القاهرة : مصطفي الخويلدي
تحوي أحضان شارع المعز لدين الله الفاطمي العريق في القاهرة، بعض المهن والحرف التي تعد جزءاً من الفنون الإسلامية ، واشهرها حرفة "النقش على النحاس"، والتي مازالت تحتفظ ببريقها الخاص. فالنحاس له عشاقه ومحبوه، فهو لا يزال يتأثر بالظروف الجوية كثيراً، ويعود تاريخ هذه الزخرفة إلى بداية ازدهار الحضارة الإسلامية والعربية، حيث ترى في تزيين مباني المساجد والمدارس والقصور والتي عرفت بالفنون الزخرفية، توارثها الأبناء من آبائهم وأجدادهم.
وتابعت منى، الا انه منذ قيام الثورة وانهيار السياحه انهارت معها المهنة بعد ان زادت اسعار المواد الخام زيادة حيث إرتفع سعر كيلو الفضه من 600 جنيه إلى 6000 جنيه وهو ما جعل جميع الورش تبتعد عن الفضة وتتجه للنحاس ، والذي ارتفع سعره ايضا إلى 95 جنيها والاحمر إلى 115 جنيها ، كما ارتفع سعر الازير ايضا إلى 7 و8 آلاف جنيه للقالب بعد تحكم رجال الاعمال واحتكارهم له ، كما اشارت إلى فترة الثورة سرق 2 طن نحاس من ورشتها وتعرضت لدين وخسارة كبيرة ، ولم تجد من يعوضها من الحكومة المصرية او يقف بجانبها .
وطالبت منى من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي استيراد المواد الخام وتوصيلها اليهم دون جشع التجار ورجال الاعمال والمحتكرين لها او عمل جميعية تتولي ذلك حتى لا نكون تحت رحمة المحتكرين من تجار المواد الخام .مشيرةا إلى انه رغم الظروف التي تعانيها المهنة، اضافة الى أن يومية العامل اصبحت غاليه نظرًا لارتفاع اسعار السلع والغلاء الذي ضرب البلاد خلال الفترة الاخيرة نتيجة إرتفاع اسعار الدولار الأميركي، فاصبحت يومية العامل 100 جنية .ولفتت إلى انه اغلب الشغل الورش في شارع المعز بالقاهرة كانت تطلبه الفنادق للسياح .
اما عن تاريخ المهنة فاكد الحاج جمال شوشة صاحب "فضيات المعز" أن مهنة (النقش على النحاس) توارثها أباً عن جد منذ زمن بعيد، وقد كانت هذه الصنعة في الماضي في عهد الدولة الإسلامية يصنع منها العملات والصواني أو الأواني النحاسية أو أطقم الشاي والمباخر القديمة والتي لا تزال من أهم المعروضات في سوق خان الخليلي، الا انها تغيرت في الأشكال والألوان وطريقة الصناعة والطلاءات بالذهب والفضة وتزايد الآن الحفر الكيميائي باستخدام الماكينات.
واكد أشرف محمد 45 عاما (نقاش على النحاس ) ان الصناعة انقرضت الان بعد غياب المشتري، مشيرا إلى انه في البداية كان الفني ينقش أكثر من 10 اطباق يوميا اما الان فيقوم بعمل طبقين يوميا لانه لم يعد هناك وجود مشتري للمنتج ، وتابع: ان سبب الاساسي في إنيهار الصناعة هو المنتج الصيني والسياحة فضلا عن إرتفاع اسعار الفضه والذهب ، حيث ان نقش الاطباق كانت لم تتم الا علي الاطباق الفضية ولكن لرتفاع اسعارها لم اللجواء إلي نقشها وصناعتها من النحاس ، مشيرا إلى انه هجر المهنة منذ حوالي 15 عاما نتيجة لأرتفاع الاسعار وثبات سعر اليومية والصنعة فالمكسب الان للتجار وليس لإصحاب الورش .
وعن مراحل هذه الحرفة قال سيف الدين محمد (نقاش على النحاس): في البداية نختار قطعة النحاس التي يراد صنعها وتشكيلها ثم نقوم بتقسيط قطعة النحاس، بمعنى مساواة جميع أجزائها بالمطرقة والسندان، ثم يتم مسحها وتطويقها جيداً، ثم يقوم الفنان (الرسام) بالرسم عليها بواسطة قلم رصاص، لكن ليس من الضروري أن من يعمل في النقش أن يكون خطاطاً، فهناك الكثير من أصحاب الورش الذين يستعينون بخطاطين على درجة كبيرة من الاحتراف لكتابة أية جمل وخطوط وآيات مطلوب حفرها، ثم نبدأ بعدها عملية " تكبير الخانات" التي تم رسمها بمعنى ابتكار كل خانة مثل الأخرى بالضبط، وذلك باستخدام البرجل والقلم ثم نستخدم قلم النقش بالدق عليه بالشاكوش، وهناك العديد من الأقلام التي تستخدم في هذه الحرفة منها أقلام "الجوهارسة" يتم بواسطتها نقش دوائر صغيرة فوق قطع النحاس وهناك أيضاً أقلام " الزنبة " لعمل النقاط المطلوبة في الرسم على النحاس، وهناك أقلام "الترمبل" لجعل الأرضية في النحاس شبيهة بالرمل، وهناك أقلام "المقطع" للتفريغ، وتتم عملية نقش النحاس أو زخرفته، بثلاث طرق :
أولا النقش أو الحفر، وتتم بأدوات يدوية دون استخدام أي تقنية عالية عن طريق الأزميل والمطرقة الحديدية .
وإضافة إلى ذلك استيراد الكثيرين منتجات النحاس من الصين والذي يعتمد على الشكل الخارجي فقط، فألوانه تمحى بعد فترة قصيرة من الزمن، وجودته ضعيفة جداً، الا أن رخص أسعارها يجعل الكثيرين يقبلون عليها. وبالإضافة الى ذلك فهناك بعض المصانع والورش التي تعتمد على الحفر الكيميائي للنحاس مما أضعف من مهنة النقش على النحاس اليدوية بصورة كبيرة الآن وهددها بالانقراض .
أرسل تعليقك