عباد يحيى يفضح حداثة رام الله روائيًا
آخر تحديث 13:23:14 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

عباد يحيى يفضح حداثة رام الله روائيًا

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - عباد يحيى يفضح حداثة رام الله روائيًا

رام الله ـ وكالات

في نصه الروائي الجريء 'رام الله الشقراء' -الذي لا يتجاوز ١٢٠ صفحة- يرسم الكاتب الفلسطيني الشاب عبّاد يحيى مشهدا دقيقا وساخرا لمدينة رام الله الفلسطينية، تتجلى فيه جميع تناقضاتها على الصعيد الاجتماعي. ولا تتوقف جرأة يحيى على مضمون الرواية، إذ يقترح علينا شكلا روائيا مثيرا يختصره بجملة تتصدّر نصّه: 'يكفي أن تضغط 'Print Out' على أرشيف مراسلاتك في فيسبوك لتكون لديك 'رواية' ما'. وفعلاً، يتألف النص حصريا من مراسلة متخيّلة على الشبكة المذكورة بين شاب فلسطيني يعمل صحفيا في الميدان الثقافي برام الله -مما يجعله يعيش في قلب تناقضات هذه المدينة- وفتاة فلسطينية حديثة التخرّج من جامعة بيرزيت في مجال الصحة العامة. كشف الواقعوسمح هذا الشكل المبتكَر ليحيى بالتحرّر من مهمة الحبكة الروائية التي أتت بسيطة لكنها ذكية، كنتيجة لهذا الخيار. فعلى طول النص، تنحصر أحداث الرواية في تباري شخصيّتيها الرئيسيّتين في كشف واقع رام الله المرير على أكثر من صعيد، وبتبادلهما الطُرف حولها، وفضح مختلف المفارقات الملاحظة فيها. كما مكّن هذا الشكل الروائي صاحبه من خوض مواضيعه بطريقة مباشرة وفعّالة.وأول ما يقاربه الكاتب في هذه الرواية هو الحضور الأجنبي في رام الله الذي يصفه الصحفي الشاب لصديقته على النحو الآتي: 'أشعر أننا نعيش أكثر المراحل انكشافا، ولا ملاذ لنا أمام كل هذا الاستهداف، لا أدري إن كان هنالك مكان في العالم يدخل إليه هذا الكم الهائل من الأجانب ولا تملك السلطة المسؤولةفيه أية معلومات عنهم، كما لا تملك أن تحتج على أي نشاط يمارسونه. السلطة هنا على الفلسطينيين وحدهم'.ولأن 'كل ما في هذا البلد يُحاك مع الأجانب'، يفكّر الشاب 'في وضع إستراتيجية وطنية للتمييز بين الأخيار والأشرار منهم، ومن ثم لصدّ حملات الغزو الأجنبي الناعم هذه'. أما شعار الإستراتيجية العريض فيراه 'على طريقة عجائزنا: ما بييجي من الغرب شي يسرّ القلب'.وفعلاً، يرى الشاب أن كل مشاريع الدول المانحة في فلسطين هي محض تدوير أموال، يمرّرها أصحابها في الجنوب لتعود إليهم مع فائض ربح أكيد. أما الموظّفون الأجانب في الشركات ومؤسسات المجتمع المدني وخبراء المشاريع 'فوجودهم كالعقود التي يعملون وفقها: مؤقّت لا يتجاوز السنوات الثلاث في الغالب'.وكذلك الأمر بالنسبة إلى الفتيات الأجنبيات اللواتي يأتين إلى فلسطين بحجة 'التضامن مع الشعب الفلسطيني' فيرتبطن بعلاقات مع شبّان فلسطينيين، ولكن حين يأتي مبرّر أقوى لرجوعهن إلى بلادهنّ يتوارين عن الأنظار، هذا حين لا تكون مهمّتهنّ التجسّس لصالح إسرائيل.ومن نتائج الحضور الأجنبي في رام الله، يروي الشاب لصديقته بعض حالات الاستغلال الجنسي في المدينة التي يقف خلفها أجانب، ثم ينتقل إلى 'المحاضرات الثقافية التي يُعلن عنها وتُلقى باللغة الإنجليزية فقط، كأن حضور أبناء البلد غير مطلوب' فيها. وتتناول صديقته في إحدى رسائلها هندام الشبّان والشابات الملتحقين بالمركز الثقافي الفرنسي الذي ينمّ في الظاهر عن 'حالة حادّة من المبالاة تتبدّى في السعي الدائم للتفرّد والاعتناء بكل مقوّمات الظهور المغاير عن المحيط'.وفي الرسالة ذاتها، تتوقف الشابة عند ظاهرة 'الكرواسون' (croissant) المتفشّية في رام الله، فترى أنها 'تصلح مادة للدراسة الاجتماعية في السنوات العشر الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، نظرا إلى حضور هذه الضيافة في كل اللقاءات والأمسيات والندوات والمؤتمرات'، قبل أن تذكّر بأن الكرواسون خبزه الفرنجة احتفالاً بهزيمة العثمانيين خلال حصارهم فيينا، وبالتالي 'يملك رمزية أنهم يأكلون رمز/هلال أعدائهم'.تحولات مدينةومن المواضيع الأخرى التي يسلّط يحيى الضوء عليها عن طريق بطليه: تحوّل المشهد المديني في رام الله وفقدان الذاكرة الناتج عنه، كتدمير دور السينما القديمة وإستوديوهات التصوير، واستبدالها بمحال لبيع المكسّرات وبمجمّعات تجارية، وتشييد الفنادق الفخمة التي لا يأخذ أصحابها بعين الاعتبار 'مشاعر أبناء النكبة وهم يرون هذه الصروح ترتفع وتكتمل عند تخوم' مخيّماتهم البائسة.أما المناسبات الثقافية الغزيرة في رام الله فيرى يحيى فيها 'محض مناسبات اجتماعية تتلاقى فيها 'النخبة' كطقس مستمر'، بينما 'تتوسّل الصحافة الثقافية هذه النخبة ولديها قوالب جاهزة تعبّئ فيها التفاصيل حسب الحدث، وتترك بقية الوقت للتملّق والتزلّف لـ'رموز' الثقافة الجدد'. وفي هذا السياق، يشير إلى أن 'حصة وزارة الثقافة من ميزانية السلطة الفلسطينية لا تصل أعشارا تُرى بالعين المجرّدة'، ولهذا 'لا تنجح أي فعالية ثقافية دون أموال الشركات الخاصة أو البنوك'. ولا يُهمل يحيى الاحتلال الإسرائيلي ونتائجه في روايته. فعلى لسان بطلته يقول: 'الجدار (العازل) جعلنا عيّنة مثالية للاختبار محصورة، محدّدة وسهلة الفحص والدراسة، يتم التحكّم بنا عند كل اختبار عبر إدخال عوامل جديدة وتنفيذ سياسات متنوّعة'.ويضيف 'حتى السماح لنا بالدخول إلى إسرائيل بأعداد محدّدة ووفق نظام التصاريح يبدو بمثابة اختبار، حين نذهب لساعات لنرى أرض الآباء والأجداد والفردوس المسلوب، ونعود لنتحدّث عن يافا والقدس وإيلات كقطع من أوروبا، عن الشوارع الفسيحة والمرافق النظيفة والعمارات الزجاجية التي تخترق السماء، وشبكة القطارات السريعة ومتاجر الماركات العالمية والرخاء الاقتصادي، ونظافة الشواطئ الذهبية ونعومة الرمل، فنسمح لأنفسنا بإبداء إعجاب -خاطف أول الأمر- لا يلبث أن يغدو التصريح به مقبولاً'. ويختم يحيى روايته باستنتاج مرير ومؤثّر من بطلته يقول إن 'رام الله مبتورة وكل ما فيها مبتور، لا تكتمل فيها إلا أوهامنا. […] ولكننا سنظل نحبّها لأننا لم نعرف سواها وربما لن نعرف سواها. ستظل مسرحنا حيث تأتي الدنيا إلينا وينالنا منها فرحٌ عابر أو شهوة زائلة أو حبٌّ مشتهى، بل بداية حب'.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عباد يحيى يفضح حداثة رام الله روائيًا عباد يحيى يفضح حداثة رام الله روائيًا



GMT 01:28 2023 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

"أنت تشرق. أنت تضيء" رشا عادلي ترسم لوحة مؤطرة

GMT 05:28 2022 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حسن خلف يصدر دراسة أسلوبية لسورة القمر

GMT 01:16 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

حكايات من دفتر صلاح عيسى في كتاب جديد

GMT 00:28 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"بنات كوباني" كتاب أميركي عن هزيمة "داعش"

GMT 12:02 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:21 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

افتتاح معرض "ألوان السعودية" المتنقل في جدة

GMT 07:14 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الرميحي يزور جناح دولة قطر في معرض "اكسبو 2015"

GMT 20:48 2013 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج جديد فى إذاعة الشرق الأوسط عن التعديلات الدستورية

GMT 13:26 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مقهى ثقافي ومسابقة تصوير في معرض كتاب شرطة دبي

GMT 11:40 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"أبوظبي للسياحة" تنظم معرض "ميادين الفنون"

GMT 07:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

جبل بوزداغ من أروع المناطق السياحية للتزلج

GMT 05:28 2016 السبت ,27 شباط / فبراير

HTC تنشر أول صورة تشويقية لهاتفها المرتقب One M10

GMT 11:02 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بحث تطوير مشروع جامعة عمان مع كامبريدج

GMT 03:34 2015 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يستقطب أكثر من 600 ألف زائر

GMT 08:27 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميثاء الخياط تعرّف الأطفال بطرق قص مبتكرة في "الشارقة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates