دبي – صوت الإمارات
أكد اختصاصي أول في الإعداد الذهني والنفسي وتحليل وتشخيص القدرات الشخصية الدكتور أحمد حسن جمال الرئيسي، أنه لا يؤمن بمقولة الحظ أو الفريق لم يكن في يومه، وهما من المقولات الشائعة التي نعلّق عليها أخطاء اللاعبين، خاصة عند تراجع معدلات اللياقة البدنية أثناء سير المباراة، وحينما يكاد مخزون الفريق ينفد في الربع الأخير من المباراة، وتحديدًا آخر عشر دقائق، لا سيما إذا كان مستوى اللاعب البدني والمهاري ممتازًا جدًا في التدريبات، لكنه يخفق في تطبيق المهام الموكلة إليه من قبل الجهاز الفني.
واعتبر هذا الأمر راجعًا إلى الضعف في التحضير الذهني وتهيئة اللاعب للمنافسة قبل المباراة، وهو أمر يعانيه ما يقارب 70 في المئة من اللاعبين في الدولة، خاصة لاعبينا المحليين، وليس لأن اللاعب لم يكن في يومه أو أن الفريق ليس محظوظًا، مشيرًا إلى أن الفرْق أن هناك فريقًا حضّر لاعبيه للمباراة جيدًا وأدخلهم في أجواء التنافسية قبل ثلاثة أيام من المباراة، مع إبعاد اللاعبين عن الضغوط المضرّة.
ويوضح الدكتور أحمد بشكل مفصل أسباب استنفاد مخزون اللياقة البدنية للاعب مبكرًا، ما لا يجعله يستطيع اتمام المباراة بـ"رتم" بدني واحد، بأن المشاعر النفسية لدى هذا اللاعب عالية جداً، وأنه شديد التأثر بالشارع الرياضي، فضلاً عن التأثيرات السلبية في مشاعره من قبل وسائل الإعلام، ومثل هذه الحالات يتم التعامل معها وفق منظومة رفع الروح المعنوية والتحفيز الذهني أثناء التحضير البدني للمباريات، وأكد أن 70 في المئة من لاعبي دولة الإمارات يعانون مشكلة عدم توزيع لياقتهم البدنية على مدى التسعين دقيقة، والسبب مرده إلى أن النوم غير صحيح، بمعنى أن اللاعب لم يأخذ كفايته من النوم ليلاً بسبب السهر أو بسبب آخر، أو أن أسلوب التنفس لدى اللاعب أثناء المباريات غير صحيح، ومعلوم لجميع المدربين والأجهزة الفنية في دورينا أهمية أن يكون التنفس مختلفاً تماماً في الدقائق العشر الأولى والثانية من المباراة عن العشرين دقيقة الثانية، ويجب أن يكون التنفس في الدقائق العشر الأولى منسجماً مع النمط العام لشخصية اللاعب.
حيث إن شخصية بعض اللاعبين تحتم عليهم التنفس بشكل سريع، وبعض الشخصيات تتنفس بشكل متدرج، وخلال العشرين دقيقة الثانية بشكل متوازن، أي على ميزان واحد بـ"رتم" ثابت، وتكون آخر خمس دقائق في الشوط الأول وآخر 10 دقائق في الشوط الثاني هي الفارق والمحك الحقيقي، لذا تعتبر تقنية التنفس مرحلة مهمة للاعب في كرة القدم بعد التكنيك والتكتيك الرياضي، وتأتي في الأهمية مباشرة بعد العمل الفني.
وقال "إن الغضب والنرفزة والتسرع في الأحكام نتاج أن اللاعب قبل ثلاث ساعات إلى أربع عاش حالات القرارات المشاعرية والعاطفية، ولتخفيف هذا التشنج العاطفي الذي ينتج عنه الغضب داخل الملعب، لا بد أن يضعه المدرب قبل المباراة بيومين في حالة من التشويق والإثارة، كأن يطالبه ببذل مزيد من الجهود والتقليل من عطائه أخيراً، وحينها سيكون أداء هذا اللاعب خارقاً عشية المباراة، لأن حالة التوتر والضغوط علمياً لا تستمر أكثر من 48 ساعة، على أن يوضح المدرب للاعب قبل المباراة بساعة إلى أربع ساعات أنه قصد استفزاز قدراته بذلك الحديث ليُخرج أفضل ما عنده، ونوه الرئيسي بأهمية مراقبة دورات القمر لخلق التوازن بينها واللاعبين".
وكشف الرئيسي عن أهمية التوقع والإدراك في تحقيق الفوز والنتائج الإيجابية للفريق، وهما يشكّلان نسبة 90 في المئة من التسبب بالفوز أو الخسارة، موضحاً أن التوقع والإدراك هما التفاهم والتناغم والانسجام في أداء اللاعبين، بحيث يكون اللاعب مدركاً ومتوقعاً ردة فعل زميله في الفريق، وتلك ثمرة وجود بعض اللاعبين مع بعض مدة طويلة، سواء من خلال المعسكرات أو قاعات الطعام أو البقاء في محيط جغرافي ما مدة طويلة، ما يفسر مقولة بعض اللاعبين: "إنني أرتاح في اللعب مع اللاعب فلان»، لأنه يجيد توقع تحركاته وإدراكها في الملعب، وهو ما أكده سالم جوهر، قائد فريق العين الفائز بكأس آسيا عام 2003، بأنهم كانوا يكثرون المكوث مع بعضهم، فضلاً عن روح الصداقة السائدة في الفريق، ما قادهم إلى توافق ذهني كامل".
وأكد أهمية الرؤية الواضحة في وضع الأهداف التي من أجلها يلعب الفريق، لأنه كلما كانت الرؤية واضحة على اللاعبين سهل عليهم تحقيق الهدف، وعلى اللاعبين أن يحددوا غايتهم من المباراة التي سيلعبونها، والتحديات المطلوبة منهم بشكل واضح، وعلى كل لاعب أن يضع تحدياته الخاصة ويطرحها بشكل علني، ويجب مناقشة هذه الأسئلة قبل خمس دقائق من بداية المباراة، وأوضح الرئيسي أن هناك فوارق بين اللاعب النجم واللاعب الموهبة، فاللاعب النجم هو من يستخدم الجهد المضاف في التدريب والتفكير والتنفس وكل جوانب حياته ليخلق الفارق بينه وبين زملائه، وهنا تكمن أهمية أن تكون لدى مدرب الفريق نماذج سلوكية لبعض اللاعبين، مثل رونالدو الذي قيل إنه يقوم بمئة ضغط بطن إلى 500، وميسي الذي يحضّر للتدريبات قبل 3 ساعات، للتدريب على تقنيات معينة، والجهد المضاف يجعل اللاعب بعيداً عن الإصابات بالتفكير الإيجابي والرضا النفسي عن عدم التقصير والإنجاز اليومي المتكرر.
وهو ما يسمى بالصحة النفسية الكاملة في الأداء، والشعور بالمتعة أثناء التدريب والمنافسة، ويكون اللاعب أقل توتراً وأقل عصبية في النتائج، ومن الأمثلة في ملاعبنا ماجد حسن ومهند العنزي اللذين صنعا نجوميتهما بأنفسهما بعكس اللاعب الموهوب، والموهبة مثل عموري وعلي مبخوت وأحمد خليل، وأكد الرئيسي أن معظم أندية دورينا لا علاقة لها من بعيد أو قريب بالمعالج النفسي والمعد الذهني، بل بعضها يتوجس خيفة من ذكر هذه الكلمة، ويراها ترفاً ومعيبة للبعض الآخر الذي له سابق تجربة، لكن الانطباع عنها لا يشجع على تكرارها، والمؤسف نظرة البعض إلى دور المعالج النفسي، وهي النظرة نفسها التي ينظر بها البعض في المجتمع إلى من يرتاد عيادات الطب النفسي، ويتشككون في قواه العقلية.
وهي النظرة نفسها السائدة في الوسط الرياضي، وهي ثقافة شعوب لا يمكن أن تتبدل بين ليلة وضحاها، وتحتاج إلى وقت ودعم وتوعية من الأجهزة الإعلامية والأندية أيضاً، وأوضح أنه قدّم برنامجاً متكاملاً لمجلس إدارة الشعب بقيادة د. عبد الله ساحوه الذي رحب به ترحيباً كاملاً، إلى جانب الروح العلمية والنظرة الموضوعية اللتين حظي بهما من قبل اللجنة الفنية للمجلس، حيث كان التفاهم والانسجام سائدين بين اللجنة والدكتور في تنفيذ البرنامج، وحقق البرنامج مكاسب ونتائج جيدة مع الفريق.
وأنه رافق الفريق قبل فترة الصعود بثلاثة أشهر والمباراة النهائية للصعود مع فريق الطفرة، وكان التحدي هو الثوب الذي يلبسه كل لاعب يتحلى بالروح المعنوية العالية في الفريق، ما حقق أيضاً مكاسب في بداية الدور الثاني لدوري 2012-2013، حيث استفاد كثير من نجوم الشعب من البرنامج، وتم بعدها إيقاف البرنامج في عهد مجلس 2014م.
وعن أسباب إيقاف البرنامج وتوقف الدكتور أحمد عن مواصلة العمل، لا سيما أن فريق الشعب كان يمر بفترات حرجة وهو مقبل على ضغوط مباريات صعبة ومهمة في إطار معركته في مربع الهبوط، خصوصاً مباريات الدور الثاني التي تعرض فيها لاعبو الشعب لضغوط نفسية هائلة، سواء من الفرق المنافسة أو الجمهور الذي كان يريد للفريق أن يكون ضمن أندية الدرجة الممتازة، يقول الدكتور أحمد الرئيسي إنها رؤية اللجنة الفنية في نادي الشعب آنذاك التي لم تكلف نفسها مجرد الاستعلام عن البرنامج، لتعرف هل هو مفيد أم هو مجرد كماليات لا فائدة من ورائها، واستجابت لتذمر بعض اللاعبين من البرنامج، فتم الاعتذار بشكل حضاري ولبق.
وأوضح الدكتور الرئيسي أن البرنامج قوبل برفض من بعض لاعبي الشعب الرافضين للانضباط والأساليب العلمية الحديثة في تدريب قدرات اللاعبين وتطويرهم، لكن بالقدر نفسه كانت هناك فئة تبحث عن التميز التزمت بالبرنامج، وانعكس على أدائهم وأسلوب حياتهم، ومنهم على سبيل المثال ميشيل لورنس، ومعتز عبد الله، وإبراهيم عبد الله، وعبد الله صالح، وفهد رشود، وسالم جاسم، وراشد الهاجري، ومحمد أحمد، وأحمد عيسى، الذين كان التزامهم علامة فارقة، وكان ميشيل نموذجًا في الالتزام والجدية في التعامل مع البرنامج، ومهما تزايدت عدد الساعات والجلسات كان يصغي باهتمام، ويستوضح الجوانب التي لم يستوعبها في البرنامج، لذا كان طبيعياً جداً أن يكون ميشيل نجماً من نجوم الشعب الذين استحقوا الإشادة من الجميع.
والأمر نفسه انطبق على الحارس معتز عبد الله والآخرين الذين تعاملوا مع البرنامج بعقلية احترافية، فكان معتز بالأخص مثالاً للدقة في المواعيد والالتزام، وكان نجم النجوم في أكثر من مباراة، إلى أن دهمته الإصابة فأبعدته عن التشكيل الأساسي، وعن المهارات التي ركز عليها البرنامج ويرى أنها مهمة جدًا في تطوير قدرات اللاعبين، يحددها الرئيسي بالتالي: 1- تحديد الأهداف 2- تعزيز الانتماء إلى الفريق 3- الترسيخ الذهني 4- التعامل مع عوامل القلق.
أرسل تعليقك