عصمت منصور تجربة سردية من زنزانة الاحتلال
آخر تحديث 15:47:36 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

عصمت منصور تجربة سردية من زنزانة الاحتلال

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - عصمت منصور تجربة سردية من زنزانة الاحتلال

رام الله - وكالات

رحلة السنوات الطويلة التي قضاها الأسير الفلسطيني المحرر "عصمت منصور" بالسجن الإسرائيلي، كلفته عمرا وأحلاما كثيرة، لكنه -وفي تجربة لافتة- استطاع تأثيت سجنه بصور وروايات قد تمسي دليلا لمن أراد أن يقول "لا " عزيزة في وجه "نعم" ذليلة. في سجون الاحتلال، كتب منصور بروايته الأولى "تدرك أنك لست سجينا فقط، بل مسجونة معك آلاف الأحلام واللحظات.. مسجونٌ أنتَ الذي أردت أن تكونه". ولأجل الإنسان الذي أراد أن يكونه، واجه منصور محاولة إلغاء حاضره ومستقبله بالنضال الفعلي لمواجهة السجان وبالكتابة أيضا، فصدرت له رواية "سجن السجن" ومجموعة " فضاء مغلق" القصصية، وقريبا رواية "السلك". إنها تشابه أحيانا ما وصفه بـ" تمريرة خاطفة لأطراف الأصابع فوق النُدَب .. وتحسس جرح توقف عن الإلحاح" لآن، بعد عشرين عاما في الأسر، يجلس منصور ليحكي قصة فتى اعتقل في سن السابعة عشرة بتهمة المشاركة في قتل مستوطن إسرائيلي لمبادلته بأسرى في سجون الاحتلال عام 1993، كان حينها بلا رصيد ثقافي أو علمي يذكر، لكنه أضحى أهم رموز الحركة السياسية والأدبية في سجون الاحتلال. استطاع منصور بعد الحكم عليه لمدة 22 عاما، أن يلتقط نقطة تحول غيرت حياته عندما أدرك أن عليه الاستمرار، وقال "ما حدث قبل السجن وخلاله كان سياقا واحدا يقود إلى هذه النتيجة. كنت إنسانا يحمل رسالة وقضية، وهذه القضية بحاجة لأدوات كي تصبح مؤثرة أكثر في مصيرها..". قضى منصور طفولته في قرية "دير جرير" شرق رام الله التي أفرج عنه إليها قبل شهر، وفيها شهد قمع الاحتلال للانتفاضة الفلسطينية الأولى نهاية الثمانينيات، ولذلك اقتنع -ولا يزال مقتنعا- بأن "المقاومة وسيلة مشروعة، وتستحق أن نقدم عليها حتى لو بثمن قاس من أجل طرد الاحتلال". وفي سجنه الذي لا مكان فيه للنضال بأساليبه التقليدية، كان التعليم بدايته لخلق وسيلة توصل رسالة شعبه. أنهى دراسته الثانوية، ورغم القيود التي فرضتها الحكومة الإسرائيلية على التعليم الجامعي للأسرى، حصل على البكالوريوس بالمراسلة من إحدى الجامعات الأميركية المفتوحة. ويقول منصور إن اهتمام الأسرى الفلسطينيين الكبير بالقراءة داخل السجون ومثابرتهم على إقامة المكتبات "كان يزيدنا مناعة ضد محاولة تدجيننا". في عام 2011 صدرت لمنصور روايته الأولى من سجن بئر السبع، بعنوان "سجن السجن"، وتناولت تجربة "عبد الله سعيد" الأسير الذي ألقي في العزل الانفرادي بزنزانة ضيقة عقابا على رفضه تسليم ورقة "ربما بيضاء" وابتلاعها. يسمي منصور الزنزانة "سجن السجن"، إذ كما يقول في الرواية "بعد أن أطمئن لفكرة أنني سجين محصن من السجن ولا رادع يمكنه أن يحرمني ممارسة حريتي.." يأتي السجان ليسحبه إلى هذا المكان ويقول له: "لازمك تنزل وتتيبّس هناك". وهنا يدرك سعيد أنه "ليست الجدران ولا القيود أو الأبواب الموصدة هي التي تجعلنا أسرى، إنه شعور يريدون تكريسه ويبتدعون كل هذه الوسائل لنعتاده ونألفه.. ويدربوننا على تقبله". ويلتقط منصور في تجربة العزل كل ما يحاول السجان محاصرته به ليحوله إلى إضافة تؤنسه في وحشته، فالنافذة الصغيرة المحاطة بالأسلاك يفترض السجان أنها ستسد عنه رحابة الأفق لاستكمال حصاره، لكنه يراها "تتسع لقمر كامل، وغسق مشتعل، وفجر في طور الولادة". يقول منصور إن روايتة تتناول أصعب مراحل الاعتقال، لكن فيها يستطيع الأسير سجن سجنه والتحرر منه، وخلق فضاءات إنسانية رغم تناقض ذلك مع جو الزنزانة الضيق والبارد والذي يترصد خلف بابه سجان يتلذذ بمعاناتك. تدخل الرواية في نفسية الأسير وتعبر أحيانا عن صلابة ذاته عندما يتذكر حكاية "نادر"، ذلك الشاب الوسيم القوي الذي واجه معركة مشهورة مع السجان بعد أن رفض الاستسلام بمد يده للقيود، ولم يحتمل شكلها فلجأ لكسر يده بضرب الحائط. وعندما سئل ذات مرة إن كان فكر بدل كسر ساعده بالانتحار؟ قال: لم أكن لأفكر بهذا، أنا لا أرغب بمغادرة الحياة بل معانقتها بقوة وعيشها بملئها". ويستحضر منصور أيضا لحظات ضعف إنساني، يتعاطى فيها الأسير مع حنينه ورغباته المكبوتة وذكرى أمه، وهي تهب في ليلة باردة ولا يجد في صباحها سوى غطاء دافئ سمح لها بإدخاله في إحدى الزيارات قبل وفاتها حزنا عليه. وفي الزنزانة يبدأ "عبد الله سعيد" -بطل روايته- بالتفكير كيف يؤثثها من أسماء الأسرى المنحوتة على الجدار، وسينصت إلى أصوات خطوات السجان ودقات الأسرى على جدران الزنازين المجاورة، وإلى مرور جابر "موزع الطعام" كل صباح، ولحوارات جدلية مع "إيتسك" السجين الإسرائيلي الجنائي في الزنزانة المجاورة. ولم يكتف عصمت منصور بتقديم الأسير كحالة نضال مثالية، ففي كتاباته حالة نقدية للإهمال الذي يتعرض له الأسرى والترهل الذي أصاب القضية الفلسطينية بعد توقيع اتفاق أوسلو، وكذلك للأخطاء التي وقعت بها المقاومة ودفع ثمنها أبرياء. وفي كثير من زوايا روايته يحاول نزع القداسة عن صورة الأسير من خلال شخصية "أبو شمس"، الذي فقد توازنه وأصابه الجنون لأسباب لا يستطيع الأسرى أنفسهم الجزم بها، لكنهم يتفقون على أن يأسه من تدهور الحال أوصله لذلك. ويقول منصور إن أدب الأسرى يحفل غالبا بحالة تمجيد تصور الأسير كأسطورة لا يتعب ولا يمل ولا يبكي. ورغم أنه أدب غزير إلا أن أكثره يفتقد المقاييس الأدبية والخيال والتجرد. وإلى جانب "سجن السجن" صدرت لمنصور مؤخرا مجموعة قصصية قصيرة تحت عنوان "فضاء مغلق"، يقول إنها انطباعات في قصص تعبر بكلمات معدودة عن حياة الأسير الفلسطيني الذي يمر بمواقف خاطفة ولكنها مكثفة جدا. ويرى منصور "أن قضاء عشرين عاما في السجن تجربة مهمة وصعبة لكنها لا تحتاج لإنسان خارق، هي تجعل منك إنسانا آخر فقط، وعليك أن تختار كيف يكون". وأنهى منصور قبل الإفراج عنه كتابة رواية "السلك" عن تجربة سكان قطاع غزة في تجاوز الأسلاك الشائكة باتجاه المناطق المحتلة عام 1948، مستفيدا من لقاءاته بمعتقلين من قطاع غزة كانوا يتحدثون عن واقع الحياة هناك وإمكانية مغادرته.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عصمت منصور تجربة سردية من زنزانة الاحتلال عصمت منصور تجربة سردية من زنزانة الاحتلال



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 21:47 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند
 صوت الإمارات - عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates