بقلم - عائشة سلطان
في العلاقات مع البشر ومع الأماكن ومع المدن، هناك إعجاب وهنالك حب، ما نعجب به عادة يكون لافتاً وفاتناً ومثيراً، لذلك فالإعجاب عاطفة مبررة بمعنى أنك تستطيع أن تفند وتقنع الآخرين بوجهة نظرك، أما في الحب فالأمر مختلف، فيحدث أن تحب ما ليس فاتناً ولا جميلاً دون أن يهمك رأي الآخرين، ويحدث ببساطة أن تحب دون أن يكون لديك إجابة أو مبرر أو أدنى سبب، كما يحدث ألا تكون لديك أي رغبة للحديث في الأمر أو تبريره أو وضعه على طاولة الجدال والنقاش.
الحب عاطفة مباغتة، كثيفة جداً، وشديدة العمق، وهي بالتأكيد غير مبررة بالنسبة لك وغير منطقية بالنسبة للآخرين الذين يبحثون وينقبون ويتساءلون: لماذا، ومتى، وكيف «التم الشامي على المغربي»؟ مع أنه منذ أقدم العصور ربطت قصص الحب بين أشخاص بدا للناس أن ارتباطهم مستحيل وغير منطقي، متغافلين عن أن الحب نوع من الإيمان يحتاج لقلب يشعر لا إلى عقل يعقلن ويجمع ويطرح.
إن منطق اختلافات الثقافة والمسافات والجغرافيا لا محل له في جملة التعايش، الأمر الذي جعل مُنظِّر علم الاتصال الشهير مارشال ماكلوهان يؤكد منذ سنوات طويلة، أن أطراف العالم «ستلتم» معاً، وسيتحول العالم لقرية صغيرة، بسبب ثورة الاتصالات، مشكلتنا الثقافية دائماً هي عدم قدرتنا على قبول المختلف والمتغير بصدر رحب، لذلك لا نزال نستغرب أن «يلتم الشامي على المغربي»! مع أن جهات الأرض التهمت المسافات والتمت على بعضها!
لا نتحدث هنا عن الحب بوجه خاص، لكننا نتخذه معبراً نراه سلساً لنصل عبره إلى تلك العقول التي لا تتقبل الإنسان المختلف، والوضع المتغير، والفكرة التي لا تبرير لها، ولا منطق لشيوعها أو قبول الناس بها من وجهة نظر هذه العقول، هؤلاء الذين يفصِّلون الحياة معطفاً على مقاسهم ومقاس قناعاتهم، ويصرون على أنها يجب أن تناسب الجميع، متناسين حقيقة كونية هي أن الناس لا يستوعبهم قياس واحد أو لون أو شكل معطف بعينه، وأن ما تبحث أنت عن تبرير له يقبله غيرك ببساطة، وما تراه أنت ملزماً قد لا يلزم الآخرين.. إنها معادلات الحياة التي نحتاج عمراً لنصل إلى حكمتها وأحكامها!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن جريدة الاتحاد