تمتلك محافظة أسوان عاصمة الشباب والاقتصاد والثقافة الأفريقية بالقارة السمراء، وعروس الجنوب، وجوهرة النيل الساحرة، العديد من المقومات والتنوع فى المنتج السياحى ما بين سياحة أثرية وثقافية وبيئية وعلاجية وترفيهية وسفارى وصيد، وفى السطور التالية نستعرض أبرز أنواع الأنماط السياحية وهى السياحة الأثرية والثقافية والمتمثلة فى الظاهرة الفلكية الفريدة من نوعها وهى ظاهرة تعامد الشمس بمدينة أبو سمبل السياحية والتى تحدث فى يوم 22 أكتوبر من كل عام احتفالًا ببدء موسم الحصاد، والأخرى يوم 22 فبراير احتفالًا بموسم الفيضان والزراعة.
وفى هذا الإطار قال رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية الدكتور جاد محمد القاضي بأن معبد أبو سمبل هو أكبر معبد منحوت في الصخر في العالم، ويعتبر آية في العمارة والهندسة القديمة، فقد تم نحته في قطعة صخرية على الضفة الغربية للنيل في موضع غاية في الجمال، وأن الغرض من المعبد ومكانه هو عبادة الشمس .
وأشار الدكتور جاد محمد تحتفل مصر ومحافظة أسوان بظاهرة تعامد الشمس على وجه رمسيس الثانى بمعبده الكبير بمدينة أبو سمبل، يوم ٢٢ أكتوبر 2020 ، وهناك عدد من المعلومات عن تلك الظاهرة الفرعونية الفريدة التى جسدها القدماء المصريون منذ آلاف السنين نسرد أهمها بأنه تتعامد أشعة الشمس على قدس الأقداس بمعابد أبو سمبل مرتين كل عام 22 فبراير و22 أكتوبر ، كما تخترق أشعة الشمس الممر الأمامي لمدخل معبد رمسيس الثانى بطول 200 متر حتى تصل إلى قدس الأقداس.
وأضاف جاد محمد يتكون قدس الأقداس من منصة تضم تمثال الملك رمسيس الثاني جالسا وبجواره تمثال الإله رع حور أخته والإله آمون وتمثال رابع للإله بتاح ، الطريف أن الشمس لا تتعامد على وجه تمثال "بتاح" الذي كان يعتبره القدماء إله الظلام، تستغرق ظاهرة تعامد الشمس 20 دقيقة فقط فى ذلك اليوم ، كما أن هناك روايتان لسبب تعامد الشمس، الأولى هي أن المصريين القدماء صمموا المعبد بناء على حركة الفلك لتحديد بدء الموسم الزراعي وتخصيبه، والرواية الثانية هي أن هذين اليومين يتزامنان مع يوم مولد الملك رمسيس الثانى ويوم جلوسه على العرش.
وتابع بأن تعرض معبد أبو سمبل عقب بناء السد العالى للغرق نتيجة تراكم المياه خلف السد العالى وتكون بحيرة ناصر، وبدأت الحملة الدولية لإنقاذ آثار أبو سمبل والنوبة ما بين أعوام 1964 و1968، عن طريق منظمة اليونسكو الدولية بالتعاون مع الحكومة المصرية، بتكلفة 40 مليون دولار ، بجانب نقل المعبد عن طريق تفكيك أجزاء وتماثيل المعبد مع إعادة تركيبها فى موقعها الجديد على ارتفاع 65 مترًا أعلى من مستوى النهر، وتعتبر واحدة من أعظم الأعمال فى الهندسة الأثرية، ومعابد أبو سمبل تم اكتشافها فى الأول من أغسطس عام 1817، عندما نجح المستكشف الإيطالى جيوفانى بيلونزى، فى العثور عليها ما بين رمال الجنوب.
وقال أن ظاهرة تعامد الشمس تم اكتشافها فى عام 1874، عندما رصدت المستكشفة "إميليا إدوارذ" والفريق المرافق لها، هذه الظاهرة وتسجيلها فى كتابها المنشور عام 1899 بعنوان "ألف ميل فوق النيل، وشيد الملك رمسيس الثانى معبده الكبير فى أبو سمبل، وشيد بجواره معبدًا لمحبوبته زوجته الملكة نفرتاري.
وأضاف بأنه تبقى المعجزة ، بأنه إذا كان يومي تعامد الشمس مختارًا ومحددين عمدًا قبل عملية النحت، لأن ذلك يستلزم معرفة تامة بأصول علم الفلك، وحسابات كثيرة لتحديد زاوية الانحراف لمحور المعبد عن الشرق، بجانب المعجزة في المعمار بأن يكون المحور مستقيم لمسافة أكثر من ستين مترًا ولا سيما أن المعبد منحوت في الصخر، ومن منطلق الدور القومي للمعهد الذي يلعبه فى إثراء الثقافة العلمية لدى المجتمع وتشجيعا للسياحة فإنه يتم الاعداد لاحتفالية علمية لهذا الحدث بالتعاون مع الجهات المعنية في منطقة أسوان وأبو سمبل ممثلة فى متحف النيل ومنطقة أثار أسوان وأبو سمبل.
وعن قصة الصوت والضوء بمعبد رمسيس الثانى بأبو سمبل قال الدكتور عبد المنعم سعيد مدير عام آثار أسوان بأنه يستمتع كل من يشاهد ويستمع بهذا العرض بتسليط الأضواء المبهرة على معبدى نفرتارى ورمسيس الثانى، والسماء تكون مليئة بالنجوم التى ينعكس بريقها على صفحة مياه بحيرة ناصر الزرقاء وسط نسمات الهواء اللطيفة، مع سرد مشوق بتقنيات صوت وصورة وإضاءة حديثة لفترة حكم رمسيس الثاني وحبه لنفرتارى وحروبه الإمبراطورية وصولًا لأول معاهدة سلام فى التاريخ مع الحيثيين فى دقائق تنقلك فى ثوانٍ لتاريخ مشرف لبلد عظيم، وتتم ملاحظة انبهار السائحين والزائرين المصريين في عيونهم لنظراتهم ومشاهدتهم لهذا العرض وأياديهم تكون على كاميراتهم وموبايلاتهم لتسجيل وتصوير ما يشاهدوه من إبداعات مصرية.
وتابع الدكتور عبد المنعم سعيد بأنه ساهم عرض الصوت والضوء في نقل المشاهد والمتابع إلى زمن الفراعنة، حيث يتم الاستمتاع بالموسيقى الشجية، ويعيد العالم القديم إلى الحياة حولك، ويشمل العرض أجهزة إسقاط (بروجيكتور) على المعابد، موضحة كيف يبدون في الحال، ويتم عرض البرنامج بلغات متعددة مع توفير سماعات الأذن. وهى تعد تجربة لا يجب إغفالها، إنها تلك التي تجعل زيارة السائح أو الزائر لأبو سمبل في الذاكرة طول الحياة، خاصة أن معبد رمسيس الثانى يعد معبدا أثريا تم نحته ببطن الجبل 320 كيلومترا جنوبي أسوان.
ويتألف الأثر من معبدين كبيرين نحتا فى الصخر بناهما الملك "رمسيس الثانى" عام 1250 ق. م، وتتكون واجهة المعبد الكبير من أربعة تماثيل ضخمة تمثل الملك "رمسيس الثانى" جالسًا على عرشه، ويتوسط تماثيل الملك الأربعة باب المعبد الضخم، أما المعبد الثانى فتحتوي واجهته على ستة تماثيل منها أربعة للملك وتمثالان لزوجته الملكة الجميلة "نفرتاري".
قد يهمك أيضًا
اكتشاف معادن متبخرة في هواء كوكب خارج المجموعة الشمسية
باحثون يُطورون تقنية ترفع كفاءة ألواح توليد الطاقة الشمسية
أرسل تعليقك