دمشق ـ جورج الشامي
شهدت العاصمة السورية دمشق، الإثنين، قصفًا عنيفًا على أحياء جوبر والقابون ومخيم اليرموك والتضامن وبرزة، تزامنًا مع قصف قريتي باب الهوى وسرمدا في ريف إدلب بطائرات "ميغ"، فيما استهدف الجيش الحر "المعارض" القصر البلدي في حي بستان القصر ومعسكري القرميد والجازر، في حين أقام لاجئون مخيمًا جديدًا غرب محافظة درعا، يحوي أعدادًا كبيرة من النازحين من مناطق صيدا الجولان والحانوت
والسودي والمعلقة.
وقصف الطيران الحربي الحكومي حي جوبر في دمشق، كما قصف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة أحياء جوبر والقابون ومخيم اليرموك والتضامن وبرزة، وسط اشتباكات عنيفة في أحياء مخيم اليرموك والتضامن وبرزة وفي محيط حي جوبر على جبهة منطقة العباسيين، كما شنت القوات الحكومية حملة دهم واعتقالات في حي باب سريجة، وفي الريف جرى قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة على مدن وبلدات ببيلا والسبينة ومعضمية الشام وداريا وزملكا ودوما والديرسلمان ومرج السلطان وعلى مناطق عدة في الغوطة الشرقية، وسط اشتباكات في مدينة داريا وفي حي سيدي مقداد في بلدة ببيلا، وفي حمص جرى قصف عنيف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة والدبابات على أحياء المدينى المحاصرة واشتباكات في محيط أحياء الخالدية وبقية أحياء حمص المحاصرة على عدة محاور بين الجيش الحر وقوات الحكومة المدعومة بقوات حزب الله، وقصف عنيف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة على مدن تلبيسة والحولة وبلدة الغنطو، في حين بدأ الجيش السوري الحر القصف على القصر البلدي من الدبابات التي تتمركز حديثًا في حي بستان القصر، حيث يتم التمهيد للسيطرة على حي المشارقة وسط مدينة حلب، ويستمّر القصف حتى الآن، بينما تم إغلاق معبر بستان القصر لسبب اشتداد المعارك في المنطقة، حيث تحول معبر بستان القصر إلى جبهة قتالية جديدة في المدينة، تحاول من خلاله قوات المعارضة التغلغل نحو المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة غرب ووسط حلب، فيما شدّدت قوات الحكومة الإثنين قصفها على مناطق عدة من ريف إدلب، حيث تعرّضت مدينة معرة مصرين لقصف جوي مركز، بينما شهدت كل من قريتي باب الهوى وسرمدا غارات بمقاتلات "ميغ"، واستمرّت مدفعية الحكومة في قصف مدينتي سراقب وأريحا منذ الصباح الباكر، وذلك بعد أن قُتل في أريحا أكثر من 22 مدنيًا وأصيب 60 بجراح جراء استهداف المدينة بقذائف الهاون "عيار 180".
وأعلن لاجئون سوريون، إقامة مخيم جديد غرب محافظة درعا يضم أعدادًا كبيرة من النازحين من مناطق صيدا الجولان والحانوت والسودي والمعلقة، وذلك بعد ارتفاع وتيرة العنف واستمرار النزاع الدائر بين قوات المعارضة وأمن وجيش حكومة دمشق، ويقع المخيم على بعد أمتار من الشيك الإسرائيلي الجديد في أقصى غرب درعا، ويفتقر لمقوّمات الحياة الأساسية حيث يعاني من نقص حاد في الغذاء والمياه، وتنتشر أمراض عدة بين النازحين الجدد، ولا سيما الأمراض الجلدية بين الأطفال، لسبب تلوث المياه وأشعة الشمس الحارقة، إضافة إلى سوء أوضاع المسنين بفعل انقطاع الأدوية عنهم.
وقالت لجين، طفلة نازحة من قاطني المخيّم الجديد، "قوات الحكومة دمرت منازلنا وشرّدتنا، ولا نعرف إلى أين نذهب، ولا نجد منزلاً يأوينا، ونحن هنا لا نجد الكثير من الطعام"، فيما تتوافد أعداد كبيرة من النازحين إلى المخيم، في ظل نقص بالتجهيزات من ضمنها الخيم، مما دفع بالسكان إلى مناجاة المنظمات الإنسانية واللجان الأهلية ومنظمات الإغاثة لمساعدتهم، وتوفير الخيم والمياه الصالحة للشرب لهم.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إنه في حماة استهدف "الجيش الحر" حواجز قوات الحكومة في بلدة المغير، وحقق إصابات مباشرة، وفي اللاذقية استهدف "الجيش الحر" قوات الحكومة المتمركزة في المرصد 45 بصواريخ محلية الصنع ويحقق إصابات، وفي دير الزور تصدّى "الجيش الحر" لقوات الحكومة في حي الحويقة، واستطاع تكبيدهم خسائر، وفي الحسكة استهدفت عناصر المعارضة محيط "الفوج 121" في المليبية، وفي محافظة طرطوس، قتلت قوات موالية للرئيس السوري بشار الأسد ما لا يقل عن 13 شخصًا من عائلة واحدة في قرية البيضا، في ثاني مذبحة تشهدها القرية منذ أيار/مايو الماضي، وأن 4 سيدات و6 أطفال كانوا ضمن القتلى في القرية التي تقع في منطقة ساحلية وسط سورية.
وقال ناشطون سوريون، إن سنوات الطفل لؤي نادر القرطان العشر لم تشفع له لدى القوات الحكومية، وهروبه من عائلته من نوى في درعا التي حولتها الحرب إلى مدينة أشباح، لم تنجه وعائلته من الموت، وفي الطريق إلى الشيخ السعد، وبعد مسير حوالي 5 كم تلقى مع عائلته ونازحي "نوى" الرصاص من حاجز للجيش السوري، وبعد أن نجا لؤي من أهوال الطريق لم يسعفه الحظ وأهله بالوصول إلى الشيخ سعد، وأمرهم الجنود الحكوميين بالعودة إلى نوى لتسقط قذيفة بالقرب من العائلة فأصيب الجميع بجروح بالغة ومات لؤي.
وذكر أبو الناشط حمزة جواد من مدينة نوى، أن القصف المستمر والمتصاعد على المدينة منذ 6 أيام ترك المدينة خالية إلا من الخراب، وتفاقمت المعاناة الإنسانية هناك ليتم توثيق مقتل 40 شخصًا على الأقل، ولا يزال الكثير ممن لم يتم توثيقهم إلى الآن تحت الأنقاض، ولا يزال الكثيرون في عداد المفقودين، وأن غضب الحكومة على نوى مضاعفًا، بعد أن دخل الجيش الحر الثلاثاء الماضي وتمكن من تدمير14 حاجزًا وعدد من المدرعات والآليات العسكرية، والحواجز هي (حاجز طريق حوي، وحاجز المخفر في مدينة نوى، شعبة الحزب بالقرب من مخفر مدينة نوى، مفرزة الأمن السياسي - حاجز مجمع الإمام النووي، حاجز ساحة جامع العمري، حاجز ساحة جسر عوفة، حاجز مركز الشبيبة، حاجز المذايبة، حاجز كازية النابلسي، حاجز الضابط المقتول أوزون، حاجز شعبة تجنيد مدينة نوى، حاجز مجمع جهاد راضي العماري، حاجز الفرن الآلي، حاجز المستشفى الوطني).
وأوضح جواد، أن نزوح الأهالي لا يزال مستمرًا، ولكن لا تزال عدد من العائلات عالقة في بعض الأقبية لسبب تركز القصف والقنص على أحيائهم في أجواء من شح الطعام والشراب والعلاج، وبقي الجرحى مسجونين خلف إصاباتهم مع التناقص الحاد والمتسارع بالأدوات الطبية في المستشفى الوحيد في المدينة، لسبب ضخامة عدد أولئك الجرحى، وتزايد ذلك العدد بشكل مطرد".
وأضافت ربا أبو عسلة، ناشطة من نوى، "لم يهدأ منذ الثلاثاء الطيران الحربي وغاراته على المدينة، وبدأت مدفعية الجيش السوري تدك المدينة على رؤوس سكانها، وسرعان ما انتشر القناصة على حاجز المقبرة القديمة، وبدأوا في استهداف كل ما يتحرك هناك، وما لبثت أن اشتعلت المحاصيل الزراعية في المدينة صاحبة التربة الأكثر جودة للزراعة، وامتد الحريق إلى المنازل، وبعد 6 أيام من القصف والدمار سيطرت حالة من الرعب والهلع لدى الأهالي ولا سيما الأطفال، وبدأ الناس في محاولة الهروب من المدينة باتجاه القرى الأقرب (الشيخ سعد – تسيل - جاسم)، وإن كانت هذه القرى هي الأقرب فإنها تصبح بعيدة وشاقة عند قطع المسافة مشيًا على الأقدام، ليلاحقهم رصاص الجيش الحكومي ومدفعيته، وليهربوا من موت إلى موت آخر، ووقوع بعضهم على الطريق جريحًا أو مقتولاً".
وشرح عمر الحريري، ناشط ميداني من نوى وعضو في "اتحاد تنسيقيات درعا"، دور الجيش الحر في المدينة، فقال، "إنه في الخميس هجم (الحر) على حواجز الجيش الحكومي مرة أخرى لتوسيع رقعة المعركة، ومحاولة السماح للأهالي بالهرب من المدينة، وقام (الحر) بقصف تل الجموع بالهاون، وقتل ما لا يقل عن 15 عنصرًا من الجش الحكومي، وفي المقابل فإن ما لا يقل عن 300 مدني جرحى ومحاصرين داخل المدينة، وتوسعت غارات الطيران الحربي إلى قرية تسيل التي قصدها بعض سكان نوى"، مضيفًا "إن الخراب والدمار يسيطران حاليًا على المدينة، حيث لم يستثن الدمار المنازل ولا المحلات التجارية والبنى التحتية كالشوارع والمدارس والمساجد والمؤسسات العامة، وقُتل 13 طفلاً في نوى، لم يتجاوز عمر أصغرهم السنتين، ولم يبلغ أكبرهم الـ14 عامًا، ويبدو رصاص الجيش الحكومي مصر دائمًا على إفناء عائلات بأكملها، فقتل مهران الجنادي وزوجته وابنهم البالغ 4 سنوات وابنته بعمر السنتين، وإن كان الإعلام لم يعد قادرًا على ذكر أسماء ضحايا الجيش الحكومي، فإن مقتل لاعب منتخب سورية لألعاب القوى رامي قرص، حامل بطولة سورية أربع مرات، لابد من ذكره، وتوثيق مقتله عند محاولته الدفاع عن مدينته وأهله حاله حال أهل وسكان نوى المدمرة".
أرسل تعليقك