قبل نحو 220 مليون عاما، كان هناك كائنات مجنحة عملاقة تحلق في السماء، قبل أي كائن آخر، فقد كانت التيروصورات أول الفقاريات التي طوّرت قدرتها على الطيران، عندما ظهرت في العصر الترياسي المتأخر.وعرفت الأركوصورات (الطيور)، الطيران بعد التيروصورات بأكثر من 65 مليون سنة في أواخر العصر الجوراسي، ثم ظهرت بعد ذلك (الخفافيش) منذ نهاية العصر الباليوسيني، أي منذ حوالى 56 مليون سنة.
وبحسب علماء، فقد استوطنت التيروصورات جميع القارات وطوّرت مجموعة واسعة من الأشكال والأحجام، من بين أكثر من 120 نوعًا، فيما لم يتعد أصغر التيروصورات حجم العصفور، بينما كان يصل طول جناحي أكبرها إلى ما يقرب من 40 قدمًا (12 مترًا) ، وهو أكبر من مقاتلة F-16.ومن المفاهيم الخاطئة أن البعض يطلق على التيروصورات "الديناصورات الطائرة"، لكنها لا تعد من الديناصورات إطلاقًا. فهي زواحف طائرة من الفرع الحيوي أو الرتبة المسماة "التيروصوريا".
مَثلت معرفة التيروصورات المبكرة للطيران دافعاً قويًا لدى العلماء لاكتشاف أصلها الذي يعد أحد الألغاز الرئيسية في تاريخ الفقاريات، لأن الأقارب المقربين لم يتم تحديدهم بشكل مرض، وهو المسعى الذي حاولت دراسة نشرتها مؤخرًا مجلة "نيتشر" إلى الوصول إليه.
أقارب التيروصورات
ويقول فابيو ماركو دالا فيكيا، الباحث الإيطالي المشارك في الدراسة، إنه تم تقديم فرضيات كثيرة فيما سبق تشير إلى أن مجموعات مختلفة من الزواحف هي الأقارب الأقرب للتيروصورات، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن هذه المسألة.ويضيف فيكيا لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الدراسة استندت إلى كمية كبيرة من البيانات التي تم تجميعها وتحليلها من قبل فريق كبير من علماء الحفريات المتخصصين في العديد من المجموعات المختلفة من الزواحف.
علاوة على ذلك، تمت إضافة بيانات مهمة جديدة بناءً على اكتشاف عينات جديدة لمجموعة غير معروفة من زواحف الأركوصورات التي عاشت قبل 237-210 مليون سنة.ويردف": في الماضي كانت "اللاجربيتيدات" (وهي مجموعة من أسلاف الديناصورات العدّاءة غير المجنَّحة) تعتبر الأكثر ارتباطًا بالديناصورات، لكن دراستنا تكشف أنها كانت أكثر ارتباطًا بالتيروصورات.
ويستدرك: مع ذلك، هناك شيء واحد يجب أن يكون واضحًا: اللاجيربيتيدات ليسوا أسلاف التيروصورات المباشرين، هم الأقارب الأقرب بين مجموعات الزواحف التي نعرفها من خلال الحفريات المكتشفة حتى الآن.وبحسب الدراسة، فإن مجموعات الزواحف الأخرى - ما تزال غير معروفة - وهي أقرب إلى التيروصورات من اللاجربيتيدات موجودة في العصر الترياسي، وهو ما يحتم على الباحثين البحث عنها في الصخور التي يرجع تاريخها إلى حوالى 235-220 مليون سنة مضت، وهي فترة زمنية جيولوجية ضيقة نسبيًا، على حد قول الباحث الإيطالي.
أصل نشأة التيروصورات
يعود فيكيا ليؤكد أن النتيجة المباشرة من وراء هذه الدراسة هي أننا أصبحنا نعرف الآن أن "اللاجيربيتيدات" هي أقرب أقرباء التيروصورات من بين الزواحف المعروفة.وبخصوص ذلك تم اقتراح نموذجين للتطور المبكر للتيروصورات؛ النموذج الأول أنها نشأت في بداية العصر الترياسي أو حتى في العصر البرمي (منذ أكثر من 250 مليون سنة) وكان لهم تاريخ تطوري طويل دون ترك أي سجل أحفوري (نموذج "آيس بيرغ").
أمّا التصور الثاني أنها نشأت بالقرب من ظهورها في السجل الأحفوري وانتشرت وتمايزت بسرعة (نموذج "الانفجار العظيم"). والعلاقات الوثيقة مع اللاجيربيتيدات تدعم نموذج "الانفجار الكبير".
وهذا يعني أن اكتساب القدرة على الطيران وتطور جناح التيروصور قد حدث بين 237 و 220 مليون سنة. والأدلة على ذلك، إذا حفظت، يجب البحث عنها في صخور ذلك العصر.
مسح مقطعي لجمجمة
واستعان العماء في الدراسة ببقايا عظم جمجمة مكتشَفةٍ حديثًا، ومحفوظ على نحو جيد، وبفضل صور المسح المقطعي، التي أجريت على عظام الجمجمة الهشة (فكوك وأسقف الجماجم والقحوف العصبية)، كانت النتائج مبهرة.وأظهر المسح أن العقل والأذنين الداخليتين (مهمة للإحساس بالتوازن) متشابهان بين التيروصورات واللاجيربيتيدات، وهذا يشير إلى علاقة وثيقة بين المجموعتين، كما يكشف أيضًا أن بعض التخصصات في الأنظمة الحسية للتيروصورات قد تطورت قبل الطيران.
ويوضح الباحث الإيطالي أنه ببسبب هذه النتائج أصبحت الآن "أسلاف الديناصورات الغامضة" اللاجيربيتيدات، أقل غموضًا بفضل اكتشاف الحفريات الجديدة.وسمحت هذه الأحافير الجديدة بإثبات أن اللاجيربيتيدات هي الأقارب الأقرب للتيروصورات بين مجموعات الزواحف المعروفة.ويختم فيكيا حديثه : رغم ذلك، لم يتم سد الفجوة بعد، فلم يتم اكتشاف الأقارب الأقرب للتيروصورات، لكن لدينا الآن فكرة أوضح عن مكان البحث عنها، فما يزال هناك الكثير من العمل للقيام به. نأمل أن تجلب هذه النتائج المزيد من الدعم المادي لمواصلة بحثنا".
وقـــــــــــــــــد يهمك أيضا "
تعرّف على أروع 10 اكتشافات من عالم الديناصورات خلال عام 2020
اكتشاف 3 أنواع جديدة مِن الديناصورات الطائرة في المغرب
أرسل تعليقك