لندن - صوت الامارات
تختلف الأحصنة الموجودة راهنًا بشكل كبير عن تلك التي كانت تعدو في الأرض قبل آلاف السنين، على ما ذكر باحثون في أوسع دراسة حول تاريخ هذا الحيوان تعد حتى الآن، حيث أن المفاجأة الكبيرة في هذه الدراسة التي تتم بفضل تعاون دولي شارك فيه 121 باحثًا ونشرتها مجلة "سل" الأميركية، هي أن التغير الجيني الأسرع حصل فقط في السنين الـ200 إلى الـ300 الأخيرة مع تكثيف ممارسات التربية الحديثة.
والحصان هو من آخر الحيوانات التي دجنت في العصر الحجري الحديث بعد الكلب والماعز والخروف والبقرة. وقبل 5500 سنة بدأ البشر بشرب حليب الفرس وتسريج الحصان واستهلاك لحمه ووضعه في حظائر، وانطلاقا من تلك الفترة اختلف كل شيء بالنسبة للنوعين. ويقول لودوفيك أورلاندو مدير أبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي في جامعة تولوز في فرنسا الذي نسق الدراسة "غيّر الحصان بشكل جذري التاريخ البشري".
ويوضح "بفضل الحصان تمكنا من التنقل بسرعة ولمسافات بعيدة واكتشاف مناطق جديدة. ورحنا نخوض الحروب بطريقة مختلفة جدا. وبفضل الحصان تمكنا من حراثة الحقول والزراعة". ويضيف "حصان الاسكندر الكبير كان ملفتا جدا بحيث أننا نعرف اسمه وهو بوسيفالوس"، إلا أن العلماء لا يزالون لا يملكون جوابا على سؤال أساسي يتعلق بهوية سلف الحصان المدجن الحالي. لذا عكف فريق العلماء على تحليل مجين 278 حيوانا هي خصوصا أحصنة وحمير وبغال اكتشفت صدفة على أكثر من خمسة آلاف سنة مصدرها أوراسيا. ويؤكد لودوفيك أورلاندو "هو أكبر سجل لمجينات قديمة لدى جنس آخر غير البشر".
أقرأ أيضًا
خبراء يؤكدون أن حركات ذيل القطط تكشف عن نواياها
ومنذ العام 2010 عرف تحليل المجين القديم قفزة تكنولوجية ما سمح للفريق في أحد مختبرات تولوز باستخراج المجين من عظام وتحليله فيما كان ذلك مستحيلا من قبل. وفوجئ العلماء باكتشاف سلالة من الاحصنة الايبيرية كانت تعيش قبل أربعة إلى خمسة آلاف سنة وقد اختفت كليا، حيث حدث الأمر نفسه في القارة الأوراسوية مع اكتشاف سلالة كانت تستوطن سيبيريا وقد اختفت هي أيضا. ويقول لودوفيك اورلاندو إن الأمر أشبه باكتشاف ان إنسان نياندرتال كان يتعايش مع الإنسان العاقل قبل خمسة آلاف سنة.
إلا أن حصان أيامنا هذه لا يتحدر من أي من هاتين السلالتين. وفي العالم اليوم سلالتان من الأحصنة هما الحصان المدجن وحصان بريفالسكي الضخم البنية، حيث يرجح أن تكون هاتان السلالتان من آسيا الوسطى إلا أن الأمر مجرد فرضية إذ لم يتم العثور على أي سلف جيني لهما، كما يعرب العلماء عن استغرابهم للسرعة التي انهار فيها التنوع الجيني للأحصنة في آخر قرنين أو ثلاثة فيما بقي مستقرا في الخمسة آلاف سنة الأخيرة.
وقد شهد القرنان السادس عشر والسابع عشر بدء ممارسات تربية الأحصنة مع استحداث أجناس من خلال الانتقاء. ويؤكد لودوفيك أورلاندو "كل الأجناس الحالية من بوني شتلاند والأحصنة الأصيلة هي مستحدثة"، حيث حدث تغيير آخر في القرنين السابع والتاسع خلال التوسع الإسلامي في أوروبا. وقد استقدم معهم هؤلاء الحصان الشرقي من الأسرة الساسانية في بلاد الفرس. وهو حصان أكثر أناقة وبجسم أكثر نحافة. وقد تزاوج هذا الحصان مع الحصان الأوروبي وانتشر كثيرا وأصبح مصدر غالبية الخيول الحالية، وبموازاة ذلك، نقل الفايكينغ الحصان الأوروبي الذي كان يركبه الرومان والغاليون إلى ايسلندا والجزر البريطانية وهما المكانان الوحيدان اللذان لا يزال يتواجد فيهما هذا الحصان. وأكد المعد الرئيس للدراسة "حصان اليوم لا يشبه حصان الأمس".
وهو يأمل أن يتمكن مع مجموعة الباحثين الذين ينتمون إلى حوالى ثلاثين جامعة اكتشاف عظام تؤكد الحضارة الإنسانية التي بدأت بتدجين الحصان. وختم قائلا "التدجين أمر محوري في تاريخ البشر إلا اننا لا نزال في العام 2019 نجهل أين بدأ. وهذا أمر غير معقول".
قد يهمك أيضًا:
باحثون يعرضون أول توثيق لوجود قطط الرمل في المغرب
القطط المتحدرة من الشرق الأوسط غزت العالم أثناء الهجرة إلى أوروبا
أرسل تعليقك