القصصية "بستان الغزال المرقط" التي صدرت عن دار أبي رقراق بالرباط في 266 صفحة من القطع المتوسط، يعلن الكاتب الشاب إسماعيل غزالي عن موهبة واعدة قادمة بقوة إلى عالم السرد المغربي. ويعد إسماعيل غزالي ابن القرية الأمازيغية الصغيرة "امريرت" في قلب الأطلس المتوسط، سليل الحيوية الملفتة التي تعرفها الكتابة السردية وأساسا القصصية في المغرب، والتي أنجبت في السنوات الأخيرة قائمة طويلة من شباب القصة والرواية الذين وطّنوا قيمتهم الإبداعية في المحافل النقدية ولدى أشهر دور النشر المشرقية. وتضم "بستان الغزال المرقط" أربع مجموعات قصصية هي "عسل اللقالق" و"لعبة مفترق الطرق" و"منامات شجرة الفايكينغ" و"الحديقة اليابانية". فهي فضاءات متنوعة وأساليب سرد مختلفة، لكن قاسمها المشترك انتماؤها إلى عالم فانتازي يقفز على العلاقات السببية بين الأشياء ويعيد ترتيب العالم بعين الدهشة الصافية التي تنهل من تخوم ذاكرة الطفولة وأسرار الجغرافيا الملغزة وأسطورة الأعالي الأطلسية التي ينحدر منها الكاتب. فضاء طفولي فالطفولة القروية مادة لا تنضب لمعين السرد عند إسماعيل غزالي، وهي توفر ببعدها الزمني مسوغا ذهنيا لصنع عوالم سحرية في الذاكرة، حيث تتضبب التخوم بين الواقع والخيال في وعي المبدع والقارئ، وتلتبس الحدود بين الحلم واليقظة. إنها فانتازيا تصنع الدهشة ولكن ليس بانفصال بارد عن الواقع، إنما بمراودته وتلوينه بحواشي تخييليه غاية في الجرأة الإبداعية. يكشف غزالي عن طاقة هائلة في التلاعب بالعناصر والأشياء داخل فضاء يصبح مجرد ملعب لحركة رشيقة أبطالها عرائس رهن إشارة إستراتيجيات سردية غير متوقعة يبدع في تنويعها الكاتب الشاب الذي تتزاوج عنده فضيلة الإمعان الفانتازي مع النضج الملفت في هندسة النص وبناء واقع حكائي صلب لمصداقية الحركة والموقف المقترحين. وبسلاسة "غير منطقية" يستدعي الكاتب أجواء طفولته في ربى قريته الصغيرة الأطلسية امريرت حتى وهو في حضن المدينة الكبيرة. فالفراشات التي يراها على فستان المرأة لا تلبث أن تحلق في الربى مرتع الصبا. ذاكرة ملونة تحضه على طرح السؤال في مطلع قصته "ولع الفراشات": "ماذا لو أن الفراشات المتواشجة في فستان المرأة التي تمشي الهوينى أمامي في الشارع الفارع اندلعت فجأة لتندلق في كل جهات المدينة؟ يا ما اقترفت أصابع يدي المشينة اصطياد شقيقات لها على الربى والتلال في القرية الصغيرة التي بددت فيها أيامي الأولى في حب العالم" (ص 11). ولا يستدعي إسماعيل غزالي مشاهد القرية وفضاءاتها بسردية بدائية أو توصيف مشهدي بارد، إنما يجعلها مسرحا نابضا بحياة لها عنفوان المشاعر الدافئة والرغبات الكامنة والعلاقات الخطرة. فحيوية التخيل تحرك الجماد وتستنطق حياته الباطنية، على غرار قصة "عزلة التراكتورات البلشفية" حيث يتحدث غزالي عن جرار (تراكتور) أمسى "مضطلعا بأكثر من محمدة رغم ما عدده بعض الحصادين والمزارعين من مثالبه لأنه حرمهم من عملهم الموسمي. وهكذا انصرف إلى قضاء مآرب أخرى غير الحرث والحصاد وتجشم عناء حمل المرضى في أحلك الليالي إلى مستوصف المدينة البعيدة وإسعاف الملدوغين من عقارب وأفاع..." (ص 24). إنه الجرار الذي يصفه "بالكائن الأحمر الودود". وبالانتقال من مجموعة "عسل اللقالق" إلى باقي المجاميع الأربعة، ينوع إسماعيل غزالي موضوعاته وزوايا مقاربته وحتى زمن الرؤية الذي يتقدم نحو حكمة ونضج أكبر، متخففا من عدسة طفولته، إلا تلك الدهشة الصاعقة والقراءة البكر للمشهد والتي تظل الفاعل الموجه في حبك حيله السردية التي تبلغ ذروتها في "لعبة مفترق الطرق" وتصنع خلفية الاكتشاف المفجر لنسج القصة في نصوصه المكتوبة مديحا للدانمارك في "منامات شجرة الفايكينغ". وضعت "بستان الغزال المرقط" إسماعيل غزالي في طليعة التجارب الجديدة في المتن القصصي المغربي، وخولته اعترافا أدبيا ثمينا من شيخ القصة المغربية أحمد بوزفور، الذي لم يتردد في وصف هذه المجموعة القصصية بأنها "كتاب نادر في متن القصة المغربية الحديثة أتوقع أن يحدث نشره هزة فاتنة في سطح القصة وأعماق القصاصين"، ويضيف بوزفور في تقديمه للكتاب أنه "ديوان حافل بالمتعة الجمالية الخالصة، كأنه لا ينتمي الى الأدب بل إلى الموسيقى، ذلك الفن الذي تسعى إلى بلوغه كل الفنون". جدير بالذكر أن إسماعيل غزالي سيوقع بمناسبة المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء (29 مارس/آذار إلى 7 أبريل/نيسان) روايته الأولى الصادرة عن دار العين القاهرية بعنوان "موسم صيد الزنجور".

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسماعيل غزالي وبستان الغزال المرقط إسماعيل غزالي وبستان الغزال المرقط



GMT 01:28 2023 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

"أنت تشرق. أنت تضيء" رشا عادلي ترسم لوحة مؤطرة

GMT 05:28 2022 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حسن خلف يصدر دراسة أسلوبية لسورة القمر

GMT 01:16 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

حكايات من دفتر صلاح عيسى في كتاب جديد

GMT 00:28 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"بنات كوباني" كتاب أميركي عن هزيمة "داعش"

GMT 12:02 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - صوت الإمارات
نجوى كرم النجمة اللبنانية وعضو لجنة تحكيم برنامج "Arabs Got Talent" في موسمه السابع؛ مع كل حلقة تعرض تشاركنا بصور لها من كواليس البرنامج، وتسلط الضوء باستمرار على إطلالاتها الجذابة التي خطفت بها الانتباه وقت التصوير، حيث تألقت نجوى كرم بإطلالات استثنائية جعلتها محل اهتمام الجمهور خلال البرنامج، وشاركتنا بأجمل صورها على انستجرام، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل الإطلالات التي ظهرت وسوف تظهر بها نجوى كرم في حلقات الموسم السابع من برنامج اكتشاف المواهب الشهير. الإطلالات الناعمة الخالية من التفاصيل المبالغ فيها؛ كانت خيار لافت للنجمة اللبنانية تزامنًا مع تحضيرها للبرنامج الشهير أو تصوير بعض الحلقات، فظهرت مؤخرًا بإطلالة باللون الأبيض جاءت مكونة من فستان طويل بتصميم كلاسيكي، جاء من الأعلى بأكمام طويلة وياقة عريضة ومفتوحة على ...المزيد

GMT 23:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجمات مصريات يسترجعن رشاقتهن ويخسرن أوزانهن بحمية صارمة

GMT 08:02 2014 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

أمير منطقة نجران يفتتح معرض للصور التاريخية

GMT 12:03 2018 الإثنين ,21 أيار / مايو

ممارسة الرياضة خلال منتصف العمر تحمي القلب

GMT 18:59 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

تعرف على أخطر الرحلات السياحية في العالم

GMT 06:43 2013 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الموسم الجديد من برنامج "تاراتاتا" على "روتانا مصريَّة"

GMT 13:46 2013 الجمعة ,09 آب / أغسطس

أزمة ثقة في الطاقة النووية في شمال آسيا

GMT 19:18 2016 الخميس ,04 شباط / فبراير

حلقة خاصة عن العلاقات الزوجية على الراديو 9090

GMT 12:16 2013 الجمعة ,12 تموز / يوليو

"الفلّاقة" يقرصنون موقع جريدة الصّريح
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates