القاهرة - صوت الامارات
كسرت "صباح" السيدة السورية صاحبة الـ40 ربيعًا، جميع العادات والتقاليد العشائرية، وقررت أن تستقل دراجتها ذات الثلاث عجلات، لتبدأ رحلتها اليومية في الصباح الباكر، وهي تجّول في أسواق وأحياء مدينتها سعيا لـ (التقاط رزقها)، وفق الوصف الشعبي لنشاطها التجاري الصغير، حتى باتت "صباح" مع (طريزينتها)، كما تكنى دراجات العجلات الثلاث في مديتنها وعموم محافظات شرقي سورية، لقطة أساسية من مشهد الحياة اليومية لأسواق مدينة الحسكة.تبيع "صباح" (الثلج) صيفاً، و المواد الغذائية والألبسة والإكسسوارات النسائية شتاءً، فهذه المهنة تقتصر على الرجال بشكل تام في مجتمعها، إلا أنها لا تكترث كثيراً لما يلاحقها من قيل وقال، فهي تكرس ذاتها لهدف أسمى، فبعدما سحقت الحرب الإرهابية وما استكملها من حصار اقتصادي غربي، دروب العيش في بلدها، بات تفكيرها مركزا تماما على تلبية احتياجات طفلتها الصغيرة ووالدتها المسنة المقعدة منذ سنوات، ومساعدة زوجها الذي يعمل في الأعمال الحرة.
وتزرع صباح أنحاء السوق بدراجتها، المغطاة (بجادر) أسود اللون كتب على طرفه الأول: (زينب- تشكيلة- إكسسوارات- دخان- مشروبات باردة- موز)، وعلى الثاني سطرت "سورة الفلق" من (القرآن الكريم)، لتكون حرزها الذي يحميها من الغدر والحسد، وفق ما تقول.من عملها على "الطريزينة"، تمكنت ابنة حي خشمان الشعبي الواقع على الأطراف الشمالية للحسكة، من ترميم منزلها الذي أصابه دمار كبير جراء تفجير داعشي بشاحنة استهدف (دوار خشمان) قبل سنوات.أما لماذا قررت صباح تكبد هذا الطراز من المعارضة الاجتماعية، فتقول صباح: بدأت العمل بهدف مساعدة زوجي قبل ما يقارب الستة سنوات، بعد أن رزقنا الله طفلة وحيدة أسمينها زينب، وكانت تحتاج للحليب بشكل يومي، بعد عدم تقبلها الرضاعة الطبيعة، ونتيجة وضعنا الاقتصادي السيئ كما حال الكثير من العائلات السورية، ووجود والدتي المريضة معي في المنزل وما يتطلبه ذلك من مصاريف إضافية، قررت الدخول في مضمار العمل من خلال بيع مأكولات الأطفال أمام المنزل.
البداية مع (الطرميز)
قبل أن تبتاع (طريزينة) لتطويعها كمتجر متنقل، بدأت أم زينب نشاطها التجاري الصغير عبر (الطرميز)، وتقول صباح: "بعد البيع على بسطة أمام المنزل، قمت باستخدام عربة طفلتي الصغيرة التي ادفعها بيد وفي اليد الأخرى احمل مبردة صغيرة تسمى بلهجتنا (الطرمز)، حيث أضع فيها المشروبات الغازية المغطاة بالثلج، وأقوم ببيعها على خيم اللاجئين والنازحين، ومراكز الإيواء في المدارس في حينا والأحياء القريبة"."وزاد من همومنا"، والكلام للسيدة صباح، :"حدوث انفجار الشاحنة المفخخة عند دوار خشمان قبل خمسة أعوام، والذي أصاب منزلنا الصغير بأضرار كبيرة، وعندها اتخذت قراري بتوسيع عملي لمساعدة زوجي وأسرتي الصغيرة".
قصة "الطريزينة"
تتكلم السيدة أم زينب عن تحولها من العمل في بيع المأكولات والمشروبات الغازية عبر دراجة طفلتها الصغيرة، إلى البيع عبر وسيلة أكبر وتحتاج إلى القيادة، بكل فخر وسعادة، فتقول : "قررت شراء الدراجة ذات ثلاثة عجلات والتي تسمى في لهجتنا "الطريزينة" بعد أن عرض علي صاحبها القديم وهو جارنا في الحي شرائها بمبلغ (5 ألف ليرة سورية/ نحو 2 دولار حاليا) وهو يعتبر مبلغا كبيراً على عائلة فقيرة ومحتاجة مثلنا".وتضيف أم زينب: "وافق صاحب الدراجة على بيعها لي وفق نظام الدفعات، واستطعنا أنا وزجي تأمين الدفعة الأولى عبر فتح (المطمورة/ وهي علبة للمدخرات الصغيرة وقطع العملة المعدنية)، التي أضع فيها ما يتيسر لي باسم طفلتي الصغيرة، حيث كنت أنوي شراء حلقات ذهبية لإذنيها، إضافة إلى السلفة التي حصل عليه زوجي من صاحب العمل، لأبدأ بذلك مرحلة مهمة في حياتي عبر خلال بيع التجوال وقيادة الدراجة ذات ثلاث عجلات"، موحضة: "في مجتمعنا، يبدو هذا التصرف من الأمور الغريبة جداً ومحرمة في بعض الأحيان، لكن ظروفي الاقتصادية الصعبة هي من دفعني وبقوة إلى ذلك".
جارة حسب الفصول
تشرح السيدة صباح ناصر طريقة عملها، خلال فصل الشتاء كنت أقوم ببيع المواد الغذائية ومأكولات الأطفال والألبسة والإكسسوارات على الأطفال والنساء في مخيمات النازحين القريبة من حينا، وعلى سكان الحي أيضاً، وفي فصل الصيف وباعتبار مدينة الحسكة من المدن المعروفة بحرارة جوها وانقطاع الكهرباء فيه لساعات طويلة، قررت أن أقوم ببيع قوالب الثلج على المخيمات ومراكز الإيواء.وتبين أم زينب أصبحت مع مرور الوقت أبيع القوالب على الزبائن الثابتين فهناك اصحاب أفران الفطائر ومغاسل السيارات واللحامين وبيع الأسماك وأصحاب المحال التجارية، وعلى أصحاب المنازل الذي يضطرون بشكل يومي لشراء قوالب الثلج لتبريد المياه لهم ولأسرهم.
كفاح النساء
توضح السيدة صباح ناصر بأن رسالتها من العمل واضحة بأن المرأة مثل الرجل تستطيع أن تعمل وأن تكون عوناً لزوجها ولأطفالها، فهي الأم والأخت والزوجة والحبيبة والصديقة، (أليس وراء كل رجل عظيم امرأة) تقولها وهي ضاحكة ومفتخرة.وتتابع، هناك الكثير من الأقارب والجيران ساعدوني وقدموا لي العون المعنوي في عملي لمساعدة زوجي وأسرتي، تقولها مع ابتسامة لها صوت، من تحت اللثام الذي لا يفرق ووجها أبداً، وهنا تستدرك نفسها كان هناك عدد من المعارضين من الأقارب وأبناء العمومة على عملي، لكن حياة طفلتي وأمي المريضة أهم من كلامهم جميعاً.
نتحدى "قيصر"
وتؤكد أم زينب: "بأن على السوريين التوحد لتحدي العقوبات الأمريكية الظالمة (قانون قيصر الأمريكي)، وذلك من خلال العمل بيد واحدة الزوجة مع زوجها والأخ من أخيه ،والأخت مع أبيها، وذلك لكي نستطيع الاستمرار بالحياة والانتصار في هذه المعركة وهي الأخيرة في الحرب الجائرة على سوريا وشعبها، فلا بديل برأيها عن العمل والمقاومة بنفس الوقت للانتصار على جميع المصائب سواء الحياتي اليومي أو الاقتصادية الاجتماعية.
رمز التآخي
في نهاية حديثها وصفت السيدة صباح محمد ناصر نفسها بأنها رمز التأخي في الجزيرة السورية، المعروفه بغناها الثقافي والاجتماعي ومكوناتها المتنوعة، فهي امرأة عربية ابنت عشيرة عربية أصلية، وزوجها رجل كردي من عائلة كردية معروفة، فهي سيدة تحترم وتحب كل مكونات مدينتها، فعندما كانت على مقاعد الدراسة كان بجانبها فتيات كرديات وسريان، في صورة جميلة عن سورية المصغرة.ويشار إلى أن السيدة صباح محمد ناصر تولد الحسكة عام 1980 ، متزوجة من السيد وليد محمد احمد علي، وتسكن معه ومع طفلتها الصغيرة (زينب 6 أعوام) وأمها المقعدة المريضة (هاجر الزبيد)، في منزل صغير بحي خشمان الشعبي.
كسرت "صباح" السيدة السورية صاحبة الـ40 ربيعًا، جميع العادات والتقاليد العشائرية، وقررت أن تستقل دراجتها ذات الثلاث عجلات، لتبدأ رحلتها اليومية في الصباح الباكر، وهي تجّول في أسواق وأحياء مدينتها سعيا لـ (التقاط رزقها)، وفق الوصف الشعبي لنشاطها التجاري الصغير، حتى باتت "صباح" مع (طريزينتها)، كما تكنى دراجات العجلات الثلاث في مديتنها وعموم محافظات شرقي سورية، لقطة أساسية من مشهد الحياة اليومية لأسواق مدينة الحسكة.تبيع "صباح" (الثلج) صيفاً، والمواد الغذائية والألبسة والإكسسوارات النسائية شتاءً، فهذه المهنة تقتصر على الرجال بشكل تام في مجتمعها، إلا أنها لا تكترث كثيراً لما يلاحقها من قيل وقال، فهي تكرس ذاتها لهدف أسمى، فبعدما سحقت الحرب الإرهابية وما استكملها من حصار اقتصادي غربي، دروب العيش في بلدها، بات تفكيرها مركزا تماما على تلبية احتياجات طفلتها الصغيرة ووالدتها المسنة المقعدة منذ سنوات، ومساعدة زوجها الذي يعمل في الأعمال الحرة.
وتزرع صباح أنحاء السوق بدراجتها، المغطاة (بجادر) أسود اللون كتب على طرفه الأول: (زينب- تشكيلة- إكسسوارات- دخان- مشروبات باردة- موز)، وعلى الثاني سطرت "سورة الفلق" من (القرآن الكريم)، لتكون حرزها الذي يحميها من الغدر والحسد، وفق ما تقول.من عملها على "الطريزينة"، تمكنت ابنة حي خشمان الشعبي الواقع على الأطراف الشمالية للحسكة، من ترميم منزلها الذي أصابه دمار كبير جراء تفجير داعشي بشاحنة استهدف (دوار خشمان) قبل سنوات.أما لماذا قررت صباح تكبد هذا الطراز من المعارضة الاجتماعية، فتقول صباح: بدأت العمل بهدف مساعدة زوجي قبل ما يقارب الستة سنوات، بعد أن رزقنا الله طفلة وحيدة أسمينها زينب، وكانت تحتاج للحليب بشكل يومي، بعد عدم تقبلها الرضاعة الطبيعة، ونتيجة وضعنا الاقتصادي السيئ كما حال الكثير من العائلات السورية، ووجود والدتي المريضة معي في المنزل وما يتطلبه ذلك من مصاريف إضافية، قررت الدخول في مضمار العمل من خلال بيع مأكولات الأطفال أمام المنزل.
البداية مع (الطرميز)
قبل أن تبتاع (طريزينة) لتطويعها كمتجر متنقل، بدأت أم زينب نشاطها التجاري الصغير عبر (الطرميز)، وتقول صباح: "بعد البيع على بسطة أمام المنزل، قمت باستخدام عربة طفلتي الصغيرة التي ادفعها بيد وفي اليد الأخرى احمل مبردة صغيرة تسمى بلهجتنا (الطرمز)، حيث أضع فيها المشروبات الغازية المغطاة بالثلج، وأقوم ببيعها على خيم اللاجئين والنازحين، ومراكز الإيواء في المدارس في حينا والأحياء القريبة"."وزاد من همومنا"، والكلام للسيدة صباح، :"حدوث انفجار الشاحنة المفخخة عند دوار خشمان قبل خمسة أعوام، والذي أصاب منزلنا الصغير بأضرار كبيرة، وعندها اتخذت قراري بتوسيع عملي لمساعدة زوجي وأسرتي الصغيرة".
قصة "الطريزينة"
تتكلم السيدة أم زينب عن تحولها من العمل في بيع المأكولات والمشروبات الغازية عبر دراجة طفلتها الصغيرة، إلى البيع عبر وسيلة أكبر وتحتاج إلى القيادة، بكل فخر وسعادة، فتقول : "قررت شراء الدراجة ذات ثلاثة عجلات والتي تسمى في لهجتنا "الطريزينة" بعد أن عرض علي صاحبها القديم وهو جارنا في الحي شرائها بمبلغ (5 ألف ليرة سورية/ نحو 2 دولار حاليا) وهو يعتبر مبلغا كبيراً على عائلة فقيرة ومحتاجة مثلنا".وتضيف أم زينب: "وافق صاحب الدراجة على بيعها لي وفق نظام الدفعات، واستطعنا أنا وزجي تأمين الدفعة الأولى عبر فتح (المطمورة/ وهي علبة للمدخرات الصغيرة وقطع العملة المعدنية)، التي أضع فيها ما يتيسر لي باسم طفلتي الصغيرة، حيث كنت أنوي شراء حلقات ذهبية لإذنيها، إضافة إلى السلفة التي حصل عليه زوجي من صاحب العمل، لأبدأ بذلك مرحلة مهمة في حياتي عبر خلال بيع التجوال وقيادة الدراجة ذات ثلاث عجلات"، موحضة: "في مجتمعنا، يبدو هذا التصرف من الأمور الغريبة جداً ومحرمة في بعض الأحيان، لكن ظروفي الاقتصادية الصعبة هي من دفعني وبقوة إلى ذلك".
جارة حسب الفصول
تشرح السيدة صباح ناصر طريقة عملها، خلال فصل الشتاء كنت أقوم ببيع المواد الغذائية ومأكولات الأطفال والألبسة والإكسسوارات على الأطفال والنساء في مخيمات النازحين القريبة من حينا، وعلى سكان الحي أيضاً، وفي فصل الصيف وباعتبار مدينة الحسكة من المدن المعروفة بحرارة جوها وانقطاع الكهرباء فيه لساعات طويلة، قررت أن أقوم ببيع قوالب الثلج على المخيمات ومراكز الإيواء.وتبين أم زينب أصبحت مع مرور الوقت أبيع القوالب على الزبائن الثابتين فهناك اصحاب أفران الفطائر ومغاسل السيارات واللحامين وبيع الأسماك وأصحاب المحال التجارية، وعلى أصحاب المنازل الذي يضطرون بشكل يومي لشراء قوالب الثلج لتبريد المياه لهم ولأسرهم.
كفاح النساء
توضح السيدة صباح ناصر بأن رسالتها من العمل واضحة بأن المرأة مثل الرجل تستطيع أن تعمل وأن تكون عوناً لزوجها ولأطفالها، فهي الأم والأخت والزوجة والحبيبة والصديقة، (أليس وراء كل رجل عظيم امرأة) تقولها وهي ضاحكة ومفتخرة.وتتابع، هناك الكثير من الأقارب والجيران ساعدوني وقدموا لي العون المعنوي في عملي لمساعدة زوجي وأسرتي، تقولها مع ابتسامة لها صوت، من تحت اللثام الذي لا يفرق ووجها أبداً، وهنا تستدرك نفسها كان هناك عدد من المعارضين من الأقارب وأبناء العمومة على عملي، لكن حياة طفلتي وأمي المريضة أهم من كلامهم جميعاً.
نتحدى "قيصر"
وتؤكد أم زينب: "بأن على السوريين التوحد لتحدي العقوبات الأمريكية الظالمة (قانون قيصر الأمريكي)، وذلك من خلال العمل بيد واحدة الزوجة مع زوجها والأخ من أخيه ،والأخت مع أبيها، وذلك لكي نستطيع الاستمرار بالحياة والانتصار في هذه المعركة وهي الأخيرة في الحرب الجائرة على سوريا وشعبها، فلا بديل برأيها عن العمل والمقاومة بنفس الوقت للانتصار على جميع المصائب سواء الحياتي اليومي أو الاقتصادية الاجتماعية.
رمز التآخي
في نهاية حديثها وصفت السيدة صباح محمد ناصر نفسها بأنها رمز التأخي في الجزيرة السورية، المعروفه بغناها الثقافي والاجتماعي ومكوناتها المتنوعة، فهي امرأة عربية ابنت عشيرة عربية أصلية، وزوجها رجل كردي من عائلة كردية معروفة، فهي سيدة تحترم وتحب كل مكونات مدينتها، فعندما كانت على مقاعد الدراسة كان بجانبها فتيات كرديات وسريان، في صورة جميلة عن سورية المصغرة.ويشار إلى أن السيدة صباح محمد ناصر تولد الحسكة عام 1980 ، متزوجة من السيد وليد محمد احمد علي، وتسكن معه ومع طفلتها الصغيرة (زينب 6 أعوام) وأمها المقعدة المريضة (هاجر الزبيد)، في منزل صغير بحي خشمان الشعبي.
قد يهمك ايضا :
مبادرات إعلامية كردية شمال سورية تواكب "كورونا" وتقلبات المشهد الميداني
خدمات إغاثية وإنسانية مُستمرِّة لمساعدة الأهالي المهجرين في مدينة الحسكة
أرسل تعليقك