بقلم : عائشة سلطان
لقد انتهى زمن الإعلام المملوك للدول والمراقب بشكل كامل بعد أن أصبحت وسائل ومنصات الإعلام الحديثة ملكاً لجميع الناس طوال الوقت، دون رقابة تذكر أو متابعة، ما سمح للكثير من التجاوزات والاختلالات والجرائم بالظهور، وبالتالي تهديد حياة وأرواح وسمعة وأمن الأفراد والمجتمعات، فطالما أننا نتحدث عن إعلام منفلت وبلا رقابة وبيد الجميع وفي ظل عدم الوعي بالتحديات الخطيرة، فنحن إذن أمام احتمالات لجرائم مؤكدة يذهب ضحيتها الصغار والكبار دون أن ننتبه لطرق الحماية أو الخلاص.
لقد أفرزت التجربة الإعلامية الرقمية ظهور ما يسمى بالجريمة الرقمية، ولهذه أشكالها المتعددة واللا أخلاقية، بحيث لا يمكن حصر المتضررين في شخص أو شريحة، فكلنا عرضة لهذه الجرائم على مدار اليوم، عبر مواقع التواصل، عبر البريد الإلكتروني، عبر الرسائل النصية، الواتس آب... إلخ، عن طريق قرصنة الحسابات، تزوير الصفحات الشخصية، تقمص أسماء وشخصيات مشهورة، متابعة حسابات الفتيات والنساء والأطفال والمراهقين وربطهم بعلاقات عاطفية متدرجة والحصول منهم على معلومات وصور مخلة ومن ثم ابتزازهم بها، ووحده الوعي والتحصن بالحذر واللا ثقة بأحد في هذا العالم الافتراضي هو ما يحمينا جميعاً من التحول لضحايا هذه الجرائم.
هناك مافيا منظمة في فنون الابتزاز، والإيقاع بالأطفال واصطياد النساء والمراهقين، ومن ثم ابتزازهم بنشر صور أو محادثات حصلوا عليها منهم بادعاء الصداقة والإعجاب وغير ذلك، ما قد يودي بحياة هؤلاء أو يدمرهم تماماً أو يقود نساء إلى الجريمة والسرقة وتعاطي المخدرات والدخول في علاقات مشبوهة، وهذا ليس مبالغة لكنها حقائق تعج بها ملفات الشرطة وإدارات مكافحة الجريمة الإلكترونية.
من هنا يأتي دور الأسرة والمدرسة والإعلام فيما يخص إلزامية التوعية والشرح والتوضيح وتحديداً للأطفال والمراهقين وطلبة المدارس، فهناك فتيات انحدرن إلى عالم الجريمة لتسديد ثمن الابتزازات، ومراهقون انتحروا عندما زادت عليهم ضغوطات التهديد والابتزاز من قبل نصابي الفيسبوك مثلاً كما حدث في القضية الشهيرة عالمياً التي عرفت بـ ( أماندا توود ) التي راحت ضحيتها عازفة الجيتار الكندية الموهوبة جداً أماندا توود، وهي في الرابعة عشرة من عمرها بسبب أحد ذئاب الفيسبوك الذي هدد سمعتها وحياتها