روما ـ وكالات
تحتفل إيطاليا طوال هذا العام (2013) الذي أطلق عليه اسم “عام الأمير” بمرور (500) عام على تأليف أهم وأشهر كتاب في التنظير السياسي الواقعي وهو كتاب “الأمير” للسياسي والمفكر الإيطالي نيكولو مكيافيللي (1469- 1527)، وذلك بإقامة المعارض لكتبه ومخطوطاته ورسائله، من بينها معرض كبير افتتح مؤخراً في متحف فيتوريانو في وسط العاصمة الإيطالية. وضم العديد من الأعمال الفنية المهمة، ومخطوطات نادرة ورسائل شخصية، وقطع قديمة أخذت من مجموعات خاصة وعامة مختلفة مثل أرشيف فلورنسا ومتحف النهضة في روما ومتحف الفاتيكان.
وإضافة إلى المعارض، التي تستعيد قصة ونجاح نتاجه الرئيسي «الأمير» عبر الأجيال، يتضمن برنامج الاحتفال إلقاء المحاضرات وإقامة الندوات ، التي دعي إليها نخبة من الفلاسفة والمفكرين والمؤرخين، الذين تخصصوا أو أسهموا في دراسة حياة مكيافيللي وأعماله، وكذلك نخبة من نجوم السينما والمسرح، الذين اشتركوا في أفلام سينمائية وعروض مسرحية عن حياته أو مستوحاة من نتاجاته الفكرية والمسرحية. وللمناسبة ذاتها، صدرت طبعة جديدة وراقية من مجموعة مؤلفات مكيافيللي الكاملة، ضمن سلسلة “المكتبة الحديثة” في الولايات المتحدة الأميركية، وهي سلسلة قيمة، رفيعة المستوى وتقتصر على عيون النتاجات الفكرية والإبداعية في تاريخ الحضارة البشرية .
احتفالات إيطاليا هذا العام، متعددة الجوانب والأشكال، فثمة فعاليات وأنشطة تهدف إلى تربية الجيل الايطالي الجديد وغرس حب الوطن ورموزه التاريخية، وفي مقدمتهم مكيافللي في القلوب والأذهان، وذلك بتنظيم رحلات إلى الأماكن، التي عاش فيها مكيافيللي أو التي شهدت ولادة مؤلفاته أو المحطات المهمة في حياته الشخصية، الحافلة بالنجاحات الباهرة وأيضاً بالهزائم المريرة والبؤس والفاقة والحرمان .
إيطاليا ترى في مكيافيللي رمزاً وطنيا ناضل من أجل توحيد إيطاليا ومستقبل أفضل لشعبه .
وقد يتعجب القارئ، كيف يمكن الاحتفال بذكرى تأليف كتاب “سيء الصيت” مثل كتاب “الأمير” ؟ .
ولكن لم العجب، إذا كانت دولة منغوليا في عهودها المتعاقبة (من ملكية وشيوعية وديمقراطية)، كانت وما تزال تعتبر جنكيز خان رمزاً وطنياً !! وتحتفل بذكرى ميلاده وتقيم المهرجانات والمؤتمرات لتمجيده .!!
ولكن شتان بين مكيافيللي السياسي البارز والوطني المخلص والمفكر اللامع لعصر النهضة الأوروبية، وبين جنكيزخان الدموي، الذي لم تعرف عنه صفة حميدة واحدة، ولا أية أعمال مفيدة، ناهيك عن المصائب والكوارث التي نجمت عن غزواته البربرية .
أرسل تعليقك