بقلم - عائشة سلطان
الكاتب العظيم هو الكاتب الذي تخلده كلماته وأعماله وأفكاره التي تجد طريقها إلى عقول وقلوب الناس بسهولة وإيمان حار لأنها ببساطة تقول ما يودون قوله لكنهم لا يجرؤون ربما، وربما لا يجيدون التعبير بالدقة والمهارة والذكاء الذي يجيده هذا الكاتب، والكاتب العظيم أيضاً هو صاحب الرؤية النافذة، الكاتب الذي يطل من خلال نافذة قلبه على العالم فيرى الحقيقة البعيدة جداً واضحة كالشمس أو كأشجار تتحرك مقبلة مثل ما رأت زرقاء اليمامة الأعداء القادمين إلى قومها فحذرتهم فلم يصدقوها!
ألم يفعل «جورج أورويل» في روايته الخالدة ( 1984) هذا الأمر، ألم يحذر بأكبر قدر من الذكاء والعبقرية وأيضاً السوداوية من مغبة الحكم الشيوعي، من نتائج تسلط (ستالين) أو كالأخ الأكبر ما أسماه في الرواية؟ ألم يصرخ بسخرية عجيبة محذراً من غياب الديمقراطية والعدالة في (مزرعة الحيوان)؟ ألم يكتب الكثير من المقالات التي قال هو عنها إنه كان يراها «أعمالاً فنية» ترتكز على فكرة فضح الكذب؟ ولقد فضح الزيف بأكثر الأشكال عبقرية، لذلك فإن كتبه هذه تعتبر أكثر الكتب شهرة وتوزيعاً في العالم!
كانت مهمة أورويل في الحياة تقدير الحياة والتمتع بجمالها عبر التحذير من غياب العدالة الاجتماعية ومعارضة الحكم الشمولي، لذلك اعتبر عمله العظيم رواية 1984 التي كتبها في عام 1949 أكثر عمل عرف واشتهر به، كما اعتبر الكتاب الأكثر مبيعاً في القرن العشرين!
تعدّ رواية 1984، واحدة من أهمّ وأكثر الروايات والكتب الممنوعة تاريخياً؛ إذ حظيت بالمنع في بلدانٍ عديدة، خاصّة في الاتحاد السوفييتي، وهي آخر ما كتب جورج أورويل، حيث ظهرت في العام 1949 بينما توفي الكاتب عام 1950 متأثراً بمعاناته من مرض السل، ما يصحّ القول إنّها الرواية التي قتلته، فقد كابد واحتمل كثيراً للانتهاء منها رغبة منه في إنهائها لإحساسه أن أيامه في الحياة كانت معدودة!
بعد هذه الحياة الحافلة ألن يفاجئك أورويل حين يقول أو إذا كتب مقالاً بهذا العنوان: لماذا أكتب؟